الأقباط متحدون | غياب العقل أم غياب الهوية؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٤٠ | الأحد ٣١ يوليو ٢٠١١ | ٢٤ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٧١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

غياب العقل أم غياب الهوية؟

بقلم: ميلاد منير | الأحد ٣١ يوليو ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: ميلاد منير
عـنــدما يغيب عقل الوطن تصبح الفوضى هي العنوان الرئيسي في كل الدوريات والجرائد، وتصبح لغة الإشاعات هي المتحكم الأول في مصير هذا الشعب، في لحظة من الغياب والضبابية يكون الجو مناسبًا ومهيئًا لهواة الشحن وفرد العضلات وتضليل الرأي العام بإرادة الشعب، وتصبح كل حياتنا عبارة عن جمعة "لم شمل وإرادة شعبية"!!

عندما يغيب عقل الوطن يتهلل ويستهبل ويستهلك كل من له مصلحة أو حساب قديم أو أغراض، في استهلاك اسم ثورة شباب 25 يناير، ونفتح دكاكين بنفس الاسم، وقهاوي بنفس الاسم، وربما "كابريهات" بنفس الاسم! ونتكلم بلغة الحشاشين بنفس الاسم، وفي السياسة بنفس الاسم، وطبعًا جرعة الدين، ومباركة الثورة المجيدة، وفلول النظام السابق والحالي والجاي.. حد فاهم حاجة؟!! حد عارف مين خاين ومين بيحب البلد؟!!

في وصف أشبه ما يكون بواقعنا الحالي، يقول "فريد زكريا" في كتابه "مستقبل الحرية": "عندما تنهار الدولة والأحزاب السياسية من حيث عجزها عن توفير الاحساس بالشرعية أو الهدف أو الخدمات الأساسية، استطاعت منظمات أخرى في حالات كثيرة ملء الفراغ، وفي العالم الإسلامي هناك مصدر جاهز للشرعية كامن في الدين.".. هذا بالحق هو وضعنا الراهن، فليس من الغريب تصاعد القوى الأصولية ومحاولتها الركوب على الموجة بعد انهيار نظام "مبارك" الذي كان يُعد في نظرهم عميلًا لـ"أمريكا" و"إسرائيل"، الزريعة التي يتم من خلالها شحن الجماهير المغيَّبة عقليًا، وكسب شرعية شعبية لن تخلِّف سوى نظامًا دينيًا يفتقر إلى الديمقراطية، وإن كانت هذه القوى تنادي بعكس ذلك. ولكنهم يعملون بمنطق صرخة رجل واحد لمرة واحدة فقط، هي في مثل هذه الحالات صناديق الاقتراع، ونزاهة الانتخابات لا تجلب للحكم أنظمة ديمقراطية ليبرالية.

إذن فالواضع الراهن- حسب طريقة تفكير الأصوليين المتشددين- هي نصرة الدين الحنيف من سطوة وجبابرة الكفرة الصليبيين، ويصدِّقهم كل أهبل ومسكين إذا ما قالوا إن الكنائس تعج بالأسلحة والذخائر، أو أن المدنية تعني غياب الدين!!

هل من عقل يفكِّر ويتدبَّر بالله عليكم؟؟ هل يحتاج الدين إلى وصاية وحماية من بشر؟ منْ يحمي منْ؟!! يا من تحبسون عقولكم خلف نقاب أسود صعب انتزاعه، هل لكم أن تتفكروا بمنطق وحسابات صاحب السوق وليس صاحب الدكان؟ ما المانع أن تُقام دولة مدنية ذات مؤسسات تطبِّق القانون بعدل ومساواة وتضمن حرية العقيدة والحريات الشخصية؟ هل ذلك يتعارض مع الإسلام؟ وسماحة الإسلام؟ هل ينقص من الإسلام شيئ إذا أعطينا الحرية لكل فرد في ظل قانون يحمي حقوق الغير، ومراعاة حسن الجوار، وضمان الرفاهية الاجتماعية؟! المدنية يا أيها المنادين باسم الدين، لا تعني غياب الدين، ولا حجر على حرية أحد. لقد انتهى عصر الحاكم في الأرض والله في السماء..

متى تستيقظ عقولكم؟ لقد سبقنا العالم، ونحن هنا لازلنا نفتِّش عن توفير مسكن ورغيف خبز، ومازلنا نفتِّش هل إسلامية أم مدنية أم عسكرية؟ رسالتكم قد تصل إلى صنَّاع القرار من الحكومة والجيش. إنكم قادرون على حشد الجماهير. وصدقوني لا الحكومة ولا الجيش بأيديهم حل المشكلة الأزلية- هذا رأي شخصي. المشكلة مشكلة عقل وتعليم. أنتم يا من تصرِّون على إغلاق دولتكم على أنفسكم، يا من تتبعون ثقافة تريد أن ترجع بنا إلى العصور الوسطى حيث الظلام والتشدد وعدم قبول التعددية والآخر. لابد أن نفرِّق بين الدولة كأرض يعيش عليها كل إنسان بحرية واردة وبين عقيدة دينية بين الإنسان وربه لا تحتاج مراقبة من أحد إلا ضميره، والله هو الديان بعد ذلك.

نحن نحتاج إلى قوة يسارية في مواجهة استغلال الدين في الشحن وكراهية المختلف عنا في الرأي، فليسقط كل منْ كتم صوته "مبارك" وجعله لا يتكلَّم إلا بعد رحيله، فليسقط كل داعية أصرَّ على تغييب عقول البسطاء، ويسقط كل من يكره "مصر" إلى هذا الحد. حقًا سقط النظام فخرجت الثعابين من جحورها لتلدغ كل من تقابله باسم الدين. عفوًا لكل عقيدة تحملني على كراهية الآخر ولا تقودني إلى محبة أخي في الإنسانية.

ختامًا.. قبل أن نبحث عن هوية "مصر"، هلم نبني أسوارها المهدَّمة. يا من تصرِّون على إلغاء عقولكم رحمة بالوطن وبي؛ لأني لازال عندي أمل في أن أفكِّر.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :