الإصلاح الحزبي: هل يفعله البرلمان أم ينتظر رئيس الجهورية؟
يوسف سيدهم
مساحة رأي | بقلم يوسف سيدهم
٤٣:
٠٩
ص +02:00 EET
الأحد ١٤ اكتوبر ٢٠١٨
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (704)
في مستهل هذا الشهر بدأ مجلس النواب دور انعقاده الرابع في الدورة التشريعية التي تمتد خمس سنوات وبعدها يتم انتخاب مجلس جديد, وبطبيعة الحال يزدحم جدول أعمال المجلس ولجانه بالأعباء التشريعية ورقابة السلطة التنفيذية علاوة علي مباشرة تنفيذ تكليفات رئيس الجمهورية ومشروعات القوانين التي تتقدم بها الحكومة.
يباشر المجلس هذه الأعباء بتشكيله الذي يتأرجح بين تركيبات حزبية أقلها قوي وأكثرها هزيل وبين محاولات للائتلاف,لتكوين أغلبية لدعم الحكومة-والغريب أنه لا توجد محاولات لتكوين معارضة قوية تحدث توازنا سياسيا- لكن وسط كل ذلك ماتزال الأحزاب مبعثرة تزهو بهويتها الخاصة المجردة من برامج تميزها عن غيرها ومن تواجد في الشارع يعتمد علي عضوية ملموسة هي عمادها الأساسي.
هذا ملف مسكوت عنه فتحته منذ ما يقرب من عامين وعاهدت نفسي ألا أغلقه: ملف الإصلاح الحزبي لواقع ظاهرة حرية تأسيس الأحزاب وحقيقته انفلات غير مقيد بمعايير أو مراجعات أو ضوابط أدي إلي ساحة سياسية تضم زهاء المائة حزب معظمها لا تتجاوز تركيبتها المجموعة التأسيسية لها وتتلاطم هوياتها وبرامجها في زخارف كلامية تسوق تطلعات وأهدافا وطنية واجتماعية لكن لا تقدم برامج وخططا واضحة تجذب إليها الجماهير… وبالتالي بات الواقع الحزبي يتصف بالتشرذم والضعف وعدم القدرة علي التأثير في الحياة السياسية… باختصار هي تركيبة تضم حشدا من الجزر المعزولة التي لا حول لها ولا قوة إلا إذا اقتربت من بعضها البعض وتلاقت لتكوين كتل قليلة العدد محددة الهوية والبرامج قوية التأثير في الشارع.
وكلما تعرضت لملف الإصلاح الحزبي أتذكر تجربة مماثلة مرت بها مصر منذ أكثر من عشرين عاما في مجال الإصلاح البنكي والمصرفي… عقب انتشار كيانات بنكية جديدة تعتمد علي جذب مدخرات المواطنين وتدويرها لتوليد الفوائد والأرباح لكن دون الإسهام الفعال في تمويل المشروعات أو تنشيط الاقتصاد.
وحين أدرك القائمون علي الاقتصاد والنظام المصرفي مغبة ذلك الواقع عملوا علي إصدار التشريعات التي تلزم أي بنك يعمل في السوق المصرية بألا يقل رأسماله-في ذلك الوقت -عن خمسمائة مليون جنيه وإلا يتم شطب ترخيص مزاولته العمل… وكان من نتيجة ذلك أنه تم زيادة رأس مال البعض واندماج البنوك الصغيرة مع بعضها البعض أو استحواذ البنوك الكبيرة عليها وخروج البنوك التي فشلت في توفيق أوضاعها من السوق لتتعافي السوق المصرفية وتقتصر علي كيانات بنكية قوية عددها أقل لكن قدرتها علي توظيف المدخرات وتمويل خطط التنمية واحتياجات الاستثمار واضحة.
إننا في أمس الاحتياج إلي صدور تشريعات تلزم الأحزاب بالاندماج وأقول تلزم لأننا لم نعد نملك ترف الدعوة الاختيارية لبلوغ هذا الهدف,فقد عبر الكثيرون عن حتمية حدوث ذلك- وبينهم الرئيس السيسي نفسه- لكن الاستجابة من جانب الأحزاب لم تتجاوز زخرف الحديث والقليل من الندوات دون تحقيق شيء ملموس اللهم إلا محاولة الائتلاف البرلماني لأهداف سياسية وليست حزبية.
وأري أنه يلزم وضع ضوابط لحرية تأسيس الأحزاب ومباشرتها العمل السياسي يكون حدها الأدني ما يلي:
** تأسيس كتل سياسية تعتمد علي محاور الانتماء والعمل الحزبي ولا تتجاوز الخمس كتل هي: اليمين, يمين الوسط, الوسط, يسار الوسط واليسار, وكل من يعرف العمل السياسي يدرك جيدا ما تمثله كل كتلة من توجهات وبرامج تميزها عن الأخري وتعطيها الهوية التي تخاطب بها الجماهير.
** اصطفاف الأحزاب في هذه الكتل الخمس يحفظ لها هويتها الخاصة وفي الوقت نفسه يقويها بالتواجد السياسي ضمن أحزاب أخري تتناغم معها في برامجها وتتحالف معها في المنافسات الانتخابية وعضوية المجالس المحلية والتشريعية.
** وضع معايير لحجم العضوية الحزبية باعتباره الحد الأدني للاستحقاق الحزبي والاختبار الحقيقي لتواجد الحزب في الشارع وسط الجماهير.
** وضع آليات لرقابة ومراجعة كل ما سبق لضمان استمرار الالتزام به وشطب كل حزب يتآكل أو يخرج عن الاصطفاف السياسي.
*** هذا ما أتطلع إليه نحو حتمية الإصلاح الحزبي, وأكرر ما كتبته مسبقا… هل يدرك القائمون علي الأحزاب ذلك؟… هل تبادر لجنة تأسيس الأحزاب بروشتة الإصلاح؟… هل يفعلها البرلمان؟.. أم يتقاعس الجميع حتي تجيء التوجيهات من رئيس الجمهورية؟!!
نقلآ عن جريدة وطنى
الكلمات المتعلقة