أمانة فى رقبة الإمام الأكبر
مقالات مختارة | حمدى رزق
السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٨
المعلومات الشحيحة المتسربة من المشيخة الأزهرية، حيث تعقد الجلسات التحضيرية لقانون الأحوال الشخصية الجديد، تشى بأننا بصدد قانون خطير يحتاج إلى حيطة وحذر وحكمة وأناة فى تمحيص كل حرف وليس كل كلمة، فهذا قانون يمس الوحدة القاعدية مجتمعيا، يمس الأسرة المصرية، وهذا لعمرى أخطر قانون فى تاريخ المحروسة.
اضطلاع المشيخة الأزهرية بالمهمة ضرورة، ورغم وجاهة الرافضين لتمدد الأزهر فى الحياة المدنية باعتباره مرجعية دينية فى دولة مفترض أنها مدنية، أعتقد أن الأزهر سيحيط القانون بسياج شرعى يحتكم إليه المحتربون زوجيا، كل فريق يلجأ لتفسير شرعى يحلل به موقفه، ومادام الاحتكام للشرع ضرورة حاكمة فلا ضير من العمامة الأزهرية شريطة فتح حوار مجتمعى ناضج يقوده الإمام الأكبر الطيب أحمد الطيب وترعاه المشيخة قبل خروج القانون إلى النور، وتستقطب إلى مناقشته كل الفعاليات العاملة على ساحة الأحوال الشخصية، لترفده بخبرات واقعية تحصنه من حالة الاحتراب مجتمعيا.
حضور المستشارة أمل عمار، عضو المجلس القومى للمرأة، لافت بين العمائم، ولكنه ليس كافيا، وتمنيت تمثيلا نسويا أكثر كثافة، وفى ظهرانينا الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة فى جامعة الأزهر، التى لم تُدعَ إلى هذا المحفل الأزهرى المعتبر الذى يرعى قانونا أنفقت سنوات من عمرها على بحث أوجهه وتقليب قضاياه، إسهاما جعل منها طرفا أصيلا فى قضايا الأحوال الشخصية، غيابها لافت، وأرجو أن تلحق بالجلسات النهائية لصياغة مشروع القانون.
حسنًا حضور وزارة العدل بعضوين، أحدهما المستشارة أمل عمار رئيس محكمة الاستئناف، تمثيل مزدوح، فشراكة وزارة العدل بخبرات قضاتها فى محاكم الأسرة فى هذه اللجنة ضرورة تفرضها تصدى هذه الخبرات لقضايا الأحوال الشخصية يوميا وفى مختلف الدوائر، القانون ليس أفكارا معلقة فى الهواء، والشرع وإن كان حاكما بالنص المقدس، فإن الواقع يفرض نفسه بما لا يجافى النص أو يصدمه، بل بالاجتهاد الذى يوفر حلولاً لواقع معاش معقد.
جيد حضور العلماء الثقات، مفتى مصر الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، ومفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، ولكن أين المفتى السابق الدكتور على جمعة من أعمال هذه اللجنة، أعتقد أن لجنة على هذا المستوى الرفيع علميا كان مفترضا أن تضم كل المفتين السابقين.
والثقات من الشخصيات العامة الذين لهم إسهام متقدم فى قضايا الأحوال الشخصية، يستوجب إطلاعهم فى جلسات حوارية على بنود مشروع القانون، يقينًا سيرفدون هذا المشروع الأزهرى بأفكار مدنية تصطخب بها الساحة محليا ودوليا، لسنا بمعزل عن الفكر العالمى، لا يعنى أن نستطحب أفكارا غربية، ولكن أفكارا مدنية تستأهل التوقف أمامها وتبين الصالح منها للحالة المصرية.
ما يُطمئن ما رشح عن جلسات الإمام الأكبر التحضيرية بأن القانون لن ينتقص حقا حصلت عليه المرأة سابقا، وألا يأتى القانون ليهدم بناية سابقة بل يبنى عليها إلى مزيد من حقوق المرأة، إحقاقا لحقوق المرأة التى بغى عليها الباغون فى زمن مضى ولايزال يحكمنا حتى ساعته وتاريخه رغم تغير الزمان والمكان وتعقد الحياة الزوجية، وخروج المرأة إلى العمل، وتوليها من الولاية، وهذا من حكمة الإمام الأكبر.. وفقه الله إلى ما يحبه ويرضاه.
نقلا عن اليوم السابع