«الست المستخبية» ومجلة الأزهر
مقالات مختارة | سحر الجعارة
الجمعة ١٤ سبتمبر ٢٠١٨
كنا صغارا، نخرج من المدرسة الابتدائية لنجد عربات الحلوى تبيع «الست المستخبية»، وهى فاكهة رخيصة تسمى «الحرنكش».. ولم نكن نشترى التى خرجت من غلافها الرقيق بدعوى أنها «فاسدة».. هكذا أخذ المجتمع يتعامل مع المرأة التى تكشف شعرها، البعض يلعنها ويصمها بالخروج عن الدين والآخر يعتبر أن من حق «الكلاب المسعورة» أن تنهش كرامتها ولحمها إن أمكن.. ولم يكن بعض العلماء إلا أداة تحريض «حتى الكبار منهم»، بزعم أنها أسقطت رخصتها الشرعية وخرجت سافرة بدون «حجاب».. أما الناشطة التى تكتب أو تناقش العلماء فى قناة فضائية حتى يجروها إلى المحاكم (وأنا واحدة منهن)!.
لم أكن أتخيل أن يفعلها الزميل العزيز الكاتب الصحفى «أحمد الصاوى»، وأن يضع صورا لنساء سافرات على غلاف مجلة «صوت الأزهر» الناطقة بلسان مؤسسة الأزهر، والتى يترأس تحريرها.. كانت فكرة قبول «أحمد» نفسها للمنصب غريبة، ربما لأننى لا أتوقع قدرة إنسان «من خارج أى مؤسسة» على تغيير منهجها.. لكن «الصاوى» تمكن من تحقيق حلمه فاحتوى غلاف المجلة على 30 صورة لسيدات مصريات، بينهن ناشطات وحقوقيات وأساتذة الجامعات، شكلن «بطلات» العدد.
وحاول «الصاوى» تحقيق التوازن المطلوب بين مجلة تعبر عن الأزهر، ومجتمع يناهض التحرش، فوضع عنوانين على هيئة «هاشتاج».. الأول #الإمام_السند، والثانى #ليست_مستباحة.. لكن الغريب أنه بعد صدور بيان مشيخة الأزهر بعدة ساعات.. خرج بيان مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية التابع لمشيخة الأزهر، ليضع ستة أسباب للتحرش يقول السبب السادس: (نحن إذ نُدين الشباب فإننا لا نُخْلى الفتاةَ من المسؤولية، رغم إدراكنا أن المتحرّش لا يُفرّق بين متبرِّجة أو غير متبرّجة، إلّا أن التبرج أدعى لوجود هذه الظاهرة).. ثم تم حذف البيان من الموقع بعد نشره بعدة ساعات!!.
هذا الموقف الملتبس يؤكد أن مشيخة الأزهر كمن يغير بوصلته محاولا الوصول لعقول الناس وقلوبهم ولو من خلال مجلة «صوت الأزهر».
إذن نحن أمام فريقين يربحان من فكرة الغلاف.. الأول قطعا هو شيخ الأزهر، الذى قدم يده لمصالحة مجتمعية مفقودة.. أما الفريق الثانى فهو النساء اللاتى طالما أدانتهن فتاوى بعض العلماء المتشديين!.
فهل نحن أمام تغيير فى خطاب مشيخة الأزهر الذى رفض من قبل تقنين الطلاق الشفهى، أو تكفير تنظيم «داعش».. أم نحن أمام صحفى مجتهد يحاول أن يفرض وسطيته واعتداله بذكاء وأن يحقق «التوازن» بين إرضاء المشيخة والمجتمع معا؟.
هل «الصاوى» يجاهد وحده لتجميل صورة الأزهر، سواء كان مكلفا أو متطوعا.. لا أدرى.. لكننى فوجئت بأنه أخذ سؤالا منشورا لى: (لماذا لم يُكَفِّر الأزهر «داعش» حتى الآن، أو يتصدى للأفكار التكفيرية بشكل قاطع خاصة مع محاولة استعادة الفتنة الطائفية فى مصر؟).. ووضعه فى باب «اسأل الأزهر» دون استئذانى، وكانت الإجابة غير مقنعة.. تماما مثلما يحتوى مقالى على تناقضات مفزعة!.
نقلا عن المصري اليوم