الفضائح الجنسية في الكنيسة تحرج البابا فرانسيس
أخبار عالمية | إيلاف
الأحد ١٦ سبتمبر ٢٠١٨
استعدى أساقفته بتخبطه وتردده في التحقيق
يواجه البابا فرانسيس موقفًا حرجًا بسبب انكشاف ارتكابات جنسية مسكوت عنها طيلة عقود، مارسها كنسيون على أطفال وبالغين، وتم التستر عليها.
أصدر البابا فرنسيس مرسومًا يحرم بموجبه القس كريستيان بريشت بانادوس من الحالة الكهنوتية، وأعفاه من كل الالتزامات المتصلة بالسيامة المقدسة. وأعلنت أسقفية سانتياغو السبت في مذكرة أن الفاتيكان حرم بريشت من كهنوته للاشتباه بأنه أخفى وقائع تتعلق باعتداءات جنسية على الأطفال، وهو كان قد عوقب في عام 2012 بسبب استغلاله قاصرين.
بحسب تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، يعتبر بريشت في تشيلي شخصية رمزية للدفاع عن حقوق الإنسان خلال عهد الديكتاتور أوغيستو بينوشيه (1973-1990). وفي عام 2012، حرمته الكنيسة الكاثوليكية التشيلية من كهنوته خمسة أعوام بعدما تأكد مجمع العقيدة والإيمان في حاضرة الفاتيكان عن معلومات جديرة بالثقة عن سلوكيات لاستغلال بالغين وقاصرين.
إخفاء وقائع
في الفترة الأخيرة، وجه ضحايا إلى الكاهن تهمة إخفاء وقائع تجاوزات جنسية ارتكبها رجال دين في العقود الأخيرة، في معاهد للجمعية المريمية. وتواجه الكنيسة الكاثوليكية التشيلية حالة اضطراب منذ زيارة البابا مطلع العام الجاري وازدياد التحقيقات التي يجريها القضاء وعددها 119 تحقيقًا حول اعتداءات جنسية مفترضة، ارتكبها كنسيون على قاصرين وبالغين منذ ستينيات القرن الماضي.
خلال رحلة إلى تشيلي في يناير الماضي، دافع البابا فرنسيس بقوة في البداية عن الأسقف التشيلي خوان باروس المشبوه بالتكتم على تعديات جنسية على الأطفال قام بها كاهن عجوز. ثم غير رأيه ووافق على استقالة عدد كبير من الأساقفة في إطار هذه الفضيحة.
إلى ذلك، قارن غيورغ غينسواين، كبير أساقفة الفاتيكان وسكرتير البابا السابق، فضائح الاعتداءات الجنسية في الكنسية الكاثوليكية بهجمات 11 سبتمبر. وكشف تقرير مسرب أعدته الكنيسة الألمانية أن أكثر من 1500 قس كانوا طيلة عقود يعتدون جنسيًا على قاصرين. وفي 12 سبتمبر، تحرك البابا فرنسيس أخيرًا بدعوة قادة الكنيسة الكاثوليكية في أنحاء العالم إلى مؤتمر في روما لبحث الأزمة المستمرة بل والمتفاقمة حتى.
موقف حرج
من المتوقع أن يلتئم المؤتمر بمشاركة مئات الأساقفة بين 21 و24 فبراير المقبل، كما ذكرت مجلة إكونوميست قائلة إن دعوة البابا فرنسيس جاءت "بعد صيف صعب على الكنيسة".
أشارت إكونوميست في تقريرها إلى استقالة أسقف واشنطن الكاردينال ثيودور ماكاريك في يوليو الماضي، ونتائج التحقيق الذي نشرته هيئة محلفين كبرى في ولاية بنسلفانيا في أغسطس، كاشفة تفاصيل مروعة عن اعتداءات جنسية ارتكبها اكثر من 300 قس طوال سبعة عقود، وتستر أساقفتهم عليها.
في الشهر نفسه، طالب كارلو ماريا فيغانو، كبير الأساقفة وسفير الفاتيكان السابق في واشنطن، باستقالة البابا فرنسيس متهمًا إياه أيضًا بالتستر على أفعال الكاردينال المستقيل ماكاريك.
في البداية، رفض البابا التعليق وبدا أنه لا يعتقد أن المسألة تستدعي تحركًا. لكن بدعوته إلى المؤتمر، اعترف ضمنًا أن الإصرار على موقفه ليس مجديًا. وبحسب إكونوميست، فإنه بالتراجع عن موقفه يلحق ضررًا بنفسه، لكن الأخطر كثيرًا هو اتهام كبير الاساقفة فيغانو له بالتستر. وهو يسلط الضوء على موطن الضعف الأكبر في موقف البابا، متمثلًا بتخبطه المتكرر في التعاطي مع تهم الاعتداءات الجنسية الموجهة إلى قساوسته. فالبابا دافع بقوة في وقت سابق من هذا العام عن أسقف تشيلي متهمٍ بحماية قساوسة منحرفين، ثم اعترف بخطأه لاحقًا.
المطلوب تحرك جذري
أكثر من ذلك، ما قاله كبير الأساقفة فيغانو سمح لمنتقدي البابا المحافظين أن يحتضنوا قضية المستائين من صمته حين يتعلق الأمر بالاعتداءات الجنسية في الكنيسة، وخصوصًا تقاعس الأساقفة عن حماية الضحايا. وبين هؤلاء المستائين كثيرون يؤيدون إصلاحات البابا الليبرالية.
لاحظ تقرير إكونوميست أن الفضائح التي كُشف النقاب عنها حتى الآن كانت في العالم المتطور ربما لأن الاحترام الذي تحظى به الكنيسة أبقى هذه الفضائح تحت الغطاء في مناطق أخرى من العالم. لكن ما كُشف عنه في الغرب كان كافيًا لإجبار البابا على التحرك.
إذا أسفر المؤتمر المزمع عن تحرك جذري، ليس للتعامل مع افعال القساوسة المنكرة فحسب بل والأساقفة الذين تستروا عليهم أيضًا، فمن الجائز أن يتمكن البابا من تغيير الوضع لصالحه. لكن الخطر يكمن في أن يبدو هذا طريقة أخرى لإبقاء الغطاء على أزمة مستمرة في الغليان وحرق الأصابع.