تعليم منزوع الحائط الرابع
مقالات مختارة | مدحت بشاي
الاربعاء ١٩ سبتمبر ٢٠١٨
لقد ظل الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التربية والتعليم فى الزمن المباركى (لفترة تقارب 20 سنة)، يردد شعاره (التعليم أمن قومى)، والحقيقة أن أمر إصلاح وتطوير التعليم الآن قد تجاوز اعتباره فقط كأحد محددات الأمن القومى فى ظل التحديات التى فرضتها ملامح الصراع الحالى فى المنطقة، إلى اعتبار أن التعليم يُعد أهم عناصر حربنا للوجود كدولة، بجانب تحدى استكمال بناء كل عناصر القوى الأخرى اللازمة للوجود على الساحة العالمية لعلنا نلحق من سبقونا بعد أن اكتفينا بدور الفرجة والانشغال بصناعة حرائق ما كان لها أن تشتعل لو كنا قد تنبهنا إلى ضرورة العمل على عودة الوعى بدور التعليم والثقافة والتنوير.
وعليه، كنت أنتظر فى كل مرة يتم الإعلان فيها عن تحقيق إنجازات جديدة والاحتفاء والاحتفال بها فى وجود الرئيس ليعطى إشارة البدء فى تفعيلها، أن يأتى اليوم الذى نسمع فيه تحقيق طفرة فى بناء مدارس جديدة لتزويد فرص الإتاحة للتعليم دعمًا لمنظومة الدكتور طارق شوقى لتطوير التعليم الرائعة.
وعليه، أسعدنى- وأنا أكتب تلك السطور- إعلان افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى عددًا من المدارس اليابانية والفنية التطبيقية ومدارس المتفوقين، وذلك عبر شبكة الفيديو كونفرانس. يذكر أن الدراسة بالمدارس اليابانية سوف تبدأ مع بداية العام الحالى على النظام التعليمى الجديد، وتعتمد على أنشطة «التوكاتسو»، وتشير هذه الكلمة إلى مفهوم التنمية الشاملة للطفل من جميع الجوانب، والتى تركز على بناء شخصية الطفل المتمثلة فى سلوكياته ومهاراته وقيمه واتجاهاته. وكان الوزير د. طارق شوقى قد أكد أن العدد النهائى للمدارس اليابانية 34 مدرسة مقسمة على 19 محافظة، مضيفا أن عدد الطلاب المقبولين بها 10240 طالبا لرياض الأطفال 1 و2 وأولى ابتدائى.
«يسقط الحائط الرابع» عنوان لكتاب مهم وطريف للكاتب الصحفى أنيس منصور، قدم فيه لأبناء جيلنا رؤى جديدة بديعة مثيرة للتفكير والتأمل، يعرفك فيه الكاتب بالآخرين، فنحن جميعاً ممثلون، والحياة أحد أدوارنا، وكل واحد له دور، دور مفروض عليه.. أو هو مفروض على دوره، وبين الممثل والمتفرج ستار، هذا الستار هو الحائط الرابع، الحائط الوهمى الشفاف.
تذكرت ذلك الكتاب والعنوان أثناء متابعتى لزيارة الرئيس الأخيرة إلى اليابان وجولته الميدانية لمتابعة التجربة اليابانية ومروره بواحدة من المدارس أثناء يوم دراسى على الطريقة اليابانية، وشاهدنا على شاشات التلفاز كيف قرر اليابانيون نزع الحائط الرابع من فصولهم، لترى بمجرد مرورك فى الممرات المؤدية للفصول كل جوانب العملية التعليمية، وذلك فى إطار تفعيل الكثير من القيم والمفاهيم التربوية الجادة والحازمة التى لا تقبل أى تنازل فى شكل العلاقة بين المرسل والمتلقى، وبين المدرسة المؤسسة والطالب وولى أمره.
عندما سألوا غاندى لماذا تنفقون على التعليم وأنتم فقراء؟ قال: إننا ننفق على التعليم لأننا فقراء!!
نقلا عن المصري اليوم