الاتفاق الروسي التركي : هل يؤدي الي تقسيم سوريا ؟
سليمان شفيق
٢١:
١٠
م +02:00 EET
الجمعة ٢١ سبتمبر ٢٠١٨
اتفقت كل من روسيا وتركيا الاثنين الماضي علي اتفاق بشأن ادلب مكون من عشرة نقاط ، لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب بين مناطق المعارضة السورية المسلحة والنظام السوري، على أن تنزع منها جميع الأسلحة الثقيلة وتطرد منها جبهة النصرة، الامر الذي اتار العديد من الملاحظات من بعض المراقبين حول امكانية ان يؤدي هذا الاتفاق الي تقسيم سوريا ، خاصة وفق ماصرح به لوكالة رويتر الثلاثاء الماضي ، مصطفى السراج المسؤول في ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر" الذراع العسكري للاخوان المسلمين ، إن "اتفاق إدلب يحافظ على أرواح المدنيين ويجنبهم الاستهداف المباشر من قبل النظام ويدفن أحلام الأسد في فرض سيطرته الكاملة على سوريا" .
الامر الذي دعي المحلل السياسي التركي أيدين سيزير ينفي أن يكون الاتفاق التركي الروسي بشأن إحلال هدنة جديدة في سوريا، ينص على تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ، وقال سيزير لوكالة "نوفوستي": "لن تؤدي هذه الاتفاقات إلى تقسيم سوريا لمناطق نفوذ، لأن روسيا وتركيا وإيران تدعم القرار رقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي يؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا"
واضاف" أن أنقرة مثل موسكو، لا تريد تقسيم سوريا. وأكد أن القيادة التركية والرأي العام متفقان حول ضرورة التعاون مع روسيا بشأن التسوية السورية على المدى المتوسط والبعيد"
وأشار: "بالنسبة لتركيا، يعد "حزب الاتحاد الديمقراطي" لأكراد سوريا اليوم، خصما أخطر بكثير بالمقارنة مع الأسد. وتقبل القيادة التركية مرحلة انتقالية بمشاركة الأسد، لكن، حسب الموقف التركي، لا يجوز أن يبقى في منصب الرئاسة. وهنا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن لروسيا وإيران موقفا مختلفا
وفي الوقت نفسه أضاف المحلل أن الحديث لا يدور عن "هدنة شاملة" في سوريا بالمعنى الحقيقي للكلمة، لأنها ستشمل المعارضة "المعتدلة" فقط.
ولفت سيزير إلى تقارب موقف تركيا وروسيا فيما يخص تصنيف التنظيمات الإرهابية بسوريا، موضحا: "اعتبرت تركيا "جبهة النصرة" منظمة إرهابية". ".
وانتهي سيزر بالقول :" بأن تركيا في سياق عمليتها العسكرية بشمال سوريا تحارب ليس تنظيم "داعش" فحسب، بل ووحدات حماية الشعب الكردية، أما روسيا فلا تبدي مقاومة لذلك" اي ان روسيا توافقت مع تركيا علي عدم وجود اي كونفيدرالية حكم ذاتي او مناطق نفوذ للاكراد ووحدات "حماية الشعب التركية" .
اذا انتقلنا الي المحادثات التي تجري بين روسيا وايران بشأن ادلب نجد ، ما قالة رئيس الوفد الروسي في أستانة للصحافيين، ألكسندر لافرنتييف الخميس الماضي اإن الدول الثلاث تناقش تفاصيل الاتفاق في العاصمة الكازاخية استانا ، وأضاف “مهمتنا الرئيسية في هذا الاجتماع الدولي الخاص بسوريا هي وضع اللمسات النهائية وإقامة أربع مناطق لعدم التصعيد”، وتابع “اقتربنا جدا من التوصل إلى اتفاق على إقامة هذه المناطق الأربع.
ولفت لافرنتييف إلى إنه من المرجح أن يشمل الاتفاق نشر مراقبين -مثل رجال جيش وشرطة- في المناطق الأربع وبالتحديد على حدودها
والسيناريو الأقرب إلى التطبيق في إدلب هو تقسيمها لثلاث مناطق الأولى وهي المنطقة الحدودية مع تركيا ستتولى الإشراف عليها أنقرة، والثانية تلك الواقعة بمحاذاة المناطق التي يسيطر عليها النظام وسيشرف عليها الروس والإيرانيين فيما المنطقة الوسطى ستحصر جبهة فتح الشام التي ستضطر إما للاستسلام وحل نفسها وإما الحرب مع الطرفين، والخياران أحلاهما مر.
من المعروف ان روسيا وتركيا وايران يجريان مفاوضات في كازخستان منذ ينايرالماضي ، واجتماع هذا الاسبوع هو الاجتماع السادس ، والقبل الاخير، ويعتبر التوصل إلى اتفاق حول محافظة إدلب إنجازا كبيرا بالنظر إلى ما تشكله هذه المحافظة من نقطة خلاف بين القوى الثلاث، وكانت السبب في انهيار الجولة الماضية من المفاوضات .
ويرى معارضون سوريون أن ما يجري في أستانة لا يعدو كونه توافقا حول تقاسم الكعكة السورية، قبل إسدال الستار على الصراع الذي شارف عامه السابع وأدى إلى مقتل الآلاف وتهجير الملايين من المدنيين.
ويري بعض المعارضين السوريين ، أن ما يحدث في أستانة لا يمكن أن يصب في صالح الشعب السوري، ما يجري هناك لا علاقة له بمصالحنا وبقضيتنا، فهو منبر لتوزيع أرباح وجني مكاسب على مستوى إقليمي ودولي لسياسات قاموا بها أدت إلى تدمير سوريا والإبقاء على بشار الأسد متربعا
واعتبروا أن ما يجري تداوله عن اتفاق في إدلب يمهد لسوريا مفتتة ومنهكة ولا مستقبل لها غير المزيد من النزاعات والحروب في المستقبل.
ويقول مراقبون إن هناك توافقا تركيا إيرانيا بضوء أخضر روسي يقضي بوجود دائم لأنقرة في إدلب في مقابل ذلك تحصل طهران على موطئ قدم ثابت لها جنوب دمشق.
حول موقف اسرائيل من اتفاق ادلب ، اتهم مستشار الرئيس التركي للعلاقات الخارجية" ياسين أوكتاي" تل أبيب، بالسعي لتخريب الجو الإيجابي الذي خلفه التفاهم التركي الروسي حول تسوية الوضع في إدلب، مضيفا في تصريحات صحفية أن هدف إسرائيل الوحيد بسوريا يكمن في استمرار الحرب بغض النظر عمن يحكم البلاد، وتأتي تلك التصريحات متزامنة مع توالي الطروحات حول تداعيات الحادث على استمرار تطبيق التفاهمات الروسية الاسرائيلية بشأن تفادي الحوادث الخطيرة في الأجواء، وارتباط إسقاط الطائرة الروسية بالمواقف الغربية المتوجسة من جهود الدول الضامنة لمسار أستانا خاصة بعد التوصل إلى صيغة تنهي احتمالات التحرك العسكري في إدلب
فما مدى واقعية الموقف الذي عبر عنه المستشار التركي بهذا الصدد؟ وما حقيقة النوايا الاسرائيلية تجاه تفاهمات إدلب وجهود الدول الضامنة لمسار أستانا ؟
ذلك ما ننتظر حدوثة في التقارير القادمة
الكلمات المتعلقة