الأقباط متحدون - يا ديمقراطية يا
أخر تحديث ٢٣:٣٣ | الخميس ٢٨ يوليو ٢٠١١ | ٢١ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٦٨ السنة السادسة
إغلاق تصغير

يا ديمقراطية يا

بقلم: أماني موسى

في يوم من ذات الأيام سمعنا خناقة وضرب وانفجارات عند الجيران، فدخلت أتفرج واصطاد الشباشب والهدوم اللي عمالة تتحدف في الهوا، وكنت فاكرة أن جوز جارتنا بيديها الواجب بتاع كل يوم، لكن لقيتها هي المرة دي اللي بتعمل دور "مازينجر" ونازلة طحن في ابنها.... وبعد ما أتفض المولد وعاد كل واحد لمكانه والشباشب رجعت أدراجها، سألتها عن سبب فيلم الأكشن اللي قامت ببطولته دة، وكان السبب أن ابنها طلب من السيد الوالد موبايل باتنين كاميرا زي بقية ولاد العيلة وأبوه بعد مشاورات ومباحثات قرر يتعطف عليه ويجيب له الموبايل اللي هو نفسه فيه.
ولكن الولد الشقي المخرب بوظ الموبايل ومبقاش ينفع إلا أنه يتبروز للذكرى ويتكتب عليه "هنا يرقد المرحوم" ولما سألتها إزاي؟ قالت لأنه مكانش عارف إزاي يستخدمه ولا حاول يعرف.
أستنوا متناموش مش دي كل القصة...
 

القصة دي فكرتني بالواقع اللي عايشينه دلوقتي، عهد الحريات والديمقراطية، كلنا عايزين ديمقراطية زي ما ابن جارتنا كان عايز الموبايل بالظبط، ما كل دول الفرنجة عايشينها اللي اسمها ديمقراطية دي، جات علينا يعني؟!!
لكن للأسف إحنا زي ابن جارتنا لا عارفين معنى الديمقراطية ولا مارسناها على المستوى العام أو حتى الشخصي ولا معانا كتالوجها لكن اللي نعرفه إننا عايزينها وخلاص، وكل الشعب بيبقى "محموق المليجي" أول ما حد يعبر عن رأيه ويقول له أنت متعرفش يعني إيه ديمقراطية ومتعرفش تعيشها...
طيب ما تيجوا نفكر بالراحة كدة ويمكن نوصل لنفس النتيجة اللي قالوها الناس الكبارة دول بإننا منعرفش الديمقراطية ولا هينفع نعيشها بالوقت الحالي.
هبسطهالك .... لو سألنا واحد سلفي يعني إيه ديمقراطية هيقول لك هي تطبيق شرع الله وإقامة الدولة الدينية، أما الديمقراطية بمعناها الدقيق وفق المعجم الوجيز فهي فسق ورجز وفجور ومدعيها هم أهل لوط!!
نسأل بقى واحد ليبرالي هيقولك هي الحرية والمساواة والعدل لجميع المواطنين وضمنيًا كدة مش هتتحقق إلا بالدولة المدنية.
ولما نسأل رجل الشارع هيقولك : هما بيقولوا أنها حرية الرأي والتعبير.. ولما تسأل أونكل قذافي هيقولك هي "ديمو الكراسي" وألزق.
إذًا إحنا أختلفنا أهو على مفهوم الديمقراطية وكل فئة هتوظفها حسب مصالحها وبالتالي هتبقى فوضى.
 


وكتير سألت نفسي هي الديمقراطية هي بس حرية الرأي والتعبير وللا كمان حرية الرأي الآخر واحترامه ؟؟ لأن الواقع الصراحة بيقول إننا عندنا سوء فهم للديمقراطية، وهدلل بأمثلة مش من مخيخي..
يعني مثلاً لو ربنا كرمك وحضرت ندوة وفيها فصايل سياسية مختلفة والمدعوين فيها هما طبقة المثقفين ، هتلاقي الجلسة النقاشية قلبت بجلسة خناقية حادة وكأنك بتشوف صراع الديوك، العلماني بيصف الديني بالجاهل والمتخلف والمتجمد فكريًا وعمنا الديني بيصف العلماني بالفاجر والسفيه والكافر الزنديق.
وأي اتنين يختلفوا على رأي هتلاقي كل طرف عارف ومصدق أنه معاه مفتاح الحقيقة المطلقة ومش عايز يسمع أو حتى يفكر في الرأي الآخر لكن عايز يقنع الآخر برأيه.
 


والمسلم شايف المسيحي كافر ونفسه يهديه للجنة ونعيمها والمسيحي شايف المسلم غلط ومشفق عليه وعايزه يدخل الجنة ونعيمها. والأهلاوي شايف الزملكاوي خسران وضعفان والزملكاوي شايف الأهلاوي شعبي وبيئة ... وهكذا الأمثلة لا تنتهي لأننا لا نتقن ولا نمارس ثقافة الاختلاف وكلاً منا على ظن بأنه يملك الحقيقة المطلقة مما يؤدي بنا لصراع وفوضى غير خلاقة. بيني وبينكوا إنا معذروين إحنا شعب تربى وتغذى وترعرع على الديكتاتورية لأكتر من خمسين سنة ، نيجي فجأة كدة يقولوا لنا ياللا غيروا اللي بتتعاطوه دة وأشربوا الديمقراطية.

أتمنى إننا نعيش الديمقراطية ومنشربهاش!!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter