وسط مخاوف من تجدد أعمال العنف والشعب فى لندن بعد هدوء الأوضاع نسبيا على مدار الأيام الثلاثة الماضية، ارتفعت حصلية الاعتقالات على خلفية الاحتجاجات إلى ما يزيد على ١٩٠٠ شخص بينهم ٦٩٣ وجهت لهم تهم رسمية، ومثل ٧٩٦ شخصا أمام القضاء بينهم ١٢٢ تحت سن الـ١٨، فيما تواصل الشرطة البريطانية انتشارها المكثف بشوارع لندن ومدن أخرى لضمان عدم تجدد الفوضى خلال عطلة نهاية الأسبوع.

ومن ضمن الإجراءات الأمنية، قررت وزارة الداخلية البريطانية حظر مسيرة خططت لإقامتها رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينية المتطرفة فى بلدة تليفورد بمقاطعة شروبشاير. وتم فرض حظر على المسيرات خلال عطلة نهاية الأسبوع لضمان حماية الجاليات المحلية وممتلكاتها، فضلا عن إرجاء مباراة فى كرة القدم بين توتنهام وافرتون التى كان من المقرر إقامتها عصر أمس.

وبالتزامن مع تعقّب عمليات العنف وإلقاء القبض على مرتكبيها، أدانت المحاكم حتى الآن نحو ٧٠٠ شخص بارتكاب أعمال نهب وعنف واعتداء على الممتلكات العامة، وبقيت محاكم لندن وبرمنجهام ومانشستر مفتوحة ليلا لتتعامل مع الأعداد الكبيرة من الموقوفين، فيما نزل ١٦ ألف شرطى إلى شوارع العاصمة، وهو رقم يفوق ٧ مرات المعدلات العادية.

وفى السياق ذاته، وافق وليام براتون، الذى ينسب إليه فضل «كبح» الجريمة فى الشوارع كقائد للشرطة فى نيويورك ولوس أنجلوس وبوسطن، على مساعدة رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون على إخماد الاضطرابات التى اجتاحت لندن.

وقال براتون إن «الحكومة البريطانية ستتعاقد معه للتشاور معهم بشأن قضية عنف العصابات وفقا للتجربة الأمريكية وتقديم بعض المشورة والتشاور بشأن تجربتهم»، مضيفا أنه «لن ينضم للحكومة البريطانية أو ينتقل إلى لندن، وإنما سيتواجد لعدة مرات فحسب».

واعتبر براتون، رئيس شركة كرول للأمن الخاص التى تتخذ من مانهاتن مقرا لها، المنصب بأنه «تكليف لفترة وجيزة لمساعدة بريطانيا على وضع استراتيجيات بشأن معالجة أعمال الشغب وثقافة العصابات واسعة الانتشار»، قائلا إن «مثيرى الشغب صغار السن لابد أن يخافوا من الشرطة وإمكانية مواجهة عقاب خطير، مما يتطلب إرهابهم من اتباع سلوك إجرامى وملاحقتهم قضائيا وحبسهم».

كان رئيس الوزراء البريطانى اتصل ببراتون بشكل مباشر، أمس الأول، للحصول على النصيحة والمساعدة بشأن أعمال السلب وإشعال الحرائق والعنف التى اجتاحت بريطانيا منذ أسبوع، حيث حمل رئيس الوزراء السلطات الأمنية مسؤولية اندلاعها لتقاعسها عن التعامل الحاسم مع الاحتجاجات، مما أثار انتقادات بينه وبين جهاز الشرطة.

فى الوقت نفسه، اعتبر كاميرون أن مثيرى أعمال الشغب يجب طردهم من المساكن الاجتماعية، قائلا إن الأشخاص الذين «ينهبون جماعاتهم الخاصة» يجب ألا يسمح لهم بالعيش فى المساكن الاجتماعية المخصصة لذوى الدخل المحدود، وإن عليهم إيجاد مسكن فى القطاع الخاص، صحيح أن الأمر سيكون أكثر صعوبة لهم لكن كان عليهم أن يفكروا فى ذلك قبل البدء بالسرقة.

وتدق الاحتجاجات فى لندن ناقوس الخطر بالنسبة للسياسيين فى دول أوروبا، حيث نسبة الإحباط المرتفعة بين الشباب، فضلا عن اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مما يساهم فى اندلاعها فى عدد من الدول الأوروبية، على حد رؤية مجلة «دير شبيجل» الألمانية.

وعلى الرغم من تأكيد المجلة أن الاضطرابات مشكلة إنجليزية حتى الآن، فإنها تعتبرها مسألة وقت حتى تنتقل إلى جميع أنحاء أوروبا فى ظل تدابير التقشف، لاسيما فى الدول التى تعانى أزمة الديون مثل اليونان وإسبانيا وإيطاليا، والتى حرمت الكثيرين من الخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية، وقللت فرص العمل أمام الشباب.

وتنبأت المجلة بأن «ثورة الخاسرين» يمكن أن تمتد إلى ما بعد بريطانيا، وهو الأمر الذى تخشاه دول الاتحاد الأوروبى، خاصة أن الأوضاع الحالية تؤهل إلى «خريف متفجر»، فالدول هناك تواجه «أزمة الديمقراطية الأوروبية».

كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها