مقهى وكافيتريا " أنديانا " ... بميدان الدقى
عبد المنعم بدوي
٤٠:
٠٢
م +02:00 EET
الخميس ٢٩ نوفمبر ٢٠١٨
عبد المنعم بدوى
فى فترة الستينات .. عندما كانت مصر فى بؤرة الأحداث العالميه ، كان أغلب محررى وموظفى الوكالات الأجنبيه ، والطلبه العرب من العراق وسوريا واليمن ، يسكنون فى حى الدقى .
فى ذلك الوقت تم أفتتاح مقهى وكافيتريا " أنديانا " .. بالقرب من ميدان الدقى ، وأهم ما يميز هذه الكافيتريا ، أنها كانت ملتقى أثيرا للفنانيين والكتاب والمثقفين ، واللاجئين السياسيين ... والكافيتريا رحبه جدا ، تحتوى على مناضد متناثره ، كان يجلس عليها سامى السلمونى ، وعلى سالم ، وسمير فريد ،وأحمد مرعى ، وكوكبه من الفنانيين الشبان .
على طاولتنا نحن ، كنا نقترب بحذر من نجوم الحركه الثقافيه ، ونتابع بصمت ، ونخجل من تقديم أنفسنا الى بعض رموزها الجالسين حولنا .
فى هذا الجو الفاتن ، جاء علينا شاب تحس أن وجهه وجسده من منحوتات الحضاره السوماريه ... لون وجهه ابيض كالح ، يوجد سواد أسفل عينيه ، يديه وقدميه فى حركه دائمه ، شعر رأسه أشعث غير مصفف ... كان لايحتك بالمثقفين ، ولا يأبه لأنجازاتهم ، لكنه كان شديد السخاء والكرم على عمال الكافيتريا .
عرفنا فيما بعد أن أسمه " صدام حسين " ، شاب عراقى عضو فى حزب البعث ، طالب للجوء السياسى فى القاهره ... لئيم أبن لئيمه ، لم أشعر بالراحه حياله ، عكس بعض أفراد شلتنا التى توطدت الصداقه بينهما وهم أسامه مكاوى ، وفايق فهيم .
كانت له حكايات غريبه يحكيها لنا ، للتدليل على بطولته وشجاعته وفتونته من عينه " واحد من السكان ضايقنى فكسرت له مرأه سيارته ، أو قطعت له خرطوم الزيت " ، وحكى لنا عن قصة مولده ورفضه أن يرضع من والدته وهو رضيع ، فأحضروا له مرضعه حبشيه ، كانت معروفه بشراستها وغباوتها ... وأكيد جيناتها أنتقلت الى جيناته .
أختفى صدام حسين عدة سنوات وأنقطعت أخباره بعد سفره الى بلده العراق ... ليظهر فجأه " القائد المهيب الركن .. صدام حسين ، رئيس العراق الأوحد بلا منازع " .
كان صاحبنا فايق فهيم ( أحدأصدقاء صدام حسين ) ، قد تخرج من كلية الآداب ــ قسم اللغه الأنجليزيه ــ وعمل فى الأذاعه حتى وصل الى درجة كبير المذيعيين ، وحدث أن سافر الى العراق رئيس للوفد الأعلامى المرافق للرئيس مبارك لتغطية أحداث أحد مؤتمرات القمه ببغداد ... وهناك أستغل صاحبنا فائق فهيم أستراحه للمؤتمر وتوجه الى صدام حسين وذكره بأيام كافيتريا أنديانا بالدقى .
دعاه صدام الى لقاء خاص فى اليوم التالى ... كان صدام يجلس فى بهو الفندق يحيط به الحرس الخاص ، والمعاونين ، وكبار رجال الدوله .. أجتاز صاحبنا كل هذا الحشد ، وأستقبله صدام حسين بترحاب مبالغ فيه وسط دهشه الموجودين بالقاعه .
حكى لى فايق فور عودته من العراق على أيام ألف ليله وليله التى عاشها بعد هذه المقابله ، بأوامر من صدام شخصيا بتوفير كل مايطلبه أو مالم يطلبه فايق فهيم ، وعلى الهدايا من كل لون التى نزلت عليه .
سبحان العاطى يرزق من غير حساب ... وعلى رأى عبد السلام النابلسى " ناس ليها بخت وناس ليها ترتر " ....