جريمة زوجة أب بسوهاج.. «نادية» خنقت «فرحة» ذات الأعوام الأربعة وألقتها من الدور الثانى
حوادث | الأهرام
السبت ٦ اكتوبر ٢٠١٨
عندما اختطف الموت الأم من بيِن أطفالها الثلاثة، لم يِكن أكبرهم قد جاوز الرابعة من العمر ثم تصغره الثانيِة بسنة والثالثة لم تكن قد أكملت عامها الأول. وبالطبع لم يِكن فيِ قدرة الأب أن يِمضيِ بهم فيِ الحيِاة، فبعد طول تردد اضطر لتنفيِذ النصيِحة التي كان يِبغضها من أعماقه، فلم يِكن الوفاء لرفيِقة عمره الراحلة هو وحده الذيِ جعله يِقاوم فكرة الزواج ولكنه كان مفرطا فيِ قلقه علي أطفاله من أن يِدخل عليِهم امرأة قد تسيِء معاملتهم كما هو متوقع من أيِ زوجة أب تجاه أبناء ضرتها ولو كانت من بيِن الأموات.
ــ «ناديِة بنت طيِبة يِا يِاسر فاتها قطار الزواج وفقدت فرصة الأمومة، فهيِ أنسب واحدة ممكن تربيِ أولادك». نظر يِاسر إلي أطفاله، فالآن محمد أكمل السنوات الست وبعده هند ذات الخامسة ثم حبة القلب وقرة العيِن «فرحة» التي قتل الموت كل فرحة حولها برحيِل أمها وهيِ تخطو نحو السنة الثانيِة من العمر، هذه هيِ التي ستجعلك ترضخ للزواج فلعل الدنيِا تعوضها بأم جديِدة.
كانت فرحة تطلق صراخها كطفلة فيِتمزق قلبه ولا يِدريِ ما سبب البكاء، أتراها استشعرت مرارة اليِتم بمشاعر خضراء لم تتشكل بعد، أم تراها جائعة تبحث عن ثديِ أم تلقمه بفمها ليِشبعها بليِن الأمومة؟، أم هيِ خائفة تريِد صدرا حانيِا يِضمها ويِبعث فيِ أوصالها الأمان لتنام آمنة مطمئنة؟.
كان يِاسر يِأسي لفرحة التي كتب عليِها القدر ألا تنطق شفتاها بكلمة «ماما» وكان شرطه الأول لكيِ يِنفذ نصيِحة من حوله بأن يِتزوج من واحدة لم يِسبق لها الإنجاب، حتي لا تفرق بيِن أبنائها وأبنائه خصوصا «فرحة».
ودخلت ناديِة البيِت لتضم حولها الأطفال الثلاثة لعلها تغيِر الفكرة القاتمة عن زوجة الأب، فقد كانت تعرف أنها سترعاهم جميِعا وها هيِ تلحق بقطار الزواج بعد أن ظنت أنه غادر كل محطات حيِاتها، كما أن صغر أعمار الأطفال سيِهيِئ لها الفرصة لتنعم بأمومة دون إنجاب والنسوة فيِ قريِة «الصفيِحة» بمركز طهطا من حولها يِشجعنها علي ذلك.
ــ «الأم الحقيِقيِة هيِ التي تربيِ وتكبر»
ــ «يِاما شفنا زوجات آباء أحن علي أولاد أزواجهم من أمهاتهم»
ــ «فرصتك أن تدخليِ الجنة بسبب هؤلاء اليِتامي»
لكن ناديِة تريِد أن تكون هيِ وحدها سيِدة المنزل بلا منازع؛ «مهما كان هم ليِسوا أبنائيِ. مرت سنة وبعده ستمر السنوات وفشلت أن أكون أما.. أشعر بأن «ضرتيِ» مازالت حيِة فيِ أنفاس أولادها وفيِ صمت زوجيِ الذيِ يِضم ابنته فرحة التي أكملت السنة الرابعة وكأنه يِخاف عليِها مني.. إننيِ كلما رأيِته يِضمها إلي صدره عند قدومه من خارج البيِت أشعر وكأنه يِتهمنيِ بالإهمال فيِ رعايِتها ولم اعد أطيِق ذلك.. فبعد ثلاث سنوات هنا فيِ بيِت يِاسر لم تزل تلك المسخوطة الصغيِرة هيِ أهم ما فيِ البيِت».
ــ «كله إلا فرحة»
إنذار عنيِف لكنه صادق اللهجة ولا يِبدو الشر فيِ وجه يِاسر إلا فيِ التحذيِر مما قد يِمس الطفلة الصغيِرة!
وبالفعل كان اهتمام يِاسر بفرحة ملفتا للغايِة لكن ناديِة لم تعد تطيِق تلك المبررات التي يِسوقها للإفراط فيِ حبه وكان يِصيِبها الاختناق من كل شيِء حولها بسبب فرحة تلك التي ترقد نائمة أمامها والبيِت خال مما سواهما.
«إن كان الحب يِمكن أن يِنشأ عظيِما بلا أيِ سبب فكذلك الكراهيِة تكون».
وهكذا امتلأ قلب زوجة الأب بالكراهيِة لكل شيِء حولها حتي سرت فيِ عروقها، فتقدمت بخطوات مرتعشة جاحظة العيِنيِن تجاه الطفلة الوادعة وهيِ تغط فيِ نومها علي إحدي أرائك البيِت، فهوت بيِديِها علي عنق الطفلة ولم تتركها حتي أخمدت أنفاس الحيِاة فيِ صدرها ثم حملت جسدها الصغيِر لتلقيِ به من الدور الثانيِ بالبيِت وأطلقت الصراخ معلنة موت فرحة.
ــ ماتت؟!.. كيف ماتت؟.
وجدت نادية والتى يحمل وجهها ملامح القصوى الشديدة أن ادعاءها بسقوط فرحة من الطابق الدور الثانيِ قد يِجعلها محل اتهام أبيِها بالإهمال وسيِكون انتقامه عظيِما.
ــ «أحلف بكل الأيِمانات إن فرحة سقطت من علي الكنبة علي رأسها وها هيِ الإصابة فيِ رأسها كما تري فهي كانت نائمة وسقطت فانتبهت علي صوت الارتطام بالأرض فهرعت إليِها ولكن سهم الله نفذ.. يِا حبيِبتي يِا فرحة يِا بنتيِ.. «أنا لو خلفت ما كان يِمكن أن أحب ولاديِ مثلما أحب فرحة».
وكاد الأب يِصدق ولكن مفتش الصحة الذيِ حضر للكشف وتحريِر شهادة وفاة فرحة، شك فيِ الأمر عندما لاحظ بعيِن الخبيِر سحجات وزرقة حول الرقبة مما يِشيِر إلي أن فيِ الأمر جريِمة. ولم يِكن من سبب، سوي رغبة معرفة الحقيِقة، فذلك الذي جعل الأب يِوافق علي أن يِعمل الطبيِب الشرعيِ مشرطه فيِ جسد أحب المخلوقات لديِه، فقام بإبلاغ مركز طهطا ليِتم إخطار العميِد عبد الحميِد أبو موسي مديِر مباحث سوهاج ويِأمر بإحالة المتهمة إلي النيِابة بعد اعترافها امام اللواء عمر عبد العال مساعد وزيِر الداخليِة واللواء هشام الشافعيِ مديِر امن سوهاج بأنها خنقت الطفلة غيِرة منها لفرط اهتمام أبيِها بها وأنها ألقت بها من الدور الثانيِ ثم ادعت بسقوطها من الأريِكة خشيِة انتقام الأب وقد تم اخطار اللواء اشرف توفيِق وكيِل المباحث الجنائيِة بقطاع الامن العام.. وقد أمرت النيِابة بحبس المتهمة واستعجال تقريِر الطب الشرعيِ عن أسباب الوفاة بعد تشريِح الجثة.