الأقباط متحدون - غوغاء الثورة
أخر تحديث ٠٧:١٨ | الاثنين ٢٢ اغسطس ٢٠١١ | ١٦ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٩٣ السنة السادسة
إغلاق تصغير

غوغاء الثورة

بقلم: عزت بولس
تعيش مصر الآن أحداثًا جعلت المرحلة التي تمر بها توصف بأنها "غاية في الخطورة" بكل ما تعنيه الكلمة من معاني،وتلك الوضعية الخطرة لطبيعة المرحلة المصرية تتطلب أن يكون هناك"حكمة" من قبل من يُديرون شئون البلاد لإحداث نوع من "التوازن السليم" إن صح التعبير للتعامل مع الأحداث المتلاحقة الاشتعال.

لتحقيق تلك الحكمة يحتاج القائمين على أمور البلاد أن يكون لديهم القدرة على استخدام"الحزم الشديد" لتفويت الفرصة على كل من يُريد "توريط" مصر في مأزق قد يصعب الخروج منه مستقبلاً ،خاصة في ظل مؤامرات تُحاك بحنكة ضد بلدنا من قبل أناس هم في حقيقة الأمر ليسوا إلا حفنة من الغوغاء الذين لهم مصالحهم الخاصة والتي هي في حقيقتها مرتبطة بشكل أو بأخر بمصالح بعضًا من دول الجوار التي تملك عداءًا مفرطًا ضد مصر المدنية وتريدها معها في قاع وضحالة الشكل الديني.

نجح هؤلاء الغوغاء- أصحاب المصالح الإقليمية مع السعودية وحماس تحديدًا- في دفع التطورات الأخيرة بسيناء إلى أن تأخذ منعطفًا خطيرًا يُزيد من شكل التوتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية مما قد يدفع بالأولى – مصر- للانجراف إلى مغامرة معروفة النتائج مسبقًا.
المتابع للأوضاع في سيناء حتى قبل الأحداث الأخيرة يعلم تمام العلم أن جماعة حماس ورجالها في مصر الممولين من قبل الحركات الإسلامية " الاخوانية" لا يريدوا لمصر خيرًا أو سلامًا بل حروبًا مُضيعة لكل شيء ومحسومة النتائج أيضًا،تلك الجماعات تحاول السيطرة أو بمعنى أدق الخداع للقطاعات العريضة من الشعب المصري البسيط بالتظاهرات الحماسية والشعارات الحنجورية التي يُطالبون فيها بمنحهم السلاح لمحاربة إسرائيل.
تُصدق الجموع البسيطة من الشعب المصري مُطالبات هؤلاء،وينسوا في غمار عاطفة التأثير عليهم أن تلك الجماعات الدينية في غالبية الأحيان- كحماس والأخوان المسلمين- يتم دعمها من قبل بعض البلاد العربية ماديًا وأيدلوجيًا بما يسمح لهم بتنفيذ أعمال تفجير في سيناء ليس من أجل دفاع عن قيمة أو مواجهة عدو، وإنما لإعلان سيناء إمارة إسلامية لخراب مصر كما يرغب الممولين والداعمين.

المتربصون بمصر يعلمون جيدًا أن نقطة الانفجار كنتيجة للانفلات العاطفي، يبدأ من "سيناء" تلك المنطقة الحساسة جغرافيًا والتي لم يقوم نظام مبارك خلال الـثلاثون عامًا الماضية بأعمال كافية لإعمارها ودعم من يعيشون فيها من بدو بصداقات وليس عدوات لاحتواء خطر قادم كالذي نحن فيه الآن.
إن مطالب غوغاء الثورة بكل جدية هي خطيرة إلى الخلف- لمُستغلين لطهارة الشباب وعدالة مطالب ثورة 25 يناير مُتسلقين إياها للوقوف على قمتها وتوجيهها دون وجه حق-وتشبه مطالب ما قبل نكسة 1967 ،وإن اختلفت اليوم بأنها تحت قيادة النجم الساطع وحلال المشاكل- نظرًا لكونه يُستعان به في جلسات الصلح العرفية لأعقد الأزمات الطائفية- والرجل حقيقة يستخدم أفضل الشعارات الممكنة عن إدراك وذكاء كامل بالعارف بحقيقة وقعها على المواطن المصري من قبيل"خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود".

وهنا أتساءل: أين كان الداعية عندما قتل الفلسطينيين مواطنين وجنود مصريين على الحدود؟؟؟ أكان غير موجود؟؟؟ أم كان دوره لم يُرسم له بعد؟؟؟
أجواء الشحن المقيت حاليًا تُذكرني بحالة الشحن الذي عاشته مصر قبيل يونيو 1967 الفرق يكمن في شخصية من يقوم بالشحن والتحفيز كما ذكرت والتي تمثلت في الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أراد أن يعوض "وكسة" الانفصال عن سوريا ومستنقع حرب اليمن، بـ"فرقعة" تضعه محط الأنظار، فجلب لنا نكسة أرجعتنا عشرات السنوات للخلف.

المؤشرات تقول أن التحفيز والشحن فيما يتعلق بسيناء حاليًا يدفع باتجاه المواجهات العسكرية كما يحلو للأشقاء العرب،وهو ذات الدور الذي قام به ذات الأشقاء قبيل حرب 1967 عندما انتقدوا بشده وجود الأمم المتحدة في شرم الشيخ مما دعي عبد الناصر إلى طلب الأمم متحدة بسحب قواتها منها وإغلاق ممر الملاحة في وجه إسرائيل، فكان ذلك النهج بمثابة إعلان الحرب التي انتهت على الأرض ولكننا لازلنا نعاني من نتائجها السلبية حتى الآن.
إنزال علم إسرائيل من على سفارتها التي تعتبر حسب القوانين الدولية أرضها- مع التغاضي عن إعلاء أعلام السعودية في ميدان التحرير قلب الأرض المصرية- لهو موقف يجب التصدي له بشجاعة وعدم تحويل القائم به إلى الشهير بـ "سبايدر مان" إلى بطل قومي حتى لا ننزلق إلى منهج يصعب تعديل أو فهم منطق من استحدثوه.

هناك معاهدات تم إبرامها مع إسرائيل، معاهدات مُلزمة أبعدتنا عن شبح الحرب، وقد كان من الممكن جدًا وفي استطاعتنا لو وفقنا للقيادات الصالحة، أن تصبح مصر بفترة السلام تلك واحدة من أكثر بلدان العالم حضارة وليس ما نراه الآن من عشوائيات سكانية وفكرية.
نتوقع من أعلام بعد 25 يناير أن يختلف بكيفيات جديدة عن أعلام عصر " مبارك " الذي لعب دورًا في تأجيج الكراهية ضد إسرائيل، وتُرك العنان لجميع المُنفعلين والمُنتفعين أيضًا في تخطيط مانشيتات تتصدر صفحات مفعمة بأقصى صور الهجوم والنعت للعدو الاسرائيلى المزعوم ، متغاضين بجبن عن علاقات مبارك الودية مع رموز حكام إسرائيل وزيارتهم المكوكية له في منتجع شرم الشيخ!!

العجيب أن هؤلاء أنفسهم – قائدي وصانعي الكراهية- لم يتطرقوا إلى حجم سوء معاملة البلاد "الشقيقة" لكل كل ما هو مصري، ذلك لأن الأموال المُتدفقة من تلك البلدان أشترت ضمائرهم.
خلاصة القول أن الاعتداء على الجنود المصريين على الحدود مرفوض تمامًا ويجب الاحتجاج علية بكل الوسائل الدبلوماسية المتاحة لوزارة الخارجية، ولكن يبقى أن يحافظ من يملك زمام الأمور في مصر ألا ينجرف وراء تظاهرات لأناس هدامين باعوا هوية مصر منذ زمن والجميع يعرف لصالح من يعملون.
إن ضبط النفس بالمرحلة الحالية من تاريخ مصر مطلب هام ويدل على القوة وليس الضعف،فالضعيف هو من يترك ذاته لعواطفه لتقود مصيره هو شخصيًا وإن كان قائدًا يتركها لتدمر شعب عبر مغامرات محسومة النتائج مقدمًا،ولنعرف جيدًا أن دخول إسرائيل لسيناء مجددًا قد يعنى عدم خروجها منها مرة أخرى.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter