الأقباط متحدون - القُمُّصُ بِيشُوي كَامِل
  • ٠٧:٤٤
  • السبت , ٢٧ اكتوبر ٢٠١٨
English version

القُمُّصُ بِيشُوي كَامِل

القمص. أثناسيوس فهمي جورج

تأملات كنسية

١٦: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ٢٧ اكتوبر ٢٠١٨

 القُمُّصُ بِيشُوي كَامِل
القُمُّصُ بِيشُوي كَامِل
بقلم القمص أثناسيوس فهمي جورج
وُلد "سامي كامل إسحق" في ٦ ديسمبر ١٩٣١م، وحصل على بكالوريوس العلوم جامعة الإسكندرية عام ١٩٥١، ثم حصل على دراسات الآداب والتربية وعلم النفس (١٩٥۲/١٩٥٤) . 
 
بدأ خدمته في كنيسة العذراء مريم بمنطقة محرم بك منذ ١٩٤٨م واُختير أميناً للخدمة فيها عام ١٩٥٦م وسط جماعة من الخدام المباركين ، الذين كان من أشهرهم المقدس يوسف حبيب والدكتور راغب عبدالنور وفايز يعقوب (القمص تادرس يعقوب) والمهندس كيرلس بقطر... وجميعهم خدموا بديناميكية الصليب كقاعدة للعمل الكنسي الجماعي والفردي ، حاملين الصليب في البحث عن الخروف الضال وضَمِّهِ للأحضان الأبدية بقدوة الإنجيل المُعاش والبَنَّاء . 
أقامه الرب كاهناً لكنيسة مارجرجس بمنطقة سبورتنج المزمع إنشاؤها على خط الترامواي ؛ في ٢ ديسمبر ١٩٥٩م ونال نعمة القمصية عام ١٩٦٩م ، ومَثَّل الكنيسة في العديد من المؤتمرات والمحافل الكنسية المسكونية بالداخل والخارج .
 
قاد عملاً كبيراً في تأسيس فروع مدارس الأحد وفي تكوين جيل من الخدام ؛ بل وأجيال تتَّسِم بالعمق والخبرة الأرثوذكسية الروحانية ، مهتماً بالتراث الآبائي وحركة الترجمة والنشر ؛ حيث أن دراسته للچيولوچيا وللفلسفة وللتربية وعلم النفس وللدراسات اللاهوتية الإكليريكة ؛ جعلته مهتماً بخدمة النَبْتات الصغيرة ، وبحركة تلمذة الشباب وتثبيت روح الاشتياق عندهم للتكريس والمثول في أحضان الكنيسة أم الأولاد الفرحة . 
 
وقد صار دينامو مدارس أحد الإسكندرية منذ عام ١٩٥٣.. فكان يقضي يومه للإشراف على أنشطة مدارس أحد محرم بك ونادي العذرا ؛ بالأرض الفضاء المجاورة لمبنى الكنيسة بشارع الراضي ؛ والتي تقع مساحتها على ٥٢٦٠ ذراعاً مسطحاً ؛ مهتماً بإعدادها والإشراف الروحي عليها ؛ لتكون مَفْرَخَة خدام ؛ وقد صارت بحق ؛ ولعل الذين عاصروا هذا التاريخ يذكرون ؛ كيف مَهَّدَ سامي كامل وُعُورة الأرض وأزال المخلَّفات ؛ قبل أن يؤسس عملاً مستوياً ونامياً مزهراً. 
 
ولا ننسى أبدا (الفسبا) التي كان يركبها كوسيلة لانتقاله.. ولا زالت حفلات الأعياد (الميلاد والقيامة والنيروز وعيد العذراء) ؛ التعييد الروحي لها بكل بهجة الروح والمعنى ؛ وكذا حفلات التخرج المدرسية ولقاءات الأغابي وخلوات المكس ؛ واجتماعات الصلاة بالمقصورة والجلوس بمضيفة الكنيسة) محفورة في قلوب شباب جيله من الذين تتلمذوا على يديه في فصول التربية الكنسية ؛ ومَشْهَده لا يبارح أذهانهم وهو ينتظر على بوابة الكنيسة وفي فنائها .. 
مشهده وهو يفتقد الأطفال ؛ وهو يوزع (كرملة دكران) ؛ ومشهده وهو يحتضنهم ويجمعهم ويعلِّم أيضاً إعداد الخدام في الصالات العلوية التي استُحْدِثت ؛ بناءاً على سَعْيِهِ وإلحاحِهِ ؛ معتبراً أن خدمة مدارس الأحد أشبه بخدمة المذبح ، لذا هي تحتاج إلى نقاوة القلب وإلى تقديم الذبيحة والانسكاب وروح التقديس ، لذلك تعوَّدنا في كنيسة العذراء محرم بك على أهمية اجتماع الصلاة في مقصورة العذراء (اجتماع صلاة قبل وفي أثناء وبعد الخدمة) ، وهو الذي بفاعليته نشر فروع مدارس الأحد لاصطياد وربح النفوس بالافتقاد ؛ في الحمعيات القبطية المحيطة بالكنيسة (فرع جمعية الإخلاص - فرع جمعية الثبات - فرع جمعية التوفيق القبطية - فرع جمعية الكرازة - فرع جمعية الرعاية الخيرية المسيحية - فرع أصدقاء الكتاب المقدس - فرع المدرسة المرقسية الإعدادية) ؛ مثلما أسس هذه الفروع الأولية لمدارس الأحد وهو لا يزال خادماً ؛ كذلك بعد أن اختاره الله لخدمة الكهنوت..
 
بنى كنائس كثيرة بالحجارة (المباني) وبالبشر (الحجارة الحية) وأسس بيوت للطلبة المغتربين وللأيتام والحضانات، لأنه ممتلئ بمحبة الملكوت ومتزيِّن بالشفاه المبتسمة والوجه البرَّاق المُريح والجسد الخفيف الراكض والمتسارع لتلبية كل احتياج ؛ ولصيد وربح النفوس بروح الافتقاد وشهادة المحبة وشفاعة الصلاة وانفتاح الصلاة المُطِلَّة على الأبدية .
 
تلك الروح الباكورات التي سلكها ورسَّخها ؛ فجعلتْ كنيسة مارجرجس منارة عالمية ومسكونية ونموذجاً فى الولادة والإثمار الكهنوتي والكنسي والرعوي الآبائي ، شجرة متجذِّرة الأصل ؛ جمعت حنطة الحصاد ، وبه صارت مستودعاً للطاقات بحفظ تاريخ ومستقبل مدارس الأحد ورعاية مدينة الإسكندرية الماضية والآنية والمستقبلة لتصير مثلاً ومثالاً عملياً يُقتدىَ ويُحتذىَ ؛ في حضور الله الكاهن الحقيقي الذي يحقق عمل أسراره ويقود مسيرة كنيسته . 
 
سامي كامل غمره فيض الله بغنىً كثير ؛ حتى صار بستانه دائم الثمر وشَهِي الثمار ورائحته عطرة ؛ وأيقونته زاهية الألوان ؛ ثابتة الخُطط ، وعمله متجدداً بشوش الوجه بَرَّاق العيون ؛ واسع القلب متوقِّد الذهن مفتوح الأذرع ؛ سريع الاعتذار ؛ ولا يشكو من أحد لأحد ؛ حريصاً على حفظ الوحدة برباط الصلح الكامل.. 
 
هكذا رأه الناس (ورأيتُهُ أنا منذ الصغر) عاشقاً للأسرار ولعقيدة البيعة وتسبحتها ولاهوتها وليتورجيتها وتاريخ آبائها ، مدافعاً عن نقاوة وصحة تعليمها بالعمل والقول ، معطياً بهاءاً للاكليروس بسيرته وأعماله قبل أقواله ، كارزاً في الداخل وفي المهجر ، كرازة رسولية بالبشارة والفضيلة وقوة برهان الروح ، بناؤه على الصخر وطاقته علوية إيجابية بعيدة عن السلبيات والصراعات ؛ وفوق الافتراقات ومسالب الصغار ، منشغلاً بأبديته كي يرتقي برعايته فوق الحدود والمركزية ؛ صائراً أباً للآباء وللكهنة وللخدام وللرعية المبنيَّة على ذبيحة الإيمان البعيدة عن الإعلانات والمظاهر البرَّاقة وكل النزاعات المادية . 
 
ولأنه طاقة روحية جبارة ؛ اشتُهر بعشقه لأعياد القديسين وللسهرات الروحانية وللخُلوات ولفرص التعليم ولمجالات النشر والنبذات وسلسلة إيمان كنيستنا وإحياء اللغة القبطية ، اشتُهر أيضاً بالاجتماعات الروحانية الحية والعظات والافتقاد والعمل الفردي ورعاية المحتاجين ، وحيوية العشيات والتذكارات والأُسَر المستترة وبأشرطة الحكايات للاطفال ، كذلك اهتم بخدمة الشيوخ والمُسنِّين . 
 
ستبقىَ سيرة أبينا بيشوي كخادم مدارس أحد مميَّز ورائد لخدمة الكهنوت باقية في سِجِلّ صيَّادي الناس المَهَرَة الذين اصطادوا سمكاً وفيراً وملأوا السفينة ؛ غاسلين الأقدام بالحب كصدىً لكرامة الكهنوت الحقيقة في أنه "غسل أرجل" لقد حمل أبونا بيشوي صليب المرض ورقد في الرب يوم ٢١ مارس ١٩٧٩م .