كفاكم ترهيبًا لعباد الله !!
مدحت بشاي
٢٣:
١٠
م +02:00 EET
السبت ١٥ سبتمبر ٢٠١٨
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
ونحن نحارب الإرهاب على كل الأصعدة ، بات علينا أن نلتفت لكل ممارساتنا الحياتية في البيت والشارع والمدرسة والجامعة والنادي ، والأهم في الجامع والكنيسة حول مانبثه من خطابات تفاهم بينية على المسوى التربوي والثقافي والديني ، لكي ننبذ ذلك الخطاب الترهيبي بعد أن علت نبرته على حساب الخطاب الترغيبي الودود الطيب المبشر والهادئ الإيقاع والنبرة ..
نلاحظ أن خطابنا الديني بات لا يخلو من أساليب وفنون مُرهبة و مًرعبة، وبشكل مبالغ فيه تماماً، سواء بالكلمات المستخدمة أو بالشرح والبيان، وصولاً إلى أساليب الإلقاء ونبرة الصوت والخلفيات الملازمة لأي موعظة أو توجيه ديني، فجميعها تتسم بعنف الترهيب عبر صراخ ونبرات صوت قوية، خصوصاً عند ذكر النار والحساب، وكيفية عقاب الله لعباده الظالمين، حتى أصبح لهذا النهج حِرفيون وروادًا ..
و هو ما انعكس في النهاية برفضنا الدخول في حالة تفاهم مفيدة نقبل على أساسها رسالات السماء وأصوات أهل البر والخير والسلام ..
وقد يكون الترهيب أسلوب له فوائده بعض الأحيان ، لكن أن تصل فنون الترهيب في ما تختار من وسائل لتربية الأطفال، فإنه ينبغي الحذر من المبالغة في الترهيب والوعيد وإلى حد استخدام فزاعات حريق جهنم وشياطين الإنس والجن ، فنحن بالقطع نربي أجيالًا جبانة مترددة لا تعرف معنى الإيمان الحقيقي بإله عظيم حنون وغفور و رحيم ورفيق بعباده ..
وكنت أتصور أن خطاب الترهيب ( موضة جديدة ) ، حتى طالعت تلك الفقرة من مقال افتتاحي لمجلة دينية مسيحية هي " الحكمة " وفي عددها الأول لرئيس تحريرها .. كتب زاجرًا متوعدًا " أعدوا مصابيح القلوب بدهن الرحمة وصالح الأعمال ، قبل أن تتقاصر الألسنة عن ردود الأجوبة يوم هول السؤال ، قبل أن تحصلوا على ما جمعتم ، ثم تحصدوا ما زرعتم ، وتجدوا ما ودعتم ، وتقابلوا من الله ما صنعتم ، يوم ينتحب الشيخ الكبير ، على ما أسلف ، ويتشق الكهل الخطير على ما أتلف ، ويبكي الحدث النظير على ما قدم ، ويستعبر الطفل الصغير على الفوات ويتندم ، يوم يرد مخلص الكل على صهوات الغمائم ، ويفتضح أمام منبر مجده أرباب المخازي والجرائم ، وترتعد فرائص المذنبين من ملاقاة الأهوال العظائم ، وتسحب سطوة العدالة على الأثمة الخاطئين أذيال النقائم ، يوم تهتز قلوب المؤمنين بالمحبة المسيحية هزاً ، وتعلو مراتب المفلحين إكراماً وعزاً ، وتحل النقمة على طوائف المجرمين جملة وأجزاء ، ويقف اللآثمون يوم عرض الأعمال في المقام الأرذل الأخزى " ..