اهتمام المجتمع
د. مينا ملاك عازر
٥٣:
٠٩
ص +03:00 EEST
الاربعاء ٥ ديسمبر ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
للأسف أيها السادة، مجتمعنا لا يهتم بالجائع إلا إذا أن كان ناخباً ولا يهتم بالعاري إلا إذا كان امرأة، ولذا اهتم المجتمع كله بما عرته وكشفت عنه رانيا يوسف من جسدها، ولم يهتم بما كشف عنه تعنت ضباط الأمن بمنعهم توصيل المعونات لدير الأنبا صامويل، وكأنهم يعاقبونهم على أنهم دير وأنهم رهبان مسالمين في مكان مقطوع يسهل للإرهابيين في غياب من الداخلية وفي بعض الأحيان بتواطؤ وإهمال أن يقتلوا المسحيين على دروب الوصول للدير.
مجتمعنا للأسف، انقسم قسمين واحد يدافع عن فستان رانيا وحريتها في ارتداء ما شاءت، والآخر يهاجمها ويبحث في القانون لمعاقبتها، وفي نفس الوقت تخلت رانيا عن مؤيديها والمطالبين بحريتها وحرية من على شاكلتها من بنات جنسها، إذ اعتذرت، وأوجدت لنفسها المبررات من أنها لم تكن مقدرة الموقف أو أن البطانة إترفعت، فتركوا المدافعين عن حرية الملبس في مواجهة مدعي الأخلاق.
الذين يتهمون مؤيدي حرية الملبس بأنهم ذوي مكيالين، إذ يرفضوا النقاب كشكل من أشكال التدين رد عليهم الباشمهندس نجيب ساويرس حين قال المشكلة في النقاب أنه يُجهل وجه من أتعامل معه، ويجعلني في خطر أمني أولا وانقطاع إنساني مع من أتعامل معه والمسألة في الحقيقة ليست كيل بمكيالين من أحد، فيكفي الدولة فقط أن تكيل بمكيالين، إذ تترك الإرهابيين ينقلون معداتهم وأسلحتهم في دروب الصحراء الداخلية، وينفذون عملياتهم، وتمنع رهبان من أن يقتاتوا وأن يصلهم حقهم في الغذاء والشراب ليبقوا على قيد الحياة.
يهتم مجتمعنا الشرقي بجسد المرأة، وينزعج من أنها تعري نفسها ولا ينزعج ولا يقف أمام هؤلاء الذين يعرونها، وهل نسيتم ما جرى بالتحرير والسؤال الخالد إيه اللي وداها هناك؟ وإيه اللي لبسها عباية بكباسين؟ وأسئلة من هذه الشاكلة التي تكشف عن مجتمع يعاني من انفصام في الشخصية المجتمعية.
يهتم المجتمع المصري برفع بطانة فستان رانيا ويتجاهل تأثير رفع سعر الدولار الجمركي، بل ولا يكلف أحدهم قراءة ماهية السلع الترفيهية في نظر الدولة التي يطبق عليها رفع وتحرير سعر الدولار الجمركية، ولا يسأل أحد لماذا يا دولة والاحتياطي في تزايد بحسب مزاعمكم وتأكيداتكم تلجأون لمثل هذه الخطوة؟ ولماذا لا يتراجع سعر الدولار في البنوك من الأصل بينما تراجعت الفنانة رانيا عن موقفها من ارتداء الفستان!؟
ينشغل مجتمعنا بثياب الفنانات وفساتينهم، ولا يفكر أحدهم فيما يرتدي فقراء هذا الوطن؟ بينما البرد قادم يدق الأبواب ويصفعها بعنف، والرواتب لأحسن الموظفين لم تعد قادرة على شراء ما يدفئ أجساد بالية تحمل على رقابها عقول تنشغل بما هو أبلى، وهو ما تعرى وما انستر.
المختصر المفيد أنتظر المزيد من الفقاعات المغيبة لما يحدث في الخفاء لإتمام حملة تشويه الدستور.
الكلمات المتعلقة