الأقباط متحدون - داعش يدعشش فى الدماغ
  • ٠٧:١٠
  • السبت , ٨ ديسمبر ٢٠١٨
English version

داعش يدعشش فى الدماغ

باسمة وليم

مساحة رأي

٤٣: ٠٥ م +02:00 EET

السبت ٨ ديسمبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

باسمه وليم  - أسيوط
+ حاولت ان اقتسم معها حديثها ( لمحتها تحادث  نفسها  ! ) عندما مرت من امامى - زميلتى - وهى تسير ببطئ فى احدى الطرقات الممتده ما بين مكاتب و ادارات احدى المصالح الحكومية .. كانت تحملق فى الهواء نحو اللاشيئ .. باناملها ترسم علامات دائرية فى الافق ، تتمتم بكلمات مسموعة وغير مفهومه .. العاشرة صباحا .. حيث ماكينة العمل الحكومى الروتينى المترهل .. ربت على كتفها وهمست فى اذنها ( هونى على نفسك يا عزيزتى .. الدنيا ما تستاهلش ) وسألتها مالك يا فلانه .. هل ضايقك احدهم؟!  تنهدت وقالت : لا . لا .. حاولت - بدورى- جاهده بما املك من كلمات استحضرتها للتو التخفيف عنها لكن يبدو ان الامر كان اكثر صعوبه مما كنت اتوقع ؟! بدأت اتراجع قليلا لابتعد عن مشهدها واتركها لحال سبيلها .. انزعجت هى بدورها وقالت لا . لا انا محتاجه لك ! اسمعينى من فضلك واستطردت تروى مايدور بداخل ذهنهاا بالقول : انا باشعر بالاختناق .. فى هذا المكان شيئ ما يقبض على ( زمارة  عنقى ونافوخى هايطير )  .. ولا استطيع ملاحقة انفاسى ، الموت ينشب باظافره في كيانى ، ويلاحقنى .. ربت على كتف زميلتى وهمهمت بالقول :  اكيد علشان احداث دير الانبا مقار ؟ ودير الانبا صموئيل؟  ورد فعل زملاءنا يعنى .. يعنى الموضوع ما بقتش مستحملة ؟!

+ قالت : انا مجروحة ياناس لا استطيع الاحتمال اكثر ؟! روت بالقول : طرقت باب غرفة المكتب هذا الصباح عدة طرقات – هكذا استكملت -  قبل دخولى  ..وصحت ( صباح الخير يا جماعة ) لعل احدهم يلتفت الىً او يشعر بوجودى .. كررت المحاولة وأنا ـحاول الابتسام : (صباح الخير يا زملائى الاعزاء ) فى محاولة جرت من جهتى لتلطيف وترطيب الاجواء المشحونه بداخل المكاتب .. حالة من الهياج والصياح والشتائم المتبادلة .. يبدو اننا فى سوق وصاحبه غايب .. الجميع يتقاذفون بالكلمات ويتبادلون الاتهامات والنقد لكل شيئ ، لقد افترش المكتب بالوليمه الصباحية لكل الاحداث والاخبار والدراما وروايات ضحايا الاحداث الارهابية والتوك شو ومقاطع الفيس بوك وشاشات الدم .. ولا يستطيع احداً ان يقول ( كفى ) .

+ تشجعت  قالت الزميلة وأستكملت  حديثها : عدت اطرق الباب خارج المكتب باشد قوة وصرخت .. يا جماعة صباح الخير .. الا يسمعنى احد .. ابتسمت وقالت بالطبع لم اتلق رداً .. فيما صمت بعض الزملاء لانشغالهم بترتيب الاوراق داخل الاضابيروالملفات الملقاه بأهمال اعلى واسفل الارفف وتزحم مكاتب الصاج ودواليب الالوموتال المتهالكة وفى يأس : كررت عبارتى ..( صباح الخير ) لم يرد احد .. فيما اشاح البعض بايديهم تجاه الموقع الذى لا زلت اقف  بجوارة عند باب المكتب .. وتنبه احدهم اخييييرا ثم قال : خلاص ياستى عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. جاءتنى الكلمات من بعيد بمعنى اصمتى واللا

