مخابئ الحب
أوليفر
الاثنين ١٩ نوفمبر ٢٠١٨
كتبها Oliver
- الله محبة... هذه طبيعته وشخصيته، يُظِهر بعضاً منها ويُخِفي بعضاً سيعلنه في الملكوت، نحن البشر نحب الحب الظاهر... نريده ملموساً ومسموعاً ومحسوساً لنصدقه، لهذا تجسد الله المحبة، وصار الآب غير المرئي ظاهراً في الابن المتجسد الذي رأينا فيه مجده ومجد أبيه.
- ننمو في الحب بقدر ثقتنا في ما يختبئ من الحب أكثر مما نتكل على ما يظهر في الحب، فتصديق خبايا الحب هو الإيمان بعينه، وتوقع استعلان خبايا الحب هو الرجاء بعينه، وانتظار انكشاف خبايا الحب هو الصبر بعينه, وصولنا إلى مخابئ الحب في طبيعة الله هو الملكوت بعينه ,خبايا الحب طبيعة إلهية تنكشف لنا قدر استيعابنا شيئاً فشيئاً .حسبما تنمو قامتنا في المسيح يسوع لأنها أعظم مما يحتويه القلب.
- وصل أبونا إبراهيم إلى أحد مخابئ الحب في قلب الله، أطاع الصوت الإلهي الذي أخرجه من أرضه وأملاكه وعشيرته وكل ما إعتاد عليه، كان صوتاً كمن يأمره بالموت فأطاع الموت حباً وقدم ذاته ذبيحة، كان في نظر أهله كمن يُهِذي، في نظر الله كان يكتشف حباً غير موصوف في الكتب إذ لم تكن هناك كتباً مكتوبة بعد، سار إبراهيم تصحبه الرؤى فينظر ويتنظر أن يرى أحد مخابئ الحب، سار تاركاً كل شيء كالخارج من الدنيا بأسرها، للحب سلطان لمن يوسع له قلبه لذلك لم يكن صعباً على الذي مات بنفسه أن يقبل أن يقدم ابنه ذبيحة لنفس الحب لأنه لا خسارة في الحب. بالحب أبونا بَكَّر جداً وأخذ دابته وغلامين وإسحق والحطب والنار، فلا يحتاج الحب إلى أدوات حفر لأن الحب سماوي والكنز فوقاني هذه أدوات الكشف عن الحب المختبئ طاعة برجاء وتبكير من أجل الرب و الحطب كصليب و النار التي هي المحبة المتقدة و هي حضور الله في القلب.كان عليه استكمال نفس المسيرة غير المعروف آخرها تماما،ً كما سارها من قبل سنين طويلة حين سمع الصوت الإلهي وغادر أرضه القديمة، هكذا خرج بإسحق ليكتشف مع ابنه مزيداً من مخابئ الحب الإلهي سمع الصوت حين ارتفع السكين... الرب لم يتأخر ففي اللحظة المناسبة أصدر قسَمَاً بالبركة ووعداً بالخلاص، فتح أحد مخابئ الحب للبشرية جميعها في شخص إبراهيم البار يبدو أن الوصول إلى مخابئ الحب له مسيرة تطول أو تقصر، الحصول على معرفة أحد مخابئ الحب ثمنه عجيب، كانت لإبراهيم مسيرة طويلة وكانت لإسحق مسيرة قصيرة وكانت للغلامين مسيرة أقصر بقدر قامة كل واحد الروحية أما سارة فقد وصلتها جائزتها في البيت بعودة إسحق حياً.
- للحب مخابئ وأسرار... فهي ليست فقط طلبة نطلبها فتحل علينا بل حياة نحياها وخلال مسيرتنا يقودنا صوت الله ولا برد أو حر فمخابئ الحب كلها علوية... المسيح نهارها والربيع نسيمها الدائم.
- في مخابئ الحب تسكن تدبيرات الله ووعوده فإذا آن أوان إعلانها خرجت من قلب الله إلى قلب الذين يحبون الله... من غير شك هي رسالة من قلب الله إلى قلب الإنسان، بواسطة وبغير واسطة تصل... لذا الشك والتذمر وقلة الشكر هم الذين يغلقون عنا مخابئ الحب، فنبقى نتمتع فقط بما هو ظاهر هذا هو حب الأجراء، كمثل أنا حي، أنا لي أولادي، أنا أعمل، أنا في صحة، أنا عندي مال، أو إيمان، أو معرفة، أو رتبة، أو علم، أو شهادة، وهكذا ينحصر الحب ويتقوقع في المرئيات بينما مخابئ الحب للأبناء أثمن من ذلك... أولاد الله لهم حق الميراث الكامل وشركة الحب الإلهي وإدراك خبايا الحب. الله حين قرر عقاب سدوم وعمورة قال لا أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله، ليس بيني وبين حبيبي شيئاً أخفيه، لذلك لم يكن لقب للابن الوحيد أعظم من حبيب الآب العارف مخابئ الحب الذي سرت به نفسه كقول الآب عنه ليس بين الآب والابن أسرار أو خفايا لأنهما بالحب والروح القدس واحد.
-نحن لم نحب الله محبة كاملة بعد من كل القلب والنفس والفكر نعطه أجزاء و نسحبها حسب حالتنا النفسية والظروف المعيشية، لذا لا نعيش محبة كاملة في صلواتنا وأصوامنا وقداساتنا ومعرفتنا بكلمة الله ولا حتى في رهبانيتنا ورتبنا الكنسية نجاهد كلنا لعلنا نصل. فليس المهم أن نحب بالكلام بل أن نتعمق في الحب حتى نغوص في أعماق الحب الإلهي ونصل إلى مخابئه منذ القدم مثل داود النبي الذي صار قلبه كقلب الله، من غير محبة كاملة يحدث التباعد بين قلب الإنسان وقلب الله... من هذا الفرق بين القلبين تختلف المشيئة وتتولد الشكوى والتذمر وجفاف الصلوات واليأس لأن قلب الإنسان يبحث عما هو مرئي أما ما في قلب الله فهو يفوق كل تصور حتى المرئي من حب الله يسكن وراءه حباً أعمق غير مرئي ِليس محسوباً و مقاييسه سماوياً. يعرفه ويقتنيه طالبو الرب.