سياحة لغوية ولاهوتية بين الترجمة الفانداكتية والأصول القبطية واليونانية من خلال بشارة الحبيب يوحنا
البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين
السبت ١٥ ديسمبر ٢٠١٨
الأب أثناسيوس حنين
(أن بداية التربية الصحيحة هى فحص معانى الكلمات )
نبدأ جولتنا ببشارة ذاك الذى لم يتعلم اللاهوت جالسا على مكتبه الضيق بل متكئأ على صدريسوع الرحب ! يرى العلماء اليسوعيون ’بما لا يدع مجالا للشك ’ بأن فى أنجيل يوحنا وجوه شبه كبيرة بالفكر اليونانى أكثر مما فى الأناجيل الأخرى(راجع الكتاب المقدس ’ الترجمة اليسوعية دار المشرق بيروت 1989 ص280-288 ) ’
وكما يذهب أخرون الى أن مقدمة انجيل يوحنا هى قصيدة شعرية فى مدح اللوغوس ’ الذى يحتل مكانة مرموقة عند يوحنا والمسيحيين الأوائل ’ كان يترنم ويتغنى بها المؤمنون فى العبادة قبل أن يأخذها يوحنا ويستهل بها بشارته أى أن مزود الانجيل هو الليتورجية والعبادة والسجود وليس المسارح والمنصات والديسكوتيكات والتنطيط وشغل القرود والصرعات المعاصرة !. ان كلمة (أرشى ) التى , يوحنا البشارة الرابعة ’ وهى ذات الكلمة التى تتوج بدايات سفر التكوين’ كتاب البدايات التى لا بدء لها ’ ’ لا تعنى (البدء الزمنى )’ كما توحى ترجمة فاندايك لان الله لا بدء له ولا نهاية ’ بل هى تعنى (البدء الذى لا بدء له ) أى البدء المطلق ’ وكما ترجمها اليونانيون بلغتهم الحديثة (الديموطيقى) نجدها (قبل أن يوجد كل شئ أنوجد اللوغوس ) والترجمة القبطية سباقة (وهنا لا يفوتنا تقديم الشكر الجزيل للاب الباحث والصديق القمص كيرلس القمص عبد المسيح – بالفشن والذى أهدانى نسخة نادرة للعهد الجديد بالقبطية من مكتبه أبائه العامرة وقد تم طبعها فى عهد البابا يوأنس التاسع عشر من باباوات الاسكندرية والذى ولد فى دير تاسا ساحل سليم اسيوط (ولا يفوتنا أن نتمنى لاسقف اسيوط الحالى والذى يحمل نفس اسم البابا 19 بالشفاء العاجل )عام 1858 وتنيح فى 1942 )’
نقول أن الترجمة القبطية اكثر تعبيرا وعمقا (خين تيارشى) أى فى داخل خون سفينة الزمن وبدايات بداياته وأعماقه (الخون كلمة مصرية قديمة يستخدمها المراكبية للاشارة الى عمق أعماق المركب والذى لا يعرفه أحد الا المراكبى الفهيم ولا يدخله الا الريس الكبير ’ الخون يا محسب ! فيلم صراع فى النيل ).
الكوزموس هى النظام البديع والتى يترجمها (العالم) و يجب الاخذ فى الاعتبار معناها الشامل وتستعملها الترجمة القبطية (كوسموس) وزينة السيدات الانيقات من مجوهرات وخلافه يسميها اليونانيون (كوسميماتا ) .وتؤكد الترجمة القبطية ما سبق واشرنا اليه فى مقالنا السابق بخصوص (واللوغوس صار جسدا وحل فينا ) يقول القبط( أووه بيساجى أففير أؤؤ ساركس أووه أفشوبى أنيخيرى أنخيتين ) وهنا المعنى أعمق بمكان ’ (والساجى أتخذ جسدا وصار فى خون حياتنا أى فى أعمق أعماق سفينة حياتنا ! نأتى الى الأية 18 ( الله لم يره احد قط ...الابن الوحيد الذى فى حضن الأب هو خبر ) كلمة (خبربفتح الخاء والباء ) كلمة صحفية أكثر منها لاهوتية ’ الأصل يقول (أيكسيجيساتو - ايتافساجى ) أى شرح شرحا مسهبا وفياضا وهاديا ومعبرا من خلال الساجى اى اللوغوس .
كما يشرح المدرس الدروس لتلاميذه وتأتى منها شرح الكلمة الالهية كمرادفة لكلمة (ايرمينيا). هوذا حمل الله الذى يرفع خطيئة العالم ) الذى يأخذ على عاتقه فقدان العالم لصوابه ! يجب أن نتفق من البدء على أن ترجمة (الهمارتيا ) فقط (بالخطيئة) ترجمة مضللة ومقزمة للمعنى الشامل للكلمة وتحصرها ’ كما سبق وقلنا ’ فى نطاق اخلاقى ضيق وتبدد معناها اللاهوتى والانسانى الواسع ! الهارمارتيا هى ’ حرفيا عند التراث القديم’ فقدان الهدف عند التصويب أى فقدان الصواب وبعدها تأتى الأخطاء العينية وبالتالى التوبة هى اولا عودة للصواب الاول ومن ثم التنقية مما يعيق الهداية ! ويفضل ترجمتها (الذى أخذ على عاتقه ضياع بوصلة حياتنا ’ وحمل فقدان صوابنا ’ وضياع هدفنا ) لأن المسيح لم يأتى لمحو خطايا ظاهرة واخلاقية ’ ينادى بها أى داعية هائج أو مبشر متحمس !’ ولكنه ذهب الى مصدر الخطيئة الخفى وهو فقدان الطبيعة الانسانية لصوابها أى فسادها ’ والا لكان قد تفضل وغفر خطايا البشر من علو سمائه وهو القادر بدلا من معاناة التجسد والبهدلة والهترة وقلة القيمة !ّ وبدون تجديد الطبيعة البشرية وتقديسها وشفائها من فيروس الخطيئة الخفى القاتل ’ يكون المسيح مات بلا سبب كما يرى الأباء الشراح والكلمة القبطية (ايمفنوفى ) هل أتت منها الكلمة الشعبية (يا دى النوبة ! يعنى المصيبة ! والنايبة يعنى الست المعيوبة والفاقدة صوابها باطنيا ؟ وبعدها تأتى مدايح السفالة وتراتيل قله الحياءوالردح البلدى ظاهريا ! (فى الغد أراد يسوع أن يخرج الى الجليل فوجد فيلبس فقال له اتبعنى ) 43 . الفعل اتبعنى يتبعه رابط هام جدا فى اليونانية ويسمى (القابل ) ويشير الى الصلة الحميمية والصميمية والشخصية بيسوع أى اتبعنى عن كثب وعن قرب (تبت فى ديل جلبيتى زى ما بتقول الام المصرية لولدها فى زحمة السويقة !).
(يوريكا أو أوريكا ! وجدتها ) εύρήκαμενصارت صرخة التى صرخها فيليبس "وجدنا يسوع" تعبيرا شائعا عن الاكتشافات الكبرى ’ قالها بانبهار شديد العالم الكبيرأرشميدس بعد اكتشاف قانون الطفو والذى جدد وغير واعاد صياغة تاريخ البشرية! أن اكتشافنا ثقافة يسوع لا يقل أهمية عن اكتشاف العلماء لقوانين الحياة الجديدة ! يا معلم ’’
عن حق (رأبييئ ) ’ بينما كلمة (معلم)لا بربط القديم بالجديد ραββίعبرانيا (رابييئ) وكان البعض يرى يسوع مجرد رابى يهودى ! ’ كما لا يصح ترجمة (افبلبساسا) بمجرد (نظر اليه )يوحنا 1 :42 بل هى ( حدق اليه وتمعن فى وجهه تمعن الصديق فى وجه صديقه )..
وللحديث بقية