بقلم: عادل جرجس
ثار الكثيرون عندما ناشدت بعض المنظمات الحقوقية الرئيس أوباما التدخل لحل مشاكل الأقباط في مصر البعض أتهم تلك المنظمات بالعمالة وآخرون اتهموها بالخيانة وكان العمل لحساب أجندة خارجية من التهم السابقة التجهيز لكل من يحاول فك رموز وطلاسم الملف القبطي، وقد كان أشرس مظاهر تلك الثورة هو ما قام به "الأخوان أديب" من بلطجة حوارية مع الناشط الحقوقي المعروف الدكتور نجيب جبرائيل وكالوا له كل الاتهامات السابق ذكرها مهددين بالويل والثبور وعظائم الأمور من جراء ما قام به جبرائيل، ولا يهمنا هنا في هذا المقام تفنيد إدعاءات الأخوين ولن نسلك مسلكهم في "الردح الحواري" و"الفتونه النقاشية" ولكننا فقط وبهدوء سوف نبحث عن أسباب وتداعيات ما قاما به وهو ما نلخصه فيما يلي:
* ظن البعض من المتطرفين الإسلاميين قيام الرئيس لأوباما بتوجيه خطاب إلى العالم الإسلامي أن أوباما والذي يأتي على خلفية إسلامية كما يظن البعض قد جاء ليجمع شمل العالم الإسلامي ويعيد أمجاد الخلافة الإسلامية التي ذهبت ولن تعود ولما لا والرجل يقبع على رأس أكبر دولة في العالم تمتلك من القوة ورباط الخيل ما يؤهله لذلك.
* من المنطلق السابق هرول كل الإسلاميين نحو أوباما حتى الإخوان المسلمين الذين يعلنون عدائهم لأمريكا في العلن ويتمسحوا فيها في الخفاء قد ذهبوا إلى جامعة القاهرة لمبايعة مولانا أوباما خليفة المسلمين القادم.
* ظن الإسلاميون أن أوباما قد أصبح حكرًا لهم ويجب دعمه والوقوف خلفه لتنفيذ الأجندة الإسلامية المتطرفة التي تسعى إلى ترسيخ دولة الخلافة وأنه لا يجب صرف نظر الخليفة الجديد إلى أي قضايا أخرى يمكن أن تعطل مشروعهم في إقامة دولة الخلافة مرة أخرى.
* لم يدرك الإسلاميون أن خطاب أوباما إلى العالم الإسلامي ما هو إلا رسالة من مجموعة رسائل يقوم بتوجيهها إلى كل أطياف العالم اللذين ترتبط الولايات المتحدة بمصالح معهم ليقدم لهم نفسه ليعلن للجميع أن طريقته في الإدارة تختلف عن طريقة سلفه بوش وليضع المعالم والمحددات العامة لسياسته تجاه الجميع فخطابة للعالم الإسلامي هو بند من أجندته وليس كل أجندته.
* صبا جبرائيل وارتكب كل الكبائر حينما ناشد أوباما بحل مشاكل الأقباط لأن هذا سوف يجعل هناك من سوف يشارك الإسلاميون في أوباما (الأقباط) وهو كما ظنوا حكرًا لهم إذًا فلا بد من القصاص من جبرائيل.. ولكن كيف؟
* لم يجد الإسلاميون إلا تفعيل آلاتهم الإعلامية للقضاء على جبرائيل وأعوانه فبحثوا عن من يقوم بالمهمة فلم يجدوا أفضل من "أبو جهل أديب" وأخيه "أبو لهب" وبيّت الإخوان النية وعقدا العزم على النيل من جبرائيل على طريقة فيلم "فجر الإسلام" (اليوم خمر ونساء وغدًا نقتل جبرائيل).
تلك كانت الأسباب التي أدت إلى قيام "الأخوان أديب" بما قاما به، وهنا تتلخص وتتمحور لنا تداعيات معالم التعامل مع الملف القبطي على النحو التالي:
* تسفيه كل المحاولات الجادة والتي تخطو خطوات حقيقية نحو حل مشكلات الملف القبطي وتحويلها إلى مناقشات سفسطائية لإحباط الجهود المبذولة في تلك المحاولات.
* تفكيك الجماعة الوطنية وهو ما نجح فيه الإخوان المسلمين بتقييد كل النشاط السياسي لكل الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني إما باختراقها أو بتهميشها، ليتم اختزال الجماعة الوطنية في شخص الإخوان المسلمين وهو ما نجح فيه الإخوان، فإذا ما أغلقت كل الطرق والسبل في وجه الأقباط لحل مشاكلهم وقرروا الاحتماء والإستقواء بالجماعة الوطنية لن يجدوا أمامهم سوى الأخوان المسلمين ليحتموا بهم ويحلوا لهم مشاكلهم، ويكون ذلك بأن يرتضى الأقباط بخيار أهل الذمة وهو ما يجعل من الأقباط مواطنين من الدرجة الثانية وهو بالطبع الأمر الغير مقبول.
وهكذا فلم يعد للأقباط سبيلاً لحل مشاكلهم سواء داخليًا أو خارجيًا، ولكن علينا هنا ألا نقف مكتوفي الأيدي فلم يعد هناك إلا خيارًا واحدًا يمكن أن يحل المشكلة من جذورها وهو الإستقواء بالرئيس، فهو من يقبع على قمة السلطة في مصر ويملك من السلطات ما يخول له حل ذلك الملف الذي اتخم بمشكلاته.
أعرف أن الحديث مع الرئيس خطًا أحمر لا يجب تجاوزه ولكن لم يعد أمامنا غيره، فالرئيس يعلم جيدًا كل مشاكل الأقباط كما يعلم أكثر مطالبهم وهو من تدخل قبل ذلك لحل الكثير من المشاكل بشكل شخصي، فهل يفعلها الرئيس ويتدخل مباشرة لحل مشكلات الأقباط دون إحالة لأية جهات قد تعوق تلك الحلول؟ فها هم الأقباط يستجيرون بك يا سيادة الرئيس فهل تجيرهم؟