الأقباط متحدون - سيّارة الجيب الأحمر
  • ١٤:٣٧
  • السبت , ٦ اكتوبر ٢٠١٨
English version

سيّارة الجيب الأحمر

زهير دعيم

مساحة رأي

٠٠: ١٠ ص +02:00 EET

السبت ٦ اكتوبر ٢٠١٨

 سيّارة الجيب الأحمر
سيّارة الجيب الأحمر
كتب: زهير دعيم
لاحظ الزوج أنّ زوجته منذ يومين بدأت " تزوم وتعوم"  "وتقلب خلقتها على الفاضي" ..ولم يعرف المسكين لها سببًا ، فما يذكر أنّه أزعلها بشيء أو مسّ شعورها المُرهَف بسوء .
 
فهشّ وبشّ وحاول أن يعرف السبب الحقيقيّ ، فلا بدَّ من سبب ، فليست فيه المرّة الاولى التي تفعلها ست البيت لتحصِّل شيئًا.
 
 وبعد استدراج قليل فتحت " المستورة" فاها قائلة :
" أبوها ليس بأفضل من أبي ، بل بالعكس فقد كان أبي عنوانًا ورمزًا  ، وليست هي بأفضل منّي أو أجمل ، حتّى يشتري لها زوجها جيبًا أحمر جديدًا من الوكالة ، في حين أسوق أنا سيّارة  أكل الدهر عليها وشرب منذ خمس سنوات"
 
أنظر اليها منفوشةً كما ديك الحَبَش ، تمشي على رؤوس أصابعها وكأن الأرض لا تحملها !!!
 
ويروح المسكين يشرح لها ويُفسّر ويُبرّر : أنّها ليست أفضل منك ولا أجمل،  ولكنّ الامر مُتعلّق بالميزانيّات والمدخولات والوضع الاقتصاديّ ، فزوج المحروسة راحيل يقبض راتبًا كبيرًا يفوق راتبي وراتبك بكثير ، ناهيك عن المدخولات الأخرى من تأجير المحالّ التجاريّة.
 
  وتُبرطم الزوجة ولا تريد أن تفهم!..تريد جيبًا أحمر أو ليلكيًّا لا يقلّ سعرًا عن جيب راحيل ، بل يَفقه سعرًا وجمالًا وقوّة خيل.
 
 وتنفَضُّ المحاولات والمُحادثات بالقطيعة ، فتترك "المحروسة"  البيت الى بيت اهلها....................... وما زالت هناك.
 
قد حدثت هذه القصّة على أرض الواقع وقد تحدُث، فالتشبّه بالغير أضحى مرضًا ، ومحاولاتنا ألّا نكون نحن أنفسنا بل نكون الغير والافضل دون النّزول الى أرض الواقع ، يضعنا في مأزق ويضعنا في وضع نستدين به ونتورّط. فالسعادة الحقيقيّة ما كانت مرّة بالسيّارة والجيب والفيلا بقدر ما كانت بالقناعة والمحبّة ومخافة الربّ وقبول وتقبّل الواقع والتعايُش مع الموجود ، ولا بأس أحيانًا من أن نحلم ، على ان يكون الحلم " على قدّ فراشنا" ، وبمقدورنا ببعض الجِدّ والنشاط ان نُحقّقه.
 
قديمًا قالت جدّتي : " من يتسلّق الى أعلى قد يسقط ويكسر عنقه" 
 
دعونا نصعد بقدر طاقتنا ..
 
دعونا نحلم بقدر امكانياتنا ..
 
دعونا ان لا نتشبّه إلّا بمن هو قريب منّا ومن أوضاعنا وظروفنا ، وإلا فقد نفرط عقد العائلة ، ونضيع في متاهات الدّيون والقروض السّوداء والعيش النكد.