داود عبد السيد الانطوائي المنعزل واسئلته الاولى من خلال صعلوكاه
رومانى صبري
٥٣:
٠٧
م +02:00 EET
الثلاثاء ٢ اكتوبر ٢٠١٨
كتب - روماني صبري
" العمل كمساعد مخرج اصابني بالحزن والاحباط ، لم احب تلك المهنة ، انها تتطلب الكثير من التركيز وهذا ما افتقده ، لست قادرا على التركيز الا فيما يهمني "
هكذا وصف داود عبد السيد مهنة مساعد المخرج بالنسبة لشخص انطوائي ومنعزل مثله . تأمله المستمر اخرج افضل ما فيه لذلك اصبح اعظم من تأمل في النفس البشرية دون خوف مقارنة بابناء جيله .
كان من الطبيعي الا تشبعه السينما التسجيليةلان الخيال داخلها محدود وتتسم بواقعية شديدة للغاية لانها تقدم الواقع كما هو بالمعنى الاكثر صدقا ، حتى وان كان هناك بعض الحرية في اسلوب التصوير وحركة الكاميرا وتنظيم التكوين . وهو انسان يفكر ويساءل وينعزل كثيرا
الصعاليك – اول افلام داود الروائية الطويلة
جمعهما الفقر اما دوافع اتجاهاتهم كان لها رأي اخر
برغم ان الفيلم كان يسير كالقطار المقترب من محطته الا انه احتوى على عدد من اللقطات الطويلة – الماستر شوت – وقام بالتحديق جيدا داخل ابطاله . نعم هو فيلم لداود عبد السيد مهما كان مختلفا في لغته السينمائية عن باقي افلامه .الفيلم الاول يكشف عن مخرجه وهذا يكفي بالنسبة الي لا اريد اي شيء اخر .
تدور احداث الفيلم حول قصة صداقة حقيقية تجمع اثنين من الصعاليك هما مرسي وصلاح . ذات يوم اصطدموا دون قصد في رجل يرتدي بدلة بيضاء ، اتسخت بدلته بعض الشيء نتيجة احتكاكها بملابسهم المهلهلة البسيطة ، استشاط الرجل بعد ان غلبته الرغبة في الانتقام ، نظر اليهم بحدة واحتقار شديدين قائلا .. صعاليك
تتملكهم الدهشة والحيرة فيستنجدون بشاب صغير كان يمر بجوارهم ليفك لهم طلاسيم الكلمة
كابتن كابتن ... يعني ايه صعاليك ؟!
صعاليك ؟.... يعني صعاليك !
اه يعني صعاليك !
شتيمة يعني ؟
اه شتيمة
شتيمة يامرسي
شتيمة يابو صلاح
يركضون وراء الرجل ، يتناولون الطين من الارض ويلطخون ملابسه وراسه حتى يجعلونه اضحوكة . يعاودون ببطء شديد وصوت ضحكاتهم قد اعتراه النصر .من خلال هذا المشهد ينقلب الفيلم راسا على عقب . يصدم مرسي احدى المارة بالسيارة دون قصد او تعمد نتيجة عدم كفايته من النوم فيقتله ، يركض صلاح الي الضابط ويعترف له بانه من كان يقود ومرسي من كان يجلس بجواره مبتعدا كل البعد عن عجلة القيادة .
تصطحبهم المدينة الساحلية الكبيرة والتي اصبحت وجبة سهلة للانفتاح الي باب المال . يشتركان في عملية تهريب تتسبب في مقتل حياتهم القديمة وبذلك يعتزلون حياه الصعلكة .فيدخلان عالم التجارة ويعرفان لغة المصالح النفوذ والخوف من ضياع ما قد حققوه .استطاع داود من خلال مشاهد الصداقة ان يطرح الكثير من الاسئلة وان يبرز الحميمية بينهم وشدة اخلاص الاخر للاخروالجمع بين هذين النقيضين الفقر والمال . لقد اجبروا على الفقر لذلك كافحوا كثيرا للتخلص منه مهما كلفهم الامر . برغم كل ذلك لم يفقدهم الفقر اعتزازهم بانفسهم بل منحهم القوة وعدم الخوف .
ينكشف من خلال شخصية صفية زوجة مرسي معاني كثيرة مثل الحب الاعجاب الاول ، والحب ، السعي للزواج ، الخيانة الزوجية والتي وقعت فيها مع صلاح دون ان تدري لانه يشبه زوجها ، فتور العلاقات الزوجية والجنسية ، الروتين الحياتي وقسوته .
اللقطات الواسعة في بداية الفيلم لم تكن مقنعة في التعبير عن تلك الحقبة والسبب في ذلك يعود لظروف الانتاج الصعبة .
يدرك صلاح بعدما فشلت علاقته مع الفتاة الوحيدة التي احبها ان الثراء لمم يكن كافيا لانجاح العلاقة . كانت تقول له انت زكيبة فلوس . يحاول صلاح العودة للرجل القديم الذي لم يكن ليخشى شيئا وهو صعلوك نتن الرائحة ، فيقرر فضح الرجل الكبير الذي ابتزهم ولعب على نقطة الخوف التي تسكنهم بسبب ماضيهم. كان يريد تطهير نفسه من الخوف لكن مرسي لم يكن ليتركه يفعل ذلك وعندما يقع الخيار بين عودته لحياة الصعاليك او قتل صلاح يقتل صديقه . كانت النهاية قاسية وذكية جدا بالنسبة لي . لم ينهي داود الفيلم بهذا المشهد بل استعان بالفلاش باك الذي جمع الصديقين مرة اخري وهم ينتقمون مرة ثانية من الرجل صاحب البدلة البيضاء .
الكلمات المتعلقة