خبراء: القوانين الزراعية المعطلة تفتح أبواب الفساد وركود المحاصيل المحلية.. وتطبيق "الزراعة التعاقدية" الحل الأمثل
مشكلات عديدة واجهتها الزراعة المصرية خلال الآونة الأخيرة، فتارة ترتفع أسعار المحاصيل، وتارة يواجه الفلاحون أزمة في تسويق محاصيلهم، والعامل المشترك في الأزمتين كانت المحاصيل المستوردة، فالاستيراد بحسب عديد من خبراء الزراعة أصبح بيزنس، وأصبح لكل محصول من المحاصيل "مافيا" تسيطر على توافر المحصول في السوق بل وتتحكم في أسعارها.
وأكد الخبراء المعنيون بالشأن الزراعي أن المستفيدين من عمليات الاستيراد اتجهوا في الفترات الأخيرة إلى استيراد محاصيل لسنا بحاجة إليها، الأمر الذي ينعكس بالسلب على المحاصيل المحلية، ويؤدي إلى ركود المحاصيل الزراعية لحساب المستوردة.
وفي هذا السياق قال الدكتور سعيد خليل، مستشار وزير الزراعة الأسبق، إن مصر هي الخاسر الأكبر من عدم وجود استراتيجية واضحة للزراعة، حيث أصبحت مافيا المحاصيل هي المتحكمة في السوق المصري، مشيرا إلى ان أكبر دليل على التخبط الحادث فى وزارة الزراعة نتيجة غياب الرؤية الاستراتيجية لمستقبل الزراعات المصرية ما حدث الشهر الماضي في أزمة البطاطس التي يبلغ إنتاجنا المحلي منها نحو 130 %، ومع ذلك وقعت أزمة وواجهنا شبح العجز بسبب جشع بعض التجار.
ولفت الخبير الزراعي إلى أن الأزمة التي تهدد مصر هي الاستيراد بشتى أنواعه إذ تستورد مصر الكثير من السلع الأساسية التي لا غنى عنها مثل القمح والذرة الصفراء وفول الصويا والقطن وقصب السكر والبنجر، والتي وصلت فيها الفجوة إلى ما يقرب من 70 %، فيما نستورد 100 % من احتياجاتنا من الزيوت.
وأضاف خليل، في تصريحاته لـ"البوابة نيوز"، أن الزراعة المحلية هي عصب الحياة إذ تمثل الأمن الغذائي للبلد، ومن هنا يجب أن تعمل الحكومة بكافة قطاعاتها على الاهتمام بالزراعة ومكافحة مافيا الاستيراد والاحتكار، وتقديم أقطاب مافيا الاستيراد والاحتكار للمحاكمة، مشيرا إلى أن هناك بعض المسئولين الذين يعملون على تسهيل مهمات رجال الأعمال من كبار المستوردين للمحاصيل الزراعية، وهم الذين يتوجب علينا محاكمتهم أولا.
وتابع: "وقبل المحاكمة يجب تفعيل القوانين المعطلة لتحقيق الاستفادة للزراعة المصرية بدعم المزارعين، من خلال تفعيل قانون الزراعات التعاقدية الذي يقضي على أزمات التسويق التي تكررت في العديد من المحاصيل مثل القطن والذرة وغيرها".
وأكمل قائلا: "أزمتي القطن والذرة هما أكبر مثال على التلاعب في الاستيراد لمصلحة فئة معينة من رجال الأعمال، فالفلاحين زرعوا ٣٣٦ ألف فدان، أنتجنا منه ٢.١ مليون قنطار قطن، وظلت موجودة لدة المزارعين بسبب تخلي وزارة الزراعة عن تسويق المحصول، في حين تم استيراد ٢.٢ مليون قنطار قطن شعير، إضافة إلى ٦.٧ مليون قنطار غزل لتشغيل المصانع المحلية، وهو الأمر نفسه الذي حدق في الذرة حيث إنتجنا كميات ضخمة من الذرة الصفراء، إلا أن الفلاحين لم يجدوا من يشتريها منهم، فى الوقت الذى تشترى مصر ٨.٧ مليون طن من الذرة الصفراء، بما يعادل ٢ مليار جنيه سنويا.
أما الحاج حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن آفة الاستيراد أصبحت السمة السائدة في الفترة الأخيرة، فاليوم نأكل فول إنجليزي وقمح روسي وخلال أيام ننتظر الأرز الصيني كي يغزو الأسواق، داعيا وزارة الزراعة إلى ضرورة وضع سياسة واضحة تضمن مستقبل الغذاء في مصر.
وأكد أبو صدام، في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" أن عدم وجود مخطط مستقبلي للزراعات المصرية من شأنه تهديد مستقبل المحاصيل الأساسية، ويضيع حلم الاكتفاء الذاتي من المحاصيل، وطالب وزارة الزراعة بضرورة العودة لمعاونة المزارعين ومساندتهم من خلال دعم تسويق المحاصيل المحلية حتى لا تحدث أزمات التسويق كما حدث في أزمة القطن والذرة وغيرها من المحاصيل التي ظلت في مخازن المزارعين غير المؤهلة للحفظ والتخزين، كذا غياب غياب الإرشاد الزراعي والتشريعات المسانده للفلاحين وترك الفلاحين بدون غطاء مالي.
وتابع: "لاحظنا خلال الفترة الماضية صدور العديد من القرارات العشوائية دون دراسة واعية لوضع الفلاحين مثل قرار منع زراعة الأرز ضمن خطة لتوفير المياه إلا أن هذا لم يتحقق فلم تتوفر المياه بل أنه تسبب في تحمل ميزانية الدولة أعباء إضافية بملايين الدولارات لاستيراد الأرز إرضاء لكبار المستوردين والخوف من نقص المعروض، كما أدى القرار العشوائي إلى ظهور حالة من السخط العام لدى المصريين ومزارعي الأرز نتيجة ارتفاع أسعار الأرز كوجبة أساسية للمصريين وتعرض المخالفين لغرامات جائرة وتلف وتملح مئات الأفدنة القريبة من البحر نتيجة تعرضها للمياه الجوفية العالية لعدم غمرها بالمياه جراء عدم زراعة الأرز".