الأقباط متحدون - كنيسة واحدة تحولت لكنيستين وصراع دير السلطان
  • ١٠:٥٥
  • السبت , ٢٧ اكتوبر ٢٠١٨
English version

كنيسة واحدة تحولت لكنيستين وصراع دير السلطان

٢٧: ٠٣ م +02:00 EET

السبت ٢٧ اكتوبر ٢٠١٨

كنيسة واحدة تحولت لكنيستين وصراع دير السلطان
كنيسة واحدة تحولت لكنيستين وصراع دير السلطان

كتب : سليمان شفيق  

علي اثر ما حدث في دير السلطان بالقدس كتب الباحث رامي كامل علي الفيس :

"بدأت العلاقة القبطية الحبشية منذ ان قام الراهب القديس فرمنتيوس "ابا سلامة بالحبشية - ابو السلام بالعربية" بالتبشير فى الحبشة فى القرن الثالث وعلى مدار 1600 سنة كان الاقباط و الاحباش ابناء نفس الاهوت و العقيدة و كان حضور الطرفين فى تراث بعضهم قوى حتى ان الفروق اصبحت بسيطة جدا فى الفن" واضاف :
"علينا ان نضع المشكلة فى اطارها السليم وهى مشكلة بسيطة على دير اى ما كانت مكانة المبنى تبقى مكانة العلاقات اقوى و تبقى المحبة قوية لا تسقط ابدا
فلنحافظ على حجم الخلاف ونعمل سويا على تقليلة، و نستمتع بمحبتنا الاخوية لاخوتنا الاحباش".
من كنيسة واحدة لكنيستين :
بالطبع يجب ان نعمل علي ذلك وفي الوقت الذي نطالب بحقوقنا في الدير لابد ان نطالب الكنيستين بالصلاة والتفاوض بغير صدام متحلين بروح المحبة ..لان العلاقات المصرية الاثيوبية ترتبط با الروح الارثوذكسية السمحة، وعذوبة النيل ، ويجسدها طمية ، وتفيض عقيدة المحبة بين البلدين، وان كانت اثيوبيا “,”المنبع “,” للنيل .. فأن الكنيسة القبطية الارثوذكسية هي منبع ايمانها ،تعود العلاقات بين الكنيستين المصرية والإثيوبية إلى النصف الأول من القرن الرابع الميلادى تاريخ دخول المسيحية إلى إثيوبيا عندما تمكن أحد المصريين ويدعى ” فرومينتوس ” من نشر الدين المسيحى بين رجال البلاط الأكسومى وعند عودته إلى مصر طلب من البطريرك القبطى أن يرسمه مطرانا على إثيوبيا وأصبح بهذا أول مطران للكنيسة الإثيوبية عينته الكنيسة المصرية وبذلك نشأ تقليد بأن يقوم بطريرك الإسكندرية بترسيم مطران الكنيسة الإثيوبية من بين الرهبان المصريين ويأخذ المطران الجنسية الإثيوبية بمجرد وصوله إلى مقره وظل هذا التقليد الكنسى معمولا به حتى عام 1950 أى طوال ما يزيد على ستة عشر قرنا وعلى الرغم من ذلك ظلت العلاقات الدينية مستمرة مع مصر وإن كانت تمر بمراحل قوة وضعف وفقا للظروف السياسية التى كانت تجتازها إثيوبيا.
 
اسس مارمرقص الكنيسة القبطية في مطلع القرن الاول الميلادي (40 م) ،من الاسكندرية ،ومن القرن الاول للرابع ..ذاقت الكنيسة مرارة الاضطهاد ات المتكررة ،فمن الاضطهاد اليوناني للروماني ،ومن بدعة اريوس الي مجمع خلقدونية الذي شهد انقسام الكنيسة في العالم ، حول طبيعة المسيح مابين “,”خلقدونيين“,” انصار الطبيعتين ،ولا خلقدونيين “,” انصار الطبيعة الواحدة للمسيح ، وكانت الكنيسة القيطية الارثوذكسية والاثيوبية “,”موحدتين “,” في الطبيعة ومتوحدتين في الرؤية ،لذلك فأن تبني الكنيسة الاثيوبية لكلمة التوحيد وارتباطة بأسمها الرسمي، هو للدلالة على إيمانها بالطبيعة الواحدة للمسيح أي طبيعة الكلمة المتجسد على غرار بقية الكنائس اللاخلقيدونية والتي تتشارك معها بالإيمان وهي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية وكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية وكنيسة ملنكارا الأرثوذكسية في الهند.وعاشت وتعايشت الكنيستين بالروح حتي توصلت في تاريخ 13 يوليو/تموز 1948 م كل من الكنيستين القبطية والإثيوبية إلى اتفاق مهد لانفصال واستقلال الكنيسة الأثيوبية، حيث قام بطريرك الإسكندرية للأقباط في ذلك العام برسامة خمسة أساقفة لهذه الكنيسة وفوضهم بانتخاب بطريرك جديد لهم يكون له السلطان لاحقا لرسامة أساقفة جدد لكنيسته. وقد اكتملت فصول تلك الاتفاقية عندما قام بطريرك الأقباط البابا يوساب الثاني بإقامة باسيليوس رئيس أساقفة على الكنيسة الأثيوبية وهو من أصل أثيوبي في تاريخ 14 يناير 1951 م، وبعد ذلك عام 1959 م قام بطريرك الكنيسة القبطية البابا كيرلس السادس بتتويج باسيليوس كأول بطريرك على كنيسة أثيوبيا الأرثوذكسية 
 
ووفق لائحة 1957 لانتخاب البطريرك القبطي الارثوذكسي ،والتي مازالت سارية حتي الان يضم خمسة مطارنة من كنيسة اثيوبيا للمجمع الانتخابي القبطي الارثوذكسي،وحينما توفي البطريرك الاثيوبي باسيليوس عام 1971 م وخلفه في ذلك العام ثيوفيلوس، ومع سقوط الإمبراطور هيلا سيلاسي عام 1974 م فصلت الكنيسة في إثيوبيا عن الدولة، وبدأت حكومة إثيوبيا الجديدة – الماركسية بقيادة منجستو هيلا مريام - بتأميم الأراضي بما في ذلك أراضي الكنيسة، وفي عام 1976 م اُعتقل البطريرك ثيوفيلوس من قبل السلطات العسكرية وتم إعدامه بسرية في وقت لاحق من ذلك العام، فقامت الحكومة بأمر الكنيسة بانتخاب بطريركا جديدا لها فتم تتويج تيكلا هيمانوت على هذا المنصب، رفضت الكنيسة القبطية انتخاب ذلك البطريرك على اعتبار أن المجمع المقدس للكنيسة الأثيوبية لم يقر بعزل البطريرك السابق ثيوفيلوس، لآنه لم يكن يُعرف بعد للعلن بأنه تم إعدامه من قبل الحكومة فكان لايزال يُعتبر البطريرك الشرعي لإثيوبيا، وعلى إثر ذلك انقطعت وسائل الاتصال - على الصعيد الرسمي - بين الكنيستين.ولكن الكنيسة الارثوذكسية لم تعترف البطريرك الجديد،مما اكد العلاقات الروحية بين الكنيستين حتي بدون اتصال،لم يتعامل البطريرك الجديد تيكلا هيمانوت مع الحكومة الإثيوبية بالسلاسة التي كانت تتوقعها منه، لذلك عندما توفي هذا البطريرك عام 1988 م تم انتخاب ميركوريوس عضو البرلمان الإثيوبي الموالي للحاكم لهذا المنصب. في عام 1991 م ومع سقوط نظام منغستو هيلا مريام الديكتاتوري وقدوم الجبهة الشعبية الديمقراطية الثورية الإثيوبية للحكم، عُزل البطريرك ميركوريوس بضغط من الشعب والحكومة وانتخبت الكنيسة باولس بطريركا جديدا لها، وفر البطريرك السابق ميركوريوس خارج البلاد وأعلن من منفاه بأن عزله تم بالإكراه وعلى ذلك فهو لايزال البطريرك الشرعي لإثيوبيا، تبعه إلى ذلك عدة أساقفة وشكلوا خارج إثيوبيا مجمعا مقدسا لهم تعترف به عدة كنائس إثيوبية في أمريكا الشمالية وأوروبا وتعتبر بأن ميركوريوس هو البطريرك الحقيقي، بنما استمر المجمع المقدس الآخر داخل إثيوبيا يقر بشرعية البطريرك باولس.
 
وبعد أن استقلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1991 م أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية انفصال كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترّية، فأصبح لها بذلك مجمعها المقدس الخاص المستقل عن المجمع الأثيوبي الأم 
بعد قيام ثورة 1952 فى مصر فإن واضعى السياسة الخارجية المصرية استهدفوا إقامة علاقات دولية جيدة ، وخاصة مع دول حوض النيل ، ولذلك فقد اقترح الرئيس ” جمال عبد الناصر ” إقامة تجمع أو تكتل أو حتى حلف عسكرى يجمع بين مصر والسودان وإثيوبيا ولكن هذا الاقتراح لم يجد قبولا وخاصة من إثيوبيا وعندما أعلنت مصر عن نيتها فى إنشاء السد العالى عام 1955، ففى الوقت الذى بادر الاتحاد السوفيتى للإعلان عن استعداده لتحمل نفقات إنشاءه واقترحت الولايات المتحدة تقديم مبلغ 56 مليون دولار من خلال البنك الدولى لذلك المشروع فقد آثار ذلك حفيظة هيلاسيلاسى الذى أعلن انتقاده الصريح للولايات المتحدة لإعطائها مصر المعادية للغرب مثل لمياه الأنهار الدولية لعدم استشارتها إثيوبيا فى إنشاء السد .ورغم تلك الازمات وتوتر العلاقات بين مصر واثيوبيا فأن العلاقة بين الكنيستين لم تهتز.