بقلم: أنور عصمت السادات
تعيش "مصر" الآن منعطفًا تاريخيًا هامًا، وحدودًا فاصلة في مسيرتها بعد ثورة يناير، تستلزم منا جميعًا أن يتحمل كل منا مسئوليته تجاه الوطن، دون أن يعبأ بأي شئ آخر، حتى تنهض "مصر" وتقف على أولى درجات سلم التطور الذي قامت من أجله ثورة يناير المجيدة.
يبدوا لي أن الدكتور "عصام شرف" وقف كثيرًا حائرًا في استكمال التشكيل الوزاري الذي كان قد وعد بأن ينتهي منه في يوم الأحد 17 يوليو، ولم ينته منه في هذا التاريخ تحديدًا، وليس هذا تكاسلاً أو تباطؤًا أو تقصيرًا، وإنما لترفُّع الكثيرين ممن يُعرض عليهم المنصب الوزاري عن توليه.
ينظر الكثيرون في هذا الظرف الراهن إلى المناصب باعتبارها لا تمثِّل أي إضافة، بالعكس بل إنها سوف تتطلب منهم جهدًا وعملاً ومسئولية، فضلًا عن التقييم الدقيق لأدائهم من قبل الشعب بما قد يضعهم في مصاف الفاشلين إن واجههم أي ظرف وعاق مسيرتهم أو أحدث أي تباطؤ، فيصبحوا مُجبرين آنذاك على تقديم استقالتهم، لذا يؤثرون بالبلدي (سكة السلامة) ويرفضون المنصب من الأساس.
حقيقي أن هناك مخلصين مستعدين لتحمُّل المسئولية، وآخرين تعد اعتذاراتهم مقبولة، لكن ما يدعو للأسف هو تخوُّف البعض وتناسيه للمسئولية الوطنية، وإبداء اعتذارات واهية لكي لا يتولى المهمة ويفضِّل أن يبتعد عن الأضواء تلك الفترة!!
الغريب أن هناك طائفة كانت ترتدي ثوب المعارضة وتهاجم المسئولين وآدائهم، بما يجعلك تشعر بأنهم إن جلسوا على كراسيهم سوف يحوِّلوا اليابس أخضر ويقضوا على الفساد نهائيًا، ويجعلوا مؤسسات الدولة في أبهى صورها، وهم الآن لا يرتضون مناصبهم متعللين بالمناخ العام. ولكن يبدو أن المعارضة من بعيد أسهل ما تكون، أما مواجهة المواقف فتتطلب وطنيين. ولقد ناشدت الدكتور "شرف" بأن يصارح الشعب وجموع الشباب المعتصمين بالأسماء التي تترفَّع عن تولي المناصب وأسباب رفضهم، وذلك لأن- في رأيي الشخصي- هناك البعض وليس الكل يعتبرهم بعض الشباب والشعب أبطالًا ويوهمونهم بأنهم إن تولوا مكان فلان لفعلوا وفعلوا، ومن وراء الستار لا يرتضون المنصب؛ لأنهم بصريح العبارة في غنى عن المتاعب، لكنهم أمهر ما يكونون في إشعال حماس الشباب ومشاركتهم سخطهم على أي شخص.
إن "مصر" تحتاج إلى رجال لا إلى الذين يقفون خلف الكاميرات، تحتاج إلى من يواجه لا إلى من يبتعد ويؤثر السلامة.
إن "مصر" هي وطننا جميعًا وعلينا أن نميز الخبيث من الطيب.