مقاومة المضادات الحيوية تهدد بإعادة الطب إلى العصور المظلمة

 علماء ينصحون بعدم تناولها إلا حين تكون الحاجة ملحّة
حذر تقرير جديد من أن تزايد الأمراض الجرثومية المقاومة للأدوية يهدد بإعادة الطب إلى "العصور المظلمة"، وأن ملايين العمليات الاعتيادية ستصبح عمليات خطيرة، يمكن أن تنتهي بموت المريض جراء ذلك.

قال خبراء مؤسسة الصحة العامة في انكلترا في تقرير نشرته صحيفة "إندبندنت" إن كثيرين يعرّضون أنفسهم وعائلاتهم وآخرين لديهم مشاكل صحية للخطر عبر تناولهم مضادات حيوية من دون أن تكون هناك حاجة حقيقية إليها.

علاجات قد لا تنفع
جاء في التقرير أن الأمراض الجرثومية للدورة الدموية التي أصبحت لديها مقاومة ضد مجموعة واسعة واحدة على الأقل من المضادات الحيوية ازدادت بنسبة 35 في المئة في غضون أربع سنوات.

تبيّن الأرقام أن الخبراء شخّصوا 12250 عدوى مقاومة للمضادات الحيوية في عام 2015 عندما وجّهت مؤسسة الصحة العامة في انكلترا تحذيرها للمرة الأولى، ولكن هذا العدد ارتفع إلى 16504 عدوى في عام 2017. وطبقًا لحسابات المؤسسة فإن ثلاثة ملايين عملية وعلاج للسرطان ستصبح خطيرة، وتهدد حياة المريض، إذا فقدت المضادات الحيوية مفعولها.

تتطلب بعض العمليات الجراحية والعلاجات السرطانية مضادات حيوية لمنع العدوى والالتهاب، بما في ذلك العمليات القيصرية واستبدال مفصل الورك أو الركبة.

خطورة استسهال تعاطيها
وأوضح التقرير أن المضادات الحيوية ضرورية لعلاج أمراض جرثومية خطيرة، ولكن الأدوية كثيرًا ما تُستخدم، حيث لا يكون لها مفعول. وأشار التقرير إلى أن 38 في المئة من الذين يطلبون عناية طبية لإصابتهم بالسعال أو البرد أو التهاب الحنجرة أو الأذن أو الجيوب الأنفية أو الصدر يتوقعون أن توصف لهم مضادات حيوية.

لكن الزكام والأنفلونزا سببهما فيروسات لا تتأثر بالمضادات الحيوية، وفي غالبية الحالات تتحسن صحة المصاب بهما من خلال الراحة.

قال المدير الطبي لمؤسسة الصحة العامة في انكلترا البروفيسور بول كوسفورد "من الجائز أن نشهد في المستقبل غير البعيد مرضى مصابين بالسرطان وأمهات أُجريت لهن عملية قيصرية ومرضى أُخضعوا لعمليات جراحية أخرى يواجهون أوضاعًا تهدد حياتهم إذا أخفقت المضادات الحيوية في حمايتهم من العدوى والالتهابات".

تهديد للطب برمته
ودعا البروفيسور كوسفورد إلى عدم استخدام المضادات الحيوية إلا حين تكون هناك حاجة حقيقية إليها، مناشدًا المواطنين بأن يسهموا بقسطهم في حل أزمة الأمراض المقاومة للأدوية بالاستماع إلى نصيحة الطبيب أو الصيدلي أو الممرض وعدم تناول المضادات الحيوية إلا عند الضرورة.

نقلت صحيفة "إندبندنت" عن مستشارة الحكومة للشؤون الصحية في انكلترا البروفيسورة الليدي سالي ديفيز قولها إنه "من دون تحرك سريع للحد من العدوى فإننا نواجه خطر إرجاع الطب إلى العصور المظلمة، بحيث إن عمليات بسيطة يمكن أن تصبح خطيرة لا يمكن أن تجري، وحالات قابلة للعلاج تصبح حالات تهدد حياة المريض".

وكانت مقاومة أمراض جرثومية متزايدة للمضادات الحيوية أُدرجت ضمن "القضايا الخمس ذات الأولوية" في برنامج حكومة ديفيد كاميرون، ودعا برلمانيون الوزراء المعنيين إلى إبقائها ضمن الأولويات.