+ تكررت محاولاتى اليائسه .. كم كنت فى اشد الاحتياج هذا الصباح ( قالت زميلتى )  الى اهتمام الزملاء مع ابتسامة لطيفة من احداهن علنى اشعر ببعض الامان وسط غوغائية الاحداث ورعبها قلت : كل عام وانتم بخير .. السنة دى مرت سريعا لكننى لم اتلق ايضاً رد ، ماحدش بيرد .. هرج ومرج – صياح  وصراخ وضوضاء ، اضطررت للدخول واقتربت من احداهن والتى تجاورنى فى المكتب وخاطبتها بلطف بالقول : ازيك يا  يا مدام ( سعدية ) .. انشاء الله تكونى عاملة ( اكلة حلوة ) وتعزمينى على الغذاء النهاردة .. واهو يبقى (  زيتنا فى دقيقنا ونعتبرة غذاء الوحدة الوطنية ) .. ها ها ها .. كما يرددون .. يبدو ان كلماتى نزلت على زميلتى كالصاعقة وانا لا ادرى فاطلقت صرخة !! دفعتنى لاغلاق فمى ( بالضبة والمفتاح ) صاحت قائلة : قلت لك يا فلانه مائة الف مرة انا ما اسميش ( سعدية ) ولا زفت – لما تكلمينى قولى لى يا ام كريم ما تكرريش اسم ( سعدية ) تانى فى المكتب ولا أى أسم  ست قولى أم فلان .. انتى فاهمة وللالأ ..؟!

+ والى هنا وقد وصلنا الى نهاية الممر .. توقفت بدورى للتو وتركت زميلتى المسكينة  لتمضى الى حال سبيلها تجر قدميها جراً فى سيرها للعودة الى مكتبها فليس لدىَ ما يداوى جراحها .. وفى طريق عودتها رجعت تحملق فى اللاشيء وتتمتم بكلماتها الغريبه والغير مفهومه .. 

+ لم استغرب البته لما حدث لزميلتى ..  استدعيت من ذاكرتى هاتين الحادثتين واللتين لم ولن تحدثا فى اى بقعة أو مكان فى العالم  كلة وقد اهتزت لهما مواقع التواصل الاجتماعى وقتئذ ،،على ماأذكرمايو2017  أولهما : المشاجرة التى ظهرت على الفيس بوك وتبادل الفيديو الخاص بها مئات الالاف من مرتادوه .. أعنى تلك  المشاجرة التى احتدمت ما بين فتى يتقاطر نشوة وفرحا وهو ينهش بمخالبه أقصد أظافرة  ( بكلب مسكين ) ويمسك ما بين يديه بام راس ( الكلب ) ليهزها بعنف وقوة ويواليها بلكمات قاتلة وفيما يطلق ( الكلب المسكين ) انين الموت طالباً الانقاذ  تزداد ركلات الصبى فى البطن فيما يقف ( الكلب ) على قدميه الخلفيتين يتلوى فى مشهد مريع ليتجمع زملاء الفتى والمارة ويحيطون بحلبة الصراع دائريا فى احدى الشوارع الشعبية ويطلقون صيحاتهم الهستيرية مشجعين زميلهم اضرب ..  اضرب كمان ..؟!ويسرعون بالتقاط صور نشوه الانتصار.

+ وثانيهما كان مسرحها منطقة جبلاية القرود بحديقة حيوان القاهرة .. حيث تم تشيير عدة صور يظهر فيها فتيان صغار وهم يقفزون من اعلى السور الحجرى المحيط بجبلاية القرود وينشرون الفوضى والرعب ما بين ساكنيها يهرولون مسرعين فى اثر القرود فى محاولات متكررة للامساك بمن يستطيعون منها والشجار والهجوم على القرود ومحاولات اللحاق بها وهم يطلقون صيحات اللهو والعبث وسط تشجيع المتفرجين وصيحاتهم والتقاط الصور التذكارية للمشاهد اللاحضارية وبثها للعالم .

+ وان كان لا يفيدنا ( اللف والدوران ) عبر تلك ( الحلقات المفرغه ) واطلاق التساؤلات حول ما هذا ولماذا ؟ لان ذلك اصبح واقعنا الذى نتعاطاه يوميا .. اذكرمثلا  ابنتى واحدى زميلاتها بالامس دخلن لاداء الامتحان الشفوى فى بكالوريوس الطب باحدى الجامعات الاقليمية .. جاء دورهن فى الدخول واحدة تلو الاخرى ليفاجئا بالاستاذ الدكتور تنتابه حالة من التقزز لمجرد ان لمحهما من بعيد ( بدون غطاء الراس ) ليهب للوقوف ثم يعاود الجلوس على مقعده .. ثم يفحص الاسماء ويعاود ترديدها ويستعيذ بإسم الله فى مواجهة تلك الكائنات الانثوية الغريبه التى تقف امامه .. خلع نظارته حتى لا يتعثر فى رؤيتهما واخذ يبرتم بعبارات غير مفهومه ثم اسند جبهتة باحدى يديه.. فهمت الفتيات بان المطلوب هو ان ينصرفن من امامه فوراً ..

+ لا غرابة والحال هكذا .. مواقف تتبلور وتتشابك من نمط الاجنة الداعشية التى تعشش فى الدماغ والتى تبث روح الكراهية العنيفه .. والتى كانت ومنذ سبعينات القرن الماضى (دفينه الاذهان) كثيرا ما تنتفض فى اطار بعض الحوادث الطائفية هنا وهناك ثم ما لبثت ان تهدأ وتعاود الانطلاق ،،،الى أن انطلق المارد من القمم فى الوقت المرسوم  وفق خططها الممنهجة ووجدت مناخا خصبا فى عملها الميدانى فى منطقتنا تحت ستار انتفاضة الميادين والتى اسقطت عتاه وجبابرة الانظمة الدكتاتورية وبدلا من ان ترفع الاقنعه عن صراخ المساكين والبؤساء انكشف القناع عن مسارها الظلامى ، لتحتضنها التنظيمات الوحشية لتترك المنطقة تحت حصار الوجه القبيح للتدين الظاهرى المزيف الذى تجيد صياغته بكفاءة اقنعة الشخصية المصرية وريثه الفرعنه بسماتها وخصائصها فيما يشبه ( الانفصام الكيانى ) بالمعنى الدارج ( من بره هللا هللا ومن جوه يعلم الله ) مزيجا غريب ينشط على الحدود فى المنطقة الرمادية بداخل النفس ما بين الحق الباطل – النور والظلمة – مملكة الشر والخير .. ولتترك الشخصية صرعى  لاخلاقيات ولسلوكيات الغاب .. وما بين هذا وذاك ترعرعت تلك الروح الداعشية الاظلاميه بسحبها السوداء ومناهجها القاتمة التى تغلغلت وتوغلت وتملكت ، فاطلقت من معسكرات تدريبها  تلك القنابل البشرية ودمى الشيطان وقوى الشر كأسد زائر تقتل وتسحق وتحرق وتدمر .

+ ولا عجب ايضاً والخيوط هكذا متشابكة .. ان يترك الداعشيون الاطفال والنساء الجرحى على ارض معركتهم اللاحضارية واللانسانية فى طريق دير الانبا صموئيل المعترف بعد ان سفكوا دماء الشهداء .. لتتحقق استراتجيتهم ( كما اعلنوا ) فى انتاج  شهودا لتسريب مشاهد  ما حدث فى صحراء المنيا عبر الفضائيات –  ومواقع التواصل الاجتماعى التى اصبحت اداة فعالة تعمل لخدمة استراتجيه ( الروح الوحشية ) لتنقل احداث الموت وحواديت الشر بالقتل والتهديد والذبح لتبثه الى العالم فى اتاحة العلانية .. وقد نجحوا بالفعل .. فالهدف يمتد لضحايا اخرين لتصنع اجيالا اعتادت مشاهد الدم والذبح والسلوكيات المصاحبة لها .. فليست اجساد البشر هى الضحية بل تمتد الروح الداعشية الى اعماق النفس البشرية لتترك بصمات اليأس والاحباط ، التعثر والخوار و اليبوسه ، ..وتقسى القلب وجفاف المشاعر ، الكذب والغش والخداع...و

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد