* "نبيل عبد الفتاح": لا يجوز الإحتجاج بالاستفتاء على التعديلات الدستورية، ويحق لـ"العسكري" إصدار ما يراه من تشريعات.
* "عصام شيحة": الإسلاميون تصوَّروا إنهم قوة متفردة بعد جمعة 29 يوليو، ويريدون وضع دستور وفقًا لمرجعيتهم.
* "عماد جاد": كل ما نشهده الآن استمرار لخطيئة "العسكري" رفض "الدستور أولًا".
تحقيق: هاني سمير
بالرغم من التوافق على بقاء المادة الثانية من الدستور التى تقول إن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، وبالرغم من تصريحات قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب "الحرية والعدالة" الزراع السياسية للجماعة، وأيضًا قيادات الجماعات الإسلامية والسلفيين على دعم الدولة المدنية والمساواة والمواطنة لكل المصريين، إلا أن جميعم يرفضون تحديد مواد فوق دستورية تحكم عمل لجنة إعداد الدستور التي سيختارها مجلس الشعب القادم، وبعضهم يحارب لمنع إقرار تلك المواد ويهدِّد بالتصعيد ضدها، رافضين مساعي الدكتور "أحمد الطيب"- شيخ الأزهر- للتوفيق بين التيارات السياسية المختلفة حول وثيقة الأزهر التي تؤيد وجود المادة الثانية، بما تتضمنه من مبادئ عامة تتعلق بالهوية وضمان الحقوق والحريات، واعتبار المواطنة أساسًا للمساواة بين المصريين جميعًا بغير تفرقة ولا تمييز، فضلًا عن دعم الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة، على أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع.
بدايةً، قال "نبيل عبد الفتاح"- الخبير ومدير مركز الأهرام للتاريخ: إن الجميع يستندون على حجة أساسية، هي أن التعديلات التي أُجريت على دستور 1971 لم يُذكر بينها وضع مبادئ حاكمة للدستور، معتبرين أن وضع تلك المبادئ مصادرة على الإرداة الشعبية، مؤكٍّدًا أن هذه الحجة يُرد عليها بأن هذه المواد فوق الدستورية لم تكن موضع استفتاء، ولا يجوز الإحتجاج بالاستفتاء على شئ لم تكن جزءًا منه. مشيرًا إلى أن الحجة الثانية هي أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية جاء بفعل الثورة، وكان من الخطأ إجراءه من البداية لأن الثورة أسقطت الدستور، والاستفتاء يحيي وثيقة ماتت.
واستطرد "عبد الفتاح": "إن دستور 71 انتهى مفعوله وأثره السياسي والدستوري بإصدار المجلس العسكري إعلانًا دستوريًا جديدًا، تضمن ما جاء بالاستفتاء والإعلان، وبعده يصبح الإحتجاج بالاستفتاء أمرًا غير دقيق، ويحق للمجلس العسكري أن يصدر- كلما رأى- بيانًا دستوريًا، فهذا جزء من صلاحياته الدستورية والتشريعية والتنفيذية، وكل الدعاوى من الإخوان المسلمين والسلفيين والأحزاب التابعة لهما والجماعات الإسلامية، من قبيل الحجج التي ترمي لتوظيف إرادة الشعب باطلًا بطلانًا مطلقًا؛ لأنها تريد- بناءًا على التمويل الضخم- تعبئة الأغلبية المعتمدة على الانتماء الديني للوصول للبرلمان القادم، والتمكُّن من اختيار اللجنة المنتخبة لوضع الدستور الجديد، ويريدون دستورًا على أهوائهم ومقاسم ومصالحهم السياسية التي تعتمد على تأويلاتهم الدينية إلتفافًا على الدولة المدنية.
وأشار د. "عماد جاد"- الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- إلى أن كل ما نشهده الآن هو نتيجة لخطيئة المجلس العسكرى برفضه وضع "الدستور أولًا" ورفض إجراء "الانتخابات أولًا"، موضحًا أن الإسلاميين لديهم قناعة بالحصول على أغلبية في البرلمان القادم الذي سيختار لجنة لوضع الدستور، وعندما حاول المجلس العسكري أن يعالج المشكلة بقبول مبادئ فوق دستورية تحكم الدستور، كان من الطبيعي أن يرفضها الإسلاميون لأنها ستقيدهم في تحقيق هدفهم نحو تأسيس دستور لدولة دينية، وستجبرهم على التقيد بالدولة المدنية.
وحول كلام الإسلاميين عن المدنية ودعم الحرية والمساواة والمواطنة للجميع، أكّد "جاد"، أنها كلمات للاستهلاك الإعلامي، لكنهم في الحقيقة يسعون لدولة دينية، ولا يجب أن نثق في كلامهم.
أما المهندس "إسحق حنا"- المدير التنفيذي لجمعية التنوير "فرج فودة"، فقال: "الشعب بين الإسلاميين وتشرزمهم والإدلاء بتصريحات في أكثر من موضع وأكثر من رأي، وشخص رافض وآخر يقبل، وكل تيار يعتبر نفسه الأفضل والأقدر- كلها عوامل تشتت المجتمع وتجعله فى حيرة"، مضيفًا أن الخطر في أن يلهس المجتمع وراء تلك التصريحات، أن التيار الليبرالي والمدني والعلماني لديه بعض الإحباط بسبب تقاعس المجلس العسكري عن أداء مهامه الحقيقية تجاه الوطن والثورة، فهو حتى الآن مازال في طريق إحباط الثورة، بتأخره عن محاكمات رموز الفساد، الأمر الذي يفرغ الثورة من مضمونها، بالإضافة إلى رفضه "الدستور أولًا" وتأخير نزول الأمن حتى الآن، وتأخر تعويض أسر الشهداء والضحايا.
وأوضح "حنا"، أن الإحساس بأن المجلس العسكري لا يريد للثورة أن تنتصر هو احساس محبط يؤجِّج نار الفتنة، ويساعد على خروج وظهور تيارات أخرى معارضة كثيرة، ويدفع في هذا الاتجاه المعاكس للثورة، مدللًا على ذلك بخروج السلفيين والصوفيين.
ومن جانبه، أكّد "عصام شيحة"- عضو الهيئة العليا لحزب "الوفد"- أن الإسلاميين بعد 29 يوليو (جمعة الإرادة) التي رفعوا خلالها الأعلام السعودية في ميدان "التحرير"، استشعروا أنهم قوة متفردة تستطيع حصد أغلبية بالبرلمان القادم الذي سيضع الدستور الجديد، وهذا- حسب تصورهم- يمكِّنهم من وضع الدستور حسب رؤيتهم بمرجعية تناسبهم، وهو سبب رئيسي لرفض الإعلان الدستوري، خاصة أن بعض قيادات تيارات الإسلام السياسي أعلنت موافقتها على تلك المواد بشرط أن تكون ملزمة لأطرافها التزامًا أدبيًا، وهو ما يسهِّل مهمة التراجع عنه، مثلما تراجعوا يوم 29 يوليو.
وأنهى "شيحة" حديثه، مؤكِّدًا أن رغبة الإسلاميين في وضع دستور بمرجعية تناسبهم هو إنقضاض على تراث الحركة الوطنية المصرية لأكثر من (100) عام، مضيفًا أن كل دساتير "مصر" شملت المبادئ السامية في الدستور والمبادئ الحاكمة له.