بعد ثورة 25 يناير...هل تتحول مصر إلى دولة دينية؟
• وليم ويصا: التيار الديني سقط في أول امتحان له عندما أتيحت له حرية الحركة والتعبير سياسيا بعد 25 يناير.
• فاطمة ناعوت: مصر مصرية فرعونية، ولن تتحول إلى دولة دينية.
• أمانى الوشاحى: الاخوان يستغلون مشروع الدولة الاسلامية كفزاعة للنظام المصرى لتحقيق مكاسب سياسية
• ميادة مدحت: لا أتخيل مصر دولة ثيوقراطية لأن المواطن المصرى بطبعه لا يحب الوصاية على أموره الشخصية لا سيما معتقداته الدينية
• إسلام بحيرى: مصر لن تصبح دولة دينية ولن يحكمها الإخوان يوما لأنهم يعيشون ويتغذون على المطاردة
• مدحت بشاى: نحن أمام دولة لا لون ولا مذاق محدد لها ، دولة تعيش حالة توهان بإدعاء الوسطية
• رمزى بشارة: الرهان على الشباب اليقظ فى الكفاح من أجل دولة مدنية تحوى كل المصريين
• شريف هلالى: هناك مخاوف من الوصول لدولة دينية خاصة مع تصاعد نفوذ بعض التيارات الاسلامية
تحقيق: عماد توماس
بعد ثورة 25 يناير ، تصاعد ظهور التيارات الدينية سواء من الاخوان المسلمين او السلفيين أو الجماعة الاسلامية، بعد سنين من الركود ، مما ادى إلى تخوف كثير من المصريين من تحول مصر الى دولة دينية يتحدث فيها البعض باسم "الله" وكأنهم مندوبون عنه.
ويخشى البعض من تحول مصر الى دولة مثل "العراق" أو "لبنان" او "إيران" خاصة بعد مليونية الجمعة والتى شارك فيها الالاف من التيار الدينى ورفعوا لافتات تنادى "بتحكيم الشريعة" و"دولة اسلامية"، ...لهذا استطلعنا رأى العديد من الاعلاميين والمثقفين والسياسيين حول رؤيتهم لمستقبل مصر فى المرحلة الراهنة وامكانية تحولها لدولة دينيه.
لا يمكن تحول مصر لدولة دينية
فى البداية، لا يعتقد وليم ويصا، الكاتب الصحفى والناشط السياسى المقيم فى باريس، أن مصر يمكنها أن تتحول إلي دولة دينية لعدة أسباب: أولها يعود إلي وجود أكثر من عشرة ملايين مواطن مصري يدينون بديانة أخري غير ديانة الأغلبية، وهو الأمر الذي يجعل مصر مختلفة عن إيران والسعودية ذات الحكم الديني المطلق. وتواجد أكثر من عشرة ملايين قبطي يمثل مشكلة عويصة أمام التيار الديني ولن يستطيع أن يجد لها حلا مهما راوغ أو حاول الالتفاف عليها. وقد استطاع الأقباط بنزولهم إلي الشارع لأول مرة في التاريخ تحقيق مكاسب سياسية وفرض ضغوط هائلة علي نظام الحكم.
وثانيها وهو الأكثر أهمية وهو أن جماعة الأخوان المسلمين والتي تمثل المكون الرئيسي في التيار الديني ، لم تفلح بعد أكثر من ثمانين عاما من إنشائها في استقطاب الغالبية الساحقة من المصريين علي اختلاف أنظمة الحكم المتوالية، علي الرغم من إتاحة الفرصة لها في عهدي السادات ومبارك والتي استطاعت خلالهما التغلغل في معظم النقابات المهنية وأجهزة الإعلام ووزارة التربية والتعليم وكافة مناحي الحياة في مصر.
ومع كل ما تقدم يمكنهم أن يخدعوا الكثيرين لبعض الوقت باستخدام الشعارات الدينية، ولكنهم سوف يسقطون سياسيا بأسرع مما نتصور، ذلك أن التيار الديني لا يمللك إلا التخويف والإرهاب، وقد مضي عهد الخوف من الإرهاب، ذلك أن معسكر الخوف قد تغير وانتقل من الشارع إلي الحكم.
وقبل كل ذلك سوف يعارض المسلمون المستنيرون قبل الأقباط منع إقامة دولة دينية في مصر حتى ولو تولى التيار الديني السلطة لسنوات.
هوية مصر مصرية فرعونية
من جانبها، تؤكد "فاطمة ناعوت"، الكاتبة والشاعرة، على أن مصر بلد كانت فرعونية ثم ظلت قبطية الهوية، مسيحية العقيدة 6 قرون قبل أن يدخلها العرب، وتهب عليها رياح نفطية من الخليج تحمل سموما ثقافية غريبة على مجتمعنا منذ مطلع السبعينات، ومع هجرات المصريين الي الخليج من علماء وعمال عاودا بعدها إلينا محملين بأفكار التمييز والعنصريه والوهابية الفاشية. وهم بهذا أشد خطرا علينا من إسرائيل ذاتها، لكنها تعود فتؤكد أن هوية مصر مصرية فرعونية، ولن تتحول إلى دولة دينية وسوف تظل هكذا إلى أن يسترد الله الأرض بمن عليها.
لا يمكن تخيل مصر دولة ثيوقراطية
تؤكد " ميادة مدحت"، المدونة والناشطة السياسية، أن مصر تختلف تماما عن لبنان والعراق فهى دول تشكلت بناءا على قرار من المستعمر الذى أراد دولا صغيرة مشتته فى كل دولة أطياف وشيع متنازعة ، وفى لبنان تجد أن كل فرقة لها ميليشيات مسلحة ولها منظرون كما ان الوضع السياسى اللبنانى يقسم المناصب العليا فى الدولة على أسس طائفية فرئيس الجمهورية مسيحى ورئيس الوزراء مسلم سنى ورئيس البرلمان مسلم شيعى.
أما العراق فهى تضم سنة وشيعة من العرب وتضم أكراد وهناك صراعات تحت الرماد منذ صدام وما قبله كما أن العراق الآن ليست دولة دينية بل دستورها مدنى حديث ولكن الاحتلال الأمريكى واختلاط المفاهيم بين المقاومة والارهاب أدى الى توحش خلايا القاعدة فى العراق
وتؤكد "ميادة"، على اختلاف الوضع فى مصر تماما ، فنحن شعب بكل ما تحمله الكلمة من معنى فلا يوجد لدينا أعراق مختلفة بل عرق واحد مصهور بداخله أصول تركية وعربية وشركسية وإن ظلت ملامح الشخصية واحدة ونحن بلد واحد صنع نفسه ولم يصنعه أحد ولا أعطت له قوة استعمارية حق الوجود.. والمصرى بطبعه متدين معتدل لا يعرف التعصب ولا ينازع الآخر إلا لو شعر بخطر على دينه وعلينا أن نسأل أنفسنا لماذا يشعر المسيحيون والمسلمون بخطر على دينهم الان؟ ومن زرع هذا الاحساس بالخطر داخلنا؟ ثم ما ملامح الصراع هل هو صراع اسلامى- مسيحى ام انها ستكون حرب الكل ضد الكل؟
فى كل الحالات لا تتخيل "ميادة"، مصر دولة ثيوقراطية لأن المواطن المصرى بطبعه لا يحب الوصاية على أموره الشخصية لا سيما معتقداته الدينية، ولأن التيارات الاسلامية فى مصر أغلبها فاقد للمصداقية فى الشارع كما أننا عانينا فى التسعينيات من تجربة مريرة مع الإرهاب المسلح الذى اتخذ من الدين مظلة للتفجيرات والقتل. حتى قوة الاخوان فى الانتخابات كانت متوقفة على قدرتهم على الحشد فى ظل غياب كامل للناخبين عن الدوائر أما الان فالشعب كله سيشارك والكرة فى الملعب ومن سيجتذب هؤلاء الناخبين هو من سيكسب
وتمنت "ميادة"، أن تستيقظ التيارات الليبرالية واليسارية وتتوحد فى مواجهة مد الاسلام السياسى قبل فوات الاوان.
الإخوان لن يحكموا مصر
يطمئن " اسلام بحيرى"،الباحث فى الاسلام السياسى، كل الخائفين والمرتعبين، من أن مصر لن تصبح دولة دينية ولن يحكمها الإخوان يوما لأنهم يعيشون ويتغذون على المطاردة، لكن ما لم يعهده الإخوان أن تتوقف هذه المطاردة بعد أكثر من ثمانين عاما توقفا سيكشف أنهم ليسوا إلا تجارا يبيعون الدين ويسوقونه كسلعة مطلوبة يستزيدون لها من الراغبين ليصلوا على جسدها للحكم.
ويرى "بحيرى" أن الشارع المصرى على بساطته الحالية وفطرته القريبة من الدين – أيا كان مفهوم هذا الدين ومن يمثله وما يمثله - فى أغلب كتلته الصامتة لكنه لن يعطى الإخوان ما يحلمون به ويوحى إليهم شيطانهم أنه بات حلما يتجسد. مؤكدًا على أن المعركة ليست مع "الجماعة" ، ولكن المعركة رغم ضيق الوقت وعدم التكافؤ هى معركة "تحديث"، وهى أولى المراحل الحقيقية للدولة المدنية ذات الأسس الراسخة، وهذا التحديث عملية مرهقة جدا ومعقدة، ولكنها أصبحت غير ملحة فقط، بل هى واجب وطنى على كتاب مصر وأكاديمييها ومفكريها وناشطيها أن يحدثوا توعية شاملة وموجزة ومبسطة لرجل الشارع، وهو الأغلبية الصامتة التى بيديها مفاتيح المستقبل فى مصر.
تعتقد "أمانى الوشاحى"، الناشطة الامازيغية، انه من المستحيل أن تقوم دولة دينية اسلامية فى مصر على غرار ايران والسعودية، ذلك لأن الاسلام فى مصر وسطى غير متشدد، وتيار الاسلام السياسى المصرى المتمثل فى الأخوان المسلمين يعرفون هذه الحقيقة جيدا، لهذا هم يستغلون مشروع الدولة الاسلامية كفزاعة للنظام المصرى لتحقيق مكاسب سياسية . أما التيار السلفى فرغم تشدده الا أنه لا يستطيع تأسيس دولة دينية فى مصر ، ذلك لأن هذا التيار ليس لديه توجه سياسى ، أما عن التخوف من أن تصبح مصر عراق أخرى ، فتعتقد "الوشاحى"، أنه احتمال وارد مع أسفها الشديد لامكانية حدوث ذلك.
الحلم بدولة أولاً
يرى "مدحت بشاي"، الكاتب والباحث العَلمانى، أننا في الأساس أمام دولة لا لون ولا مذاق محدد لها ، دولة تعيش حالة توهان بإدعاء الوسطية ، فيكون اللعب على كل الحلول والانحياز للتيار صاحب القوى الأكثر شعبية ربما ، الأعلى صوتاً أحياناً ، الأخطر تأثيراً على حالة الأمن العام والسلام الاجتماعي في مراحل تاريخية ما ، وفي أصعب المرات تيارات من يدعون أن لديهم توكيلات من السماء لتحديد هوية البلاد والعباد عبر آليات الترهيب والترغيب وفق الظروف وشكل الحكم وبأس رموزه من عدمه . فقبل أن نعيش أحداث ثورة يناير كان تيار الأخوان هو الأجدر والأقوى تأثيراً في مواجهة طاغوت الحزب الوطني ، وذلك برضا ورغبة قيادات الحزب ليمثل ذلك التيارمطرقة النظام المخيفة لشراذم قوى الأحزاب الرمزية بقوانين وآليات منضبطة تحت السيطرة..
وبمرورالأيام وبقفز الرموز الإخوانية على منصات ميادين الحرية كأولياء أمور وحكماء وثوار قدامى أصحاب خبرات .. وأيضاً كان أن نجحوا في تقليل من أدوار التيارات الليبرالية وأصحاب العوة لإقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية ، وبسرعة كان الإعلان عن الإفراج عن رموز جماعة الإخوان ، ثم الموافقة على إقامة حزب الحرية والعدالة ليكون منبرهم السياسي بمرجعية دينية في ضرب لأبسط أهداف الثورة !!
الرهان على الشباب
يراهن "رمزى بشارة" الكاتب والشاعر، على عدم تحول مصر لدولة دينية بفضل الشباب اليقظ شباب 25 يناير، الذى لديه استعداد لبذل روحه من أجل مصر الغالية ويكافح من أجل دولة مدنية تحوى كل المصريين باختلاف الدين او الجنس.
مخاوف مشروعة
وفى الختام يؤكد "شريف هلالى"، مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الإنسان، على ان هناك مخاوف من الوصول لدولة دينية خاصة مع تصاعد نفوذ بعض التيارات الاسلامية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي بمختلف تنويعاته. واللذان يتبنيان نموذجا كاملا للدولة الدينية حتى وان سعى الإخوان إلى القول بانهم يريدون دولة مدنية بمرجعية دينية. وهذا يضع اعباء كثيرة على القوى السياسية التي تتبني الدولة المدنية نموذجا لها ، من خلال جذب المواطنين وتوعيتهم بالمفهوم المدني للدولة واظهارالاخطار التي تأتي من وراء تطبيق نموذج الدولة الدينية . وهذا يأتي من خلال نشاط الاحزاب السياسية الجديدة والحركات والائتلافات الشبابية التي تكونت في اعقاب ثورة 25 يناير، والعمل سويا في ائتلافات سياسية والتنسيق في معركة الانتخابات التشريعية .
كما انه يضع مهام من خلال وضع مشاريع للدستور الجديد تؤكد على ذات المفهوم ، وتسعى إلى منع اي قوى دينية من الوصول من خلال النموذج الديمقراطي ثم الانفراد بادارة الدولة وتهميش القوى الأخرى وممارسة نموذج الحزب الوطني المهيمن معها .
ويطالب "هلالى"، من القوى السياسية والائتلافات الشبابية ، ان تخوض معركة كبيرة في انتخابات مجلس الشعب القادمة لضمان ايصال أكبر عدد من المؤمنين بالدولة المدنية . ومن منظمات حقوق الإنسان رصد اي انتهاكات ضد القوى السياسية المختلفة ، والعمل على تطبيق مفهوم الدولة المدنية وسيادة القانون.
ويعتقد "هلالى"، أننا لن نصل إلى النموذج العراقي الذي يعاني من اثار احتلال بغيض استمر سنوات ولا تزال بقاياه وفكك الدولة بشكل كبير وفكك الجيش ، فهنا لا يزال الجيش مؤسسة قوية وفاعلة .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :