الأقباط متحدون - تصريحات غريبة
  • ١٨:٥٠
  • الثلاثاء , ١١ سبتمبر ٢٠١٨
English version

تصريحات غريبة

مقالات مختارة | عزة كامل

٥٥: ٠٧ م +02:00 EET

الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٨

عزة كامل
عزة كامل

من حين لآخر تصدمنا تصريحات المسؤولين عن قطاع الخدمات العامة فى مصر، والتى تعكس استهانة بحياة المواطنين.

وصف رئيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق حوادث الانتحار التى تحدث فى محطات المترو بـ«الأفعال غير المسؤولة»، مؤكدًا أن الشركة لا تتحمل المسؤولية تجاه تلك الأفعال، وأن الحل الوحيد للقضاء على هذه الظاهرة يتمثل فى تركيب بوابات إغلاق آلى أثناء تنفيذ الخطوط الجديدة للمترو، وهذا الاقتراح مكلف للغاية ومن الصعب تطبيقه، وأضاف: «اللى عاوز ينتحر لو قفلت قدامه المترو هيروح للسكة الحديد، ولو قفلت السكة الحديد هيروح برج القاهرة، وينتحر بأى طريقة، وبالتالى إحنا غير مسؤولين عن قصة الانتحار»!.

لم يفكر هذا المسؤول لماذا ينتحر الناس بطرق عنيفة؟ ولماذا كثرت حالات الانتحار فى مجتمعنا؟ ولماذا يختار الشخص المترو كوسيلة للانتحار؟ ألم يخطر فى بال هذا المسؤول أن الموت دهسا تحت عجلات المترو هى رسالة من الشخص المنتحر للمجتمع والمقربين منه ليندموا على رحيله، وليبقى مشهد الانتحار ماثلا أمام أعينهم لإدانتهم؟!.

هناك عدة أسباب قد تدفع الناس للانتحار، من أهمها الاكتئاب، الأكثر شيوعًا لإقدام الناس على الانتحار. فدائمًا ما يصاحب الاكتئاب الشديد شعورٌ غامرٌ بالمعاناة من جرّاء الوجود فى هذا العالم لدى المصابين بالاكتئاب الحاد، وكثيرًا ما يعانى الناس من الاكتئاب فى صمتٍ، ودون أن ينