الأقباط متحدون - «لا مؤاخذة»: «#أنا - ضد التنمر»!
  • ٢١:٠٩
  • الاثنين , ٢٤ سبتمبر ٢٠١٨
English version

«لا مؤاخذة»: «#أنا - ضد التنمر»!

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٠٢: ٠٦ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٨

سحر الجعارة
سحر الجعارة

«الواد هانى طلع كوفتس».. أشهر جملة فى فيلم «لا مؤاخذة» تكشف التمييز والعنصرية بين الطلاب فى المدارس، و«التعصب بالفطرة» ضد المسيحيين لأنهم تربوا فى منازل تغذى «كراهية الآخر» فى نفوسهم، واستمعوا إلى منابر تطلق صيحات التكبير ثم تدعو على «النصارى واليهود».. هكذا بعفوية لأنهم تربوا على مناهج الأزهر التى تعلمهم أن المسيحى «ذمى وكافر ويجب فرض الجزية عليه».. هؤلاء الأطفال الذين فقدوا براءتهم من الصغر لا يعلمون شيئاً عن شرط الإيمان فى الإسلام الذى يفرض على المسلم الإيمان بكل الرسل: (لا نُفَرِّق بَيْن أحدٍ من رُسُلِه) «البقرة/285».. لكن الآباء المتعصبين لقّنوهم قواعد «العداء» التى تبدأ باللغة الشاذة الغريبة التى نعرف مَن صكّها، فقالوا عن المسيحى «كوفتس وأربعة ريشة وعضمة زرقاء»، وأنا أعتذر عن ذكر هذه الألفاظ السخيفة، ثم حذروهم من الأكل فى بيوت المسيحيين لأنهم يأكلون «لحم الخنزير».. ثم انهالت الفتاوى العمياء من كل اتجاه تحرّم إلقاء السلام على القبطى أو تهنئته فى عيده... إلى آخر تلك الخزعبلات التى لا علاقة لها بالإسلام!

«هانى عبدالله»، بطل فيلم «لا مؤاخذة»، طفل يتيم مات -فجأة- أبوه الذى كان يكفل له التعليم فى مدارس أجنبية لا تعرف التمييز العرقى أو الدينى، واضطرت الأم إلى أن تُلحقه بمدارس الحكومة (حد يقدر يقول الحكومة وحشة)، ولأن اسمه لا يعبّر عن ديانته قال المعلم: «الحمد لله كلنا مسلمين»!!.

حذرته أمه قبل الذهاب للمدرسة من الحديث فى الدين، وهو المقبل من مجتمع لا يعرف «العنف» ولا الضرب حول المدارس ولا القفز من فوق الأسوار ولا التدخين فى الحمامات المتهالكة!

حاول «هانى» أن يزيل الفارق الطبقى بينه وبين زملائه خوفاً من عنفهم، فدخل مسابقة للاختراعات، ثم دخل مسابقة للإنشاد الدينى، حتى فاز فى مسابقة لحفظ أسماء الله الحسنى.. لكنه من بين الزملاء لم يقترب إلا من «ابن الحلاق» الذى أسمعه الأغانى الشعبية، وعلّمه الرقص على «أوكا وأورتيجا»، وقطع «هانى» عزلته بالاشتباك بالأيدى والعراك ليثبت أخيراً أنه ينتمى لهذا المجتمع الذى تحكمه «ثقافة العنف» وأنه ليس مغترباً عن واقعه.. حتى يكتشف الزملاء أنه «أربعة ريشة»، حين تزور أمه المدرسة مرتدية «الصليب»!

ما الذى ذكّرنى بالفيلم الآن؟ إنها حملة «#أنا - ضد التنمر» التى أطلقتها وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، والمجلس القومى للطفولة والأمومة.. لمحاربة ظاهرة التنمر بين طلاب المدارس، والتى تُعرف بالتنمر المدرسى، أو البلطجة، والتسلط، والترهيب، والاستئساد، والاستقواء، وكلها أسماء مختلفة لظاهرة سلبية بدأت تغزو مدارسنا.

وقد عبّرت الدكتورة «عزة العشماوى»، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، عن سعادتها الغامرة بردود الفعل الإيجابية للحملة، وتقديم خدمة المشورة التليفونية مجاناً من خلال، خط نجدة الطفل 16000، وذلك من خلال استشاريين متخصصين فى مثل هذه الحالات.

وأنا أقول لكل القائمين على الحملة: إن لم تقضوا على «ثقافة الكراهية»، والمناخ السلفى المعادى للآخر (حتى بين الذكر والأنثى)، وإن لم تتم تنقية مناهج الأزهر من المواد التى تحتوى على تكفير الأقباط ونشر العنف (أكل لحم الأسير مثالاً)، وإن لم تغلق منابر التحريض على التحرش بالنساء، وميكروفونات الدعاء على «النصارى»، وإن لم تكف المدارس عن إبعاد الأطفال المسيحيين إلى «الحوش» فى حصة الدين.. فلا مجال للقضاء على «التنمر»!!.

«التنمر» ليس مجرد أفعال سلبية بالكلمات مثل: التهديد، التوبيخ، والشتائم، أو الاحتكاك الجسدى كالضرب والدفع والركل، كما تعرّفه «يسرا علام»، مستشار وزير التربية والتعليم للتسويق والترويج، إنه «إرهاب معنوى» يمهد الأرض للإرهاب الدموى الذى ينمو مع الطالب.. وهو ظاهرة مجتمعية لا تقتصر على المدارس ومحاربتها داخل الأسوار وعبر الخط الساخن لن تؤتى ثمارها ما دام الآباء والمشايخ والتعليم الأزهرى والإعلام السلفى كلهم يتحالفون لتكريس «التنمر».. فإن شئتم مواجهة الظاهرة فابدأوا بتعريفها وتحديد إطارها الاجتماعى لتكون المعالجة صحيحة.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع