الإسلاميون والسلفيون يلعبون الكرة”الشراب”!!
بقلم يوسف سيدهم
أحد مدربى الفريق القومى لكرة القدم قال يوما إنه يعجز عن فهم طبيعة لاعبى الكرة المصريين أعضاء الفريق القومى، فهم يتدربون بمنتهى الإخلاص والعزيمة ويتفهمون جيداً الخطط التكتيكية وينفذونها بشكل طيب فى الملعب ويعرفون تماما كل المراكز الأصلية والتبادلية التى يشغلونها...ثم يجئ الدور على تنفيذ ذلك على البساط الأخضر فى المباريات الدولية التى تجمعهم بفرق أخرى أجنبية، وبالفعل يبدأون المباراة بقدر ملحوظ من الالتزام بالخطة والتكتيك والمراكز....لكن إذا قدر أن يصاب مرماهم بهدف مبكر يحرزه الفريق الخصم تعتريهم حالة غريبة جداً من الإرتباك ويفقدون السيطرة على الموقف ويندفعون بلا عقل على الكرة محاولين تعويض الهدف فيفشلون فى ذلك لأنهم يعودون كمن يلعب الكرة الشراب فى الساحات الشعبية والأزقة!!!
تذكرت ذلك وأنا أتابع وقائع وتداعيات »جمعة الإرادة الشعبية وتوحيد الصف« التى دعت إليها سائر الفصائل الجمعة قبل الماضى فى ميدان التحرير وباقى ميادين عواصم محافظات مصر، فقد سبقت الوقفة الموعودة تصريحات عديدة تنبئ بالتنسيق بين كل الصفوف حول نبذ الاختلاف وإعلاء المواقف والسياسات المتفق عليها ونبذ العنف من أجل توحيد كل القوى الشعبية خلف مطالب محددة لثورة 25يناير تسمح بالمضى إلى الأمان وتعويض الفاقد من الوقت والجهد الذى خسرته الثورة فى الأسابيع الماضية.
أما ماحدث على أرض الواقع فكان ما تناقلته وسائل الإعلام منذ الصباح الباكر عن الحشود المنظمة التى تحركت فى مجموعات من كل حدب وصوب متجهة إلى ميدان التحرير- ومثلها فى عدة مدن أخرى- منها السائرون على الأقدام يتظاهرون ويرددون الهتافات، ومنها من استقلوا الحافلات المرتبة خصيصا لنقلهم إلى غايتهم...وبثت وسائل الإعلام والفضائيات مشاهد مقلقة لتلك الحشود حيث كانت تردد هتافات دينية إسلامية وترفع أعلاماً لا علاقة لها بالعلم المصرى فى مشاهد استفزازية تحريضية أثارت هواجس لدى الكثيرين أن ذلك اليوم قد يفرز انقسامات وصراعات بين الفصائل التى دعت إليه على عكس المأمول.
ما أن وصلت هذه الحشود إلى ميدان التحرير حتى اندفعت لفرض سيطرتها الصوتية على الميدان- وأقول سيطرتها الصوتية لأنها للأسف لا تعلو أن تكون ظاهرة صوتية زاعقة استبدلت بالحكمة والعقل والبرامج السياسية الصراخ والتهديد والوعيد وإرهاب الناس- وحتى عندما أرادت فصائل شباب الثورة ودعاة الدولة المدنية احتواء الموقف بترديد هتافات وطنية للتهدئة، كانت الحشود الوافدة على الميدان تصر على تحويل دفة الأمور نحو الهتافات الإسلامية والدينية ضاربة عرض الحائط بكل ما سبق الاتفاق عليه، وخروجاً عن السياق الرئيسى لمطالب الثورة والثوار.
لم يكن أمام قوى شباب الثورة والائتلافات الحزبية المدنية إلا الانسحاب من الوقفة حقنا للدماء وتفاديا للاشتباك، وهكذا انفرد الإسلاميون-بزعامة السلفيين- بالساحة واحتلوا منصات الخطب المنصوبة فى الميدان ليوجهوا منها هتافاتهم وأدبياتهم وسياساتهم التى أثبتت أنهم عادوا يلعبون»الكرة الشراب« ونسوا كل المبادئ والأسس التى اتفقوا عليها مع باقى الفصائل من شركائهم فى الوطن!!
لست فزعاً مما حدث، بل كما قلت للزملاء ولمن اتصلوا بى يتملكهم الغضب والخوف على مصر، إن هذا العبث بمقدرات الوطن واللجوء إلى الإرهاب الصوتى لاغتصاب الإرادة الشعبية لحساب فصيل محدد دون الباقين ليس بجديد على التيارات الإسلامية والسلفية، بل إننى أشعر بشئ من الارتباح لانفجار تلك المهاترات فى هذه المرحلة وقبل حلول وقت الحسم عندما تفتح صناديق الانتخاب، لأن فى ذلك تحذيراً واضحاً لكل المصريين الطيبين الشرفاء ليحسموا أمرهم فيمن يثقون فيه وفيمن يستودعونه أمانة قيادة هذا الوطن فى المرحلة القادمة...فمن يتلون ويخادع ثم يظهر نواياه لاختطاف الوطن لحساب أجندات خاصة، ومن يوهم شركاءه فى الوطن أنه حريص على التنسيق معهم للصالح العام ثم لا يتورع أن يطعنهم فى ظهورهم عندما تحين الساعة لا يستحق أن يجلس على المائدة الوطنية.
أولئك الذين اختطفوا»جمعة الإرادة الشعبية وتوحيد الصف« كشفوا عن وجوههم القبيحة لأنهم صادروا الإرادة الشعبية ونجحوا بامتياز فى تمزيق الصف!! وأعادونا جميعاً إلى حيث كنا نقف بعيداً عنهم تفصلنا مساحة متسعة من التوجس وعدم الثقة...وكم كان موقفهم يدعو للرثاء عند ظهور زعمائهم ومتحدثيهم على الفضائيات لتفسير ما جرى من تياراتهم فى تلك الجمعة البائسة، فقد عمدوا إلى تزييف الواقع وتبرئة أنفسهم وفصائلهم مما حدث مدعين عدم قدرتهم على السيطرة على الجموع التى ساقوها وحشدوها هم أنفسهم(!!!)...يريدون خداعنا بأنهم يستطيعون حشد الحشود وتنظيمها وتوجيهها إلى الميدان سواء سيرا على الأقدام أو بواسطة الحافلات لكنهم فى الوقت نفسه ليسوا مسئولين عما رفعته تلك الحشود من لافتات وأعلام وعما رددت من هتافات(!!!)...كا ذلك العبث بالرغم من أنه يدعو للغيثان إلا أننى كنت سعيداً به أكرر لكل من حولى: رب ضارة نافعة، هذا هو جرس الإنذار الموجه لكل مصرى وطنى يحب مصر ويخشى عليها من أن يخدع ويعطى صوته لهؤلاء.
الحمد لله أن»جمعة الإرادة الشعبية وتوحيد الصف« أظهرت لنا من يستطيع أن يحمل أمانة قيادة هذا الوطن، ومن لا يستطيع المشاركة ويصر على لعب»الكرة الشراب«.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :