تريزا ماي بين صخرة المحافظين وبئر البركست

تتعرض بريطانيا العظمي لهزة كبيرة علي اثر الصراع الدائر حول الخروج من الاتحاد الاوربي ، والانقسام في حزب المحافظين ، وموقف معارضة حزب العمال ، والخوف من الاحتجاجات التي يقودها اصحاب السترات الصفراء في فرنسا واحتمالات امتدادها الي بريطانيا .

 

يبدو أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى تشهد أسوأ أسبوع فى حياتها السياسية على الإطلاق، فلا تكاد تخرج من هزيمة حتى تدخل فى أخرى، وحتى الانتصار الذى تحققه يأتى مصحوبا بطعم الهزيمة والانكسار، ورغم انها نجت من تصويت لسحب الثقة من نواب حزبها المحافظين في البرلمان أمس الاول الاربعاء، لكن وصول حجم المعارضة لها للثلث كان صدمة لها في الوقت الذي تحاول فية ان تعبر ببلادها مأزق الخروج من الاتحاد الاوربي .

 

الامر الذي جعل صحيفة الجارديان تعلق علي التصويت علي ان النتائج تشير الي ان الثلث ضدها بما يعني ان المعركة ضدها حامية في المضي بختطها للبركست في البرلمان .

 

ومن جانبها علقت هيئة الاذاعة البريطانية(بي بي سي ) أن مستوي المعارضة ضد ماي غير مريح علي الاطلاق ويعتبر ضربة موجعة لسلتطها ، وكان 200 نائب صوت لها مقابل 117 ضدها ، بعد سباق مرير يكشف عن الانقسام في المحافظين علي خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي .

 

قالت ماي وهي تخرج من دواننج ستريت :" ان حزبها لدية مهمة جديدة بتحقيق البركست الذي صوت من أجلة الشعب" ،وحثت النواب من جميع الاحزاب "للتعاون لتحقيق البركست في سياق المصلحة الوطنية "

 

لكن النائب جيكوب ريس موج ، قائد حملة المعارضة لماي والذي دعا الي سحب الثقة منها ، راي ان نتيجة التصويت "مروعة لرئيسة الوزراء " ودعاها الي الاستقالة ، وعلي العكس راي الوزير السابق داميان جرين ان التصويت يعد "انتصارا رائعا لماي".

 

اما سي ان ان الامريكية فقد رات "ان انتصار ماي يحميها لمدة عام اخر" ، ووصفت التصويت "لم يعكس اي شيئا دراميا "، واضافت سي ان ان :"الامر الذي يجعل تريزا ماي ستظل رئيسة وزراء للمملكة المتحدة لبريطانيا العظمي وايرلندا الشمالية حتي 29 مارس القادم" ،وهو اليوم المقرر فية ان تغادر بريطانيا رسميا الاتحاد الاوربي.

 

لكن نتائج التصويت يجعل القضية برمتها في موقف غريب ، فالاتفاق الذي طرحتة ماي لم يحظي بدعم كاف من أعضاء حزبها المحافظين للعديد من الاسباب ، ولكن السبب الاساسي يتعلق بالحدود الايرلندية التي تترك لبريطانيا مؤقتا في اتحاد جمركي لتفادي وضع صعب علي الحدود مع ايرلندا الشمالية .

 

وتختتم سي ان ان تقريرها بالقول :"هكذا اصبحت ماي عالقة بين صخرة ومكان وعر، مابين الاتحاد الاوربي غير المستعد للبدء من جديد في مفاوضات علي الاتفاق وبين مجلس العموم غير المستعد لقبول هذا الاتفاق مع الاتحاد الاوربي "

 

لكن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي،قالت " في تصريحات أدلت بها اليوم امس الخميس عقب وصولها إلى بروكسل للمشاركة في أعمال قمة الاتحاد الأوروبي التي ستتطرق إلى موضوع انسحاب المملكة المتحدة منه ، وأود قلبيا أن أقود حزبي في الانتخابات العامة المقبلة، لكنني أعتبر صحيحا رأي الحزب أن عليه أن يخوضها بقيادة زعيم جديد في الانتخابات التالية ستجري عام 222 "".

 

وامتنعت ماي مع ذلك عن تحديد موعد دقيق لاستقالتها من زعامة حزبها وبالتالي منصب رئيس الوزراء البريطاني، مشددة على أنها تعطي الأولوية في الوقت الراهن لضمان انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولفتت ماي كذلك إلى أنها لا تتوقع تحقيق اختراقات ملموسة خلال المباحثات حول "بريكست" في إطار قمة الاتحاد الأوروبي، إلا أنها أعربت عن أملها في أن يسفر هذا الاجتماع عن "إطلاق العمل حول الضمانات الضرورية في أسرع وقت ممكن، وأكدت ماي موقفها هذا بعد أن جرى في صفوف حزب المحافظين، الذي تتزعمه حاليا، الخميس، تصويت حول حجب الثقة عن رئيسة الوزراء بمبادرة من مجموعة السياسيين المعارضين لسير المفاوضات بين لندن وبروكسل بشأن بريكست".

 

من جهة اخري صرح زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين بأن حكومة تيريزا ماي في حالة فوضى، ونجاتها من حجب الثقة كزعيمة للحزب المحافظ لن يؤثر على حياة المواطنين

 

وقال كوربين في بيان له في أعقاب تصويت الحزب المحافظ على حجب الثقة عن تيريزا ماي، إن "تصويت اليوم لن يؤثر على حياة المواطنين، وقد فقدت رئيسة الوزراء الأغلبية في البرلمان وحكومتها في حالة فوضى وهي غير قادرة على إتمام بريكست، بالشروط التي من شأنها أن تتجاوب مع مصالح البلاد وتدعم سوق العمالة والاقتصاد"

 

واعتبر كوربين فارق الـ 83 صوتا الذي حصلت به ماي على ثقة حزبها، ضئيلا جدا بالنسبة للحديث عن سيطرتها على الحزب.

 

وأضاف زعيم المعارضة البريطانية أنه "من الواضح أن ماي غير قادرة على إجراء مفاوضات حول التعديلات الضرورية (على الاتفاق بشأن بريكست) في أوروبا، وعليها أن تعيد الأسبوع القادم صفقتها إلى البرلمان ليتمكن مجلس العموم من تولي السيطرة على هذه العملية"

 

وأكد كوربين استعداد حزبه لقيادة البلاد والتوصل إلى صفقة مع الاتحاد الأوروبي بشأن ظروف انسحاب بريطانيا منه.

 

هكذا بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي والاحتجاجات التي تجتاح فرنسا وتمتد الي بروكسل ، والاضرابات التي تحدث في المانيا ، يبدو ان الاتحاد الاوربي علي شفا ازمة كبري .