في ذكرى إعادة إحيائها.. ماذا تعرف عن مكتبة «الإسكندرية الملكية»؟
منوعات | الشروق
الثلاثاء ١٦ اكتوبر ٢٠١٨
تحل اليوم الثلاثاء، ذكرى إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة في مشروع ضخم قامت به مصر بالاشتراك مع الأمم المتحدة، لبناء مكتبة الإسكندرية الجديدة في موقع قريب من المكتبة القديمة بمنطقة الشاطبي بمدينة الإسكندرية، في 16 أكتوبر عام 2002.
تحتوى المكتبة على مجموعة كبيرة من المكتب من مختلف اللغات المختارة العربية والإنجليزية والفرنسية، وكذلك مجموعة مختارة من كتب بلغات أوروبية أخرى مثل الألمانية والإيطالية والإسبانية ولغات أخرى نادرة، توفر محتواها من خلال قاعدة بيانات مكتبة الإسكندرية الجديدة.
تعتبر مكتبة الإسكندرية المكتبة الفرانكفونية الثانية في العالم بعد مكتبة نيويورك في ثراء مجموعاتها باللغة الفرنسية، بعد المكتبة القومية الفرنسية ومكتبة جنيف ومكتبة ليون بفرنسا ومكتبة لافال بكندا، وذلك بعد أن أهدت فرنسا مكتبة الإسكندرية نصف مليون كتاباً باللغة الفرنسية في عدة موضوعات مختلفة "علوم- آداب- تاريخ- جغرافيا- انثربولوجيا".
وفي ذكرى تأسيس مكتبة الإسكندرية الحديثة، تستعرض "الشروق" أهم المعلومات عن مكتبة الإسكندرية الملكية أو القديمة..
• صاحب فكرة البناء
اختلفت الروايات التاريخة بين المؤرخين حول من الذي بنى مكتبة الإسكندرية الملكية أو المكتبة العظمي كما كان يطلق عليها.
فبعض المؤرخين يقولون أن الإسكندر الأكبر منذ أكثر من ألفى عام وضعها في تخطيطه عند بناء الإسكندرية وهو صاحب فكرة بنائها، والبعض يقول أن بطليموس الأول هو من بناها والبعض الآخر يقول أنه تم تأسيها على يد بطليموس الثاني، باعتبار أن هو من أكملها فبطلميوس الأول هو الذي أمر بتأسيس المكتبة وتنظيمها على نفقته، ثم أكمل ذلك خلفه بطليموس الثاني.
كذلك هناك اختلاف في العام الذي تم إنشائها فيه فهناك من يقول أنها أنشئت في عام 330 قبل الميلاد وهناك من يقول أنه تم إنشائها عام 288 قبل الميلاد.
• هل مكتبة الإسكندرية القديمة أول مكتبة في العالم؟
يعتقد الكثيرون أن مكتبة الإسكندرية هى أول مكتبات العالم ولكن هذا ليس صحيح فمكتبات المعابد الفرعونية كانت معروفة عند القدماء المصريين ولكنها كانت خاصة بالكهنة فقط.
ومن هنا تأتي عظمة مكتبة الإسكندرية الملكية لأنها أقدم مكتبة حكومية عامة في العالم القديم، تضم أكبر مجموعة من الكتب في العالم القديم والتي وصل عددها آنذاك إلى 700 ألف مجلد، فقد جمعت كتب وعلوم الحضارتين الفرعونية والإغريقية وبها حدث المزج العلمي والالتقاء الثقافي الفكري بعلوم الشرق وعلوم الغرب.
وترجع عظمتها أيضاً إلى تحرر علمائها من تابو السياسة والدين والجنس والعرق والتفرقة، فالعلم فيها كان من أجل البشرية فالعالم الزائر لها أو الدارس بها لا يسأل إلا عن علمه لا عن دينه ولا قوميته.
• روايات حرق المكتبة
اختلفت هنا أيضًا الروايات التاريخية حول حريق مكتبة الإسكندرية القديمة.
يعتقد بعض المؤرخين أنه في عام 48 ق.م، قام يوليوس قيصر بحرق 101 سفينة كانت موجودة علىى شاطئ البحر المتوسط أمام مكتبة الإسكندرية، بعدما حاصره بطليموس الصغير شقيق كليوباترا، وامتدت نيران حرق السفن إلي مكتبة الإسكندرية فأحرقتها.
في حين يذكر التاريخ كذلك أنه قد لحق بالمكتبة أضرار فادحة في 391 م عندما أمر الإمبراطور الروماني "ثيودوسيوس الأول" بتدميرها، ويطرح بعض المؤرخون نظرية أخرى أنه رغم حريق ثيودوسيوس الأول فإن المكتبة قد صمدت حتى العام 640م.
ليأتي بعض المؤرخين برواية أخرى أنها دمرت تمامًا إبان فترة حكم عمرو بن العاص لمصر بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، في حين ينفي مؤرخون آخرون أي صلة للمسلمين وعمرو بن العاص في حريق المكتبة، ويصفون هذا الاتهام بالخرافة، حيث يقولون أن عمرو بن العاص دخل الإسكندرية عام 642 م، في وقت لم تكن المكتبة موجودة بناء على رواية حرقها في زمن الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر عام 48 ق.م.
والذي يدعم هذه الرواية أنه ذكرها أكثر من مؤرخ على مر القرون، كالمؤرخ بلوتارخ Plutarch في كتابه Life of Caesar الذي كتبه في نهاية القرن الأول الميلادي، والذي ذكر فيه أن المكتبة قد احترقت بفعل الحريق الذي بدأه يوليوس قيصر لتدمير الأسطول المصري المرابط في ميناء الإسكندرية.
وفي القرن الثاني الميلادي، وفي كتابه Attic Nights، يذكر المؤرخ الروماني اولوس جليوس Aulus Gellius أن المكتبة الملكية الإسكندرية قد أُحرقت بطريق الخطأ عندما أشعل بعض الجنود الرومان التابعون ليوليوس قيصر بعض النيران.
وفي القرن الرابع يتفق المؤرخان الوثني اميانوس مرسلينوس Ammianus Marcellinus والمسيحي اوروسيوس Orosius، على أن مكتبة الإسكندرية قد أُحرقت خطأً بسبب الحريق الذي بدأه يوليوس قيصر.
ولكن في الغالب هنا أن هؤلاء المؤرخين قد خلطوا بين الكلمتيّن اليونانيتين bibliothekas بمعنى مجموعة من الكتب وbibliotheka بمعنى مكتبة، وعلى هذا فقد ظنوا أن ما كتب سابقا عن حرق بعض الكتب القريبة من الميناء والموجودة في بعض المخازن هو حرق لمكتبة الإسكندرية الشهيرة.
• ما بعد حرق المكتبة
لم تكن المكتبة الوحيدة الموجودة في مدينة الإسكندرية، بل كانت هناك مكتبتان آخرتان على الأقل: مكتبة معبد السيرابيوم ومكتبة معبد السيزاريون.
ومن الموثق تاريخيًا أن المكتبة الملكية كانت مكتبة خاصة بالأسرة المالكة وبالعلماء والباحثين، بينما كانت مكتبا السيرابيوم والسيزاريون مكتبتين عامتين مفتوحتين أمام عامة الشعب.
وبعد إحراق المكتبة الملكية صارت مكتبة معبد السيرابيوم، المكتبة الرئيسية لمدينة الإسكندرية "بحسب المؤرخون".
• المكتبة الوليدة
تم إنشاء مكتبة فرعية أو "المكتبة الوليدة" لمكتبة الإسكندرية في معبد السيرابيوم، بأمر من بطليموس الثالث إفيرغيتيس، حيث أنشئ هذا الملحق على هضبة حي راكوتيس والمعروف اليوم بحي كرموز، في مكان من الإسكندرية بعيداً عن شاطئ البحر في معبد قديم شيده البطالمة الأوائل.
استطاعت هذه المكتبة الصمود وعبور القرون مكتسبة كسابقتها شهرة وأهمية كبيرتين في شتى أرجاء العالم، وقد حافظ الأباطرة الرومان، فيما بعد، على المكتبة وطوّروا تجهيزاتها بنظام تدفئة مركزية بمد أنابيب عبر الحوائط وذلك للحفاظ على جفاف الجو داخل المستودعات الأرضية.
• محاولات بعث من جديد
في سنة 2002 وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة"اليونسكو"، تم تدشين مكتبة الإسكندرية الجديدة وتقع كلتا المكتبتين في مدينة الإسكندرية.