الأقباط متحدون - جرائم النظام السعودي ومقتل خاشجقى
  • ٠٧:٠٩
  • الاثنين , ١٩ نوفمبر ٢٠١٨
English version

جرائم النظام السعودي ومقتل خاشجقى

د. عوض شفيق

مساحة رأي

٥٦: ٠٨ م +02:00 EET

الاثنين ١٩ نوفمبر ٢٠١٨

 خاشجقى
خاشجقى

(د.عوض شفيق استاذ القانون الدولى جنيف)

الافتراض الذى تقوم عليه جرائم النظام هو أنها عموماً يتطلب قدراً من التنظيم لارتكابها على يد إحدى المنظمات أو عملا بسياسة ما. وفى أغلب الحالات ستكون
هذه المنظمة هي جهاز الدولة

وتتسم جرائم النظام مثلها مثل معظم الجريمة المنظمة عموماً بتقسيم العمل بين المخططين والمنفذين ووجود ترتيبات في بناء الجريمة وتنفيذها تجعل من العسير إثبات الصلة بين هذين المستويين. ويزيد الأمر تعقيداً عندما تُرتكب هذه الجرائم في أكثر الأحيان – وليس في كل الأحوال – من كيانات رسمية من الدول وغالباً بمشاركة أشخاص كانوا أو ربما لا يزالون يتمتعون بقوة سياسية، وكيانات غير فاعلة من غير الدول مثل التنظيمات المسلحة التي تمارس العنف المسلح. وتؤثر الجرائم عادة على أعداد كبيرة من الضحايا. (وكان الفقيه الهولندي رولنغ هو من أول من استعمل مصطلح جرائم "النظام" عندما كان قاضياً في المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى محكمة (طوكيو) بعد الحرب العالمية الثانية).

وتختلف تقنيات التحقيق في جرائم النظام عن التقنيات المتعلقة بالجرائم العادية، فأعمال المدعى العام عند التحقيق في معظم الجرائم العادية وتقديمها للمحاكمة يمكن تشبيهها بعمل مخرج الفيلم الذى تتألف مهمته من تقديم وصف واضح للطريقة التي حدثت بها واقعة بعينها ويتركز اهتمامه الأساسى في وصف تنفيذ فعل إجرامى بعينه. وكلما زاد الوصف وضوحاً كان من الأسهل على المحكمة أن تحدد المسؤولية. ولكن التحقيق في جرائم النظام يتطلب نهجاً يقترب كثيراً من عمل المهندس. فليست المهمة هي مجرد وصف تنفيذ الفعل الإجرامى ولكنها توضيح الطريقة التي تعمل بها عناصر الجهاز.

ويتطلب التحقيق في جرائم النظام السعودى ، سواء كان ذلك فيما يتعلق بسلسلة من الأفعال الإجرامية اللاإنسانية التي يرتكبها سواء في الداخل أو الخارج في سياق التحالف العسكري ضد اليمن، أو بحادثة وحيدة، بحثاً تفصيلياً في النظام نفسه، وليس في النتائج وحدها، كما يظهر في الجرائم الأساسية التي تشكل ما يسمى قاعدة الجريمة مثل القتل والتعذيب واختفاء جثة خاشجقى

ويشترط أن تكون الأفعال اللاانسانية التي يرتكبها النظام السعودى أن تكون مرتكبة بشكل منتظم أى عملا بخطة أو سياسة عامة متعمدة. ويمكن أن يؤدى تنفيذ هذه الخطة أو السياسة العامة الى الارتكاب المتكرر أو المتواصل للأفعال اللاإنسانية.

واعترف مشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها الذي أعدته لجنة القانون الدولي عام 1996 بالشرط المتعلق بالسياسة المتبعة، معرّفا الجرائم ضد الإنسانية بأنها ”كل فعل من الأفعال التالية، عند ارتكابه بشكل منتظم أو على نطاق واسع أو بتحريض أو توجيه من إحدى الحكومات أو من أي منظمة أو جماعة“. وقد أدرجت اللجنة هذا الشرط لاستبعاد الأفعال اللاإنسانية التي يرتكبها فرد ’’وهو يتصرف بمبادرة ذاتية منه عملا بخطته الإجرامية الخاصة بدون أي تشجيع أو توجيه من حكومة أو جماعة أو منظمة‘‘.وبعبارة أخرى، فإن عنصر السياسة سعى إلى استبعاد الجرائم ’’العادية‘‘ التي يرتكبها أفراد يتصرفون من تلقاء أنفسهم ودون أن تكون لهم أي صلة بدولة أو منظمة.

فهل النظام القانوني الإسلامي للنظام السعودي المؤسس على نهج مستمد من الشريعة الإسلامية يستطيع أن يباشر إجراء التحقيقات التحقيق في مقتل جمال خاشقجي كجريمة من جرائم من "النظام" وإثبات المسؤولية الجنائية للأفراد المسؤولين الرسمين وفق الأنظمة القانونية الدولية المعمول بها تمهيدا للوصول إلى كافة الحقائق، وتقديم جميع المخططين والمنفذين إلى العدالة، وإيقاع العقوبة على كل من يدان بهذه الجريمة الفظيعة الوحشية والتي تعد من الأفعال المحظورة التي يرتكبها النظام السعودي للجرائم ضد الإنسانية.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع