الأقباط متحدون - الحقيقة.. الحرة!
  • ٠٤:١٣
  • الأحد , ١٦ سبتمبر ٢٠١٨
English version

الحقيقة.. الحرة!

مقالات مختارة | دينا عبدالكريم

٥٥: ٠٧ م +02:00 EET

الأحد ١٦ سبتمبر ٢٠١٨

دينا عبدالكريم
دينا عبدالكريم

الحقيقة قادرة على قلب الموائد وجلب الفوضى والصدمة، ثم تعود بقدرتها العجيبة وتعيد ترتيب الأشياء والأشخاص فى حياتك!، ولأنها صادمة وصارمة، يخافها البعض ويعتبرونها قاسية، بل لقد تجرأوا عليها وأعطوها لقب «المُرّة»!!، فصارت الحقيقة المُرّة رعباً نهابه ونهرب منه بدلاً من موقعها الطبيعى فى أن تكون ملجأً وهدفاً نسعى للوصول إليه!.

تموت الحقيقة لأنها تحتاج إلى مخلصين فى البحث عنها وإلى مؤمنين يدفعون ثمن مساندتهم لها، ويتحملون جهالات وخصومات وعداوات لأجلها، وهم قليلون!.

تموت الحقيقة فى أوطان عانت كثيراً من صدمات متتالية، ولم يعد لدى مواطنيها القدرة على تصديق كل ما هو رسمى وكل صاحب سلطة أو منصب، ففقد إعلامها مصداقيته حين صار إعلاماً رسمياً.. وفقد الرموز مكانتهم عند الناس عندما تولوا الكراسى.. أصبح الناس فى حالة ترصد وقناعتهم أقرب لتصديق كل ما هو سلبى لأنه يدعم نظريتهم الغاضبة!.

فتصبح الشائعة أقوى من الحقيقة وأكثر عنفواناً، وتصبح مهمة قول الحق الذى لم يعد يعجب كل الناس مهمة ثقيلة على أصحابها تكلفهم الوقت والجهد والسمعة أحياناً!!.

جربت منهجاً مريحاً بعض الشىء طالما ساعدنى فى حياتى، أن أمتحن كل شىء ولا أصدق أمراً لمجرد أنه يوافقنى، ففلان رجل فاسد!!!، أأصدقها لأنى أكرهه، أم لأنى تيقنت من الحقيقة؟

وفلان بطل وضحية، أأصدقها لأنى أحبه، أم لأنى تيقنت من مظلمته؟

الشائعة تنتصر كلما زاد عدد مَن كفّوا عن الأسئلة الخمسة: مَن، متى، أين، كيف، ولماذا!. فى الماضى القريب كان الناس ينكرون ما يقلب عالمهم الآمن، ولذا يميلون إلى تصديق الإيجابيات وتعظيم شأن الأشخاص ومحاولة إيهام أنفسهم بأنهم بخير حتى ولو كانوا عكس ذلك!!!.

والآن انقلب كل شىء، فالميل العام هو إلى تصديق الكوارث وتحقير شأن كل الرموز ومحاولة تثبيت فكرة ضياع الأمل حتى ولو كانت الحقيقة عكس ذلك!.

وما بين أولئك وهؤلاء ضاعت الحقيقة.. وأصبح ترتيب الأشياء ووضعها فى حجمها الحقيقى مشقة ومعاناة لأصحاب المعلومة وأولئك الحمقى- أمثالى- الذين مازالوا يدركون بعض الأمل، ويؤمنون بأن كل مكان فى هذه الأرض يحمل كل أسباب السعادة وكل أسباب الشقاء والناس يختارون الطريق بينهما.

الحقيقة ليست مُرّة كما يروجون.. حقيقة الناس أنهم ليسوا أشراراً ولا ملائكة، حقيقة الأوطان أنها ليست جنة ولا جحيماً.. فعندما تفتح قلبك لكل الاحتمالات وتفتح ذهنك إلى أنه ربما يكون هناك جانب آخر من الصورة غير ما أطلعوك عليه.. تصبح حراً.. فى اختياراتك وعلاقاتك ومواقفك.

الحق حرية والحقيقة حرة.. وأصحابها دائماً أحرار!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع