المؤرخ "رؤوف عباس حامد" أول من تنبأ بثورة 25 يناير 2011م
بقلم: د.ماجد عزت إسرائيل
وُلد "رؤوف عباس حامد" في 24 أغسطس 1939م، في أحد مساكن عمال السكة الحديدية بـ"بورسعيد"، لأسرة فقيرة شأنها شأن السواد الأعظم من المصريين عندئذ. وكان والده عاملًا بالسكك الحديدية، يشغل أدنى درجات السلم الوظيفى الخاص بالعمل، وينتمي إلى قرية بـ"جرجا" من صعيد "مصر"، أما أمه فهي سيدة بورسعيدية من أصول دمياطية.
التحق "رؤوف عباس" في الرابعة من عمره بكتاب يُعرف باسم "مدرسة الفتوح الجديدة الأولية" بأرض البدراوي التي تقع في ظهير شارع "شيكولاني" بـ"شبرا"، فتعلَّم القراءة والكتابة وقواعد الإملاء والحساب في السنوات الثلاثة التي قضاها بالكتاب، ثم التحق في المرحلة الابتدائية بمدرسة السيدة "حنيفة السلحدار"، ثم التحق بنفس المدرسة بالمرحلة الإعدادية 1952-1953م، ثم المرحلة الثانوية بمدرسة شبرا الثانوية المقامة بقصر الأمير طوسون، ولكنه نُقل إلى مدرسة "طوخ" الثانوية، ثم مدرسة الشهداء منوفية وحصل على الشهادة الثانوية 1957 م، وتخرَّج في كلية الآداب بجامعة "عين شمس" 1961م، وحصل على درجة الماجستير 1966م، وكان موضوع أطروحته "تاريخ الطبقة العاملة المصرية"، ثم حصل على درجة الدكتوراة عام 1971 م وكان موضوع أطروحته "الملكيات الزراعية الكبيرة في مصر"، وأشرف على الأطروحتين أستاذه المؤرخ الكبير الدكتور "أحمد عزت عبد الكريم".
عُيِّن "رؤوف عباس" معيدًا بكلية الآداب بجامعة "القاهرة"، وتدرَّج في مناصبها إلى أن صار أستاذًا في عام 1981 م، ثم رئيسًا لقسم التاريخ، فكان أصغر من تولوا هذا المنصب سنًا، ونهض بقسمه نهضة كبيرة، ودعمه بكفاءات شابة من المدرسين والمعيدين، وتولَّى وكالة كلية الآداب لشئون الدراسات العليا 1966-1999م فأعاد تنظيمها على نحوٍ يكفل لها حسن أدائها لمهامها.
كان لسمعة "رؤوف عباس" العلمية والشخصية، أثرها في أن تولى عدة مناصب خارج الجامعة؛ فكان رئيسًا لوحدة الدراسات التاريخية بمركز الأهرام للدراسات السياسة والاستراتيجية، كما كان رئيسًا للجنة العلمية بمركز وثائق تاريخ مصر المعاصر، ورئيسًا للجمعية المصرية للدراسات التاريخية، فبدأ برئاسته عهدًا جديدًا لها، وجعلها في الصدارة بين الجمعيات العلمية داخل وطنه وخارجه، كما حصل على العضوية الشرفية لجمعية دراسات الشرق الأوسط شمال أمريكا (M.E.S.A) فكان أول عربي يحصل عليها.
صدر لـ"رؤوف عباس" نحو عشرين كتابًا باللغتين المصرية والإنجليزية في مجال تخصصه، وهو التاريخ الحديث والمعاصر؛ منها "شخصيات مصرية بعيون أمريكية"، و"اليابان في عصر مايجي"، و"التنوير بين مصر واليابان"، فضلًا عن سيرته الذاتية ذائعة الصيت، بجانب بعض الترجمات منها: "دراسات في تطور الرأسمالية" لـ"موريس دوب"، و"يوميات طبيب هيروشيما" لـ"متشيكوهاشيما"، ومراجعته لكتاب "الجذور الإسلامية للرأسمالية" لـ"بيترجران"، "وما بعد المركزية الأوربية" للمؤرخ نفسه، و"تجار القاهرة في العصر العثماني" لـ"نللي حنا"، وحاضر في العديد من الجامعات العربية والأوروبية والأمريكية واليابانية.
ويُعد كتابه "مشيناها خطى" الذي يتناول سيرته الذاتية من أهم الإصدرات، حيث تحدَّث "رؤوف عباس" عن قصته وكفاحه ورحلته في البحث عن معنى الحياة والوجود، رواها بشكل سلس عذب، وأسلوب مشرق، دون أن يخجل من ذكر إى شىء عن حياته الاجتماعية. وأكَّد الكاتب على انحيازه إلى نظام "ثورة 23 يوليو 1952م"، وتناول الفساد داخل الجامعة وخارجها، والفساد في السلطة، وكان لموقفه هذا الحرمان من العديد من الجوائز والمناصب القيادية. وعبَّر في سيرته عن الوحدة الوطنية، وحق المواطنة، وعدم التميز بسبب الدين، عندما قدَّم استقالته اعتراضًا على تعيين قبطية معيدة بقسم التاريخ بكلية الأداب جامعة "القاهرة"، وهي الآن الدكتورة القبطية الوحيدة بذات القسم. وهو أول من تحدَّث عن الفساد في السلطة، ومن يقرأ هذه الدراسة جيدًا يدرك أن "رؤوف عباس" أول من تنبأ بأحداث ثورة 25 يناير 2011م، ولكن الرحيل حرمه من متابعتها على الطبيعة.
وقد حظي "رؤوف عباس" بتقدير المحافل العلمية في وطنه وخارج وطنه، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية 1999م.
"رؤوف عباس" متزوج من السيدة "سعاد الدميري"، وله ابن واحد هو "حاتم رؤوف" ويعمل مهندسًا. وتوفى "رؤوف عباس" إلى رحمة الله بـ"القاهرة" في يوم الخميس الموافق 26 يونيو 2008، ودفن بمدفنه بطريق "الفيوم" بمحافظة "6 أكتوبر".
رائد الوطنية المصرية
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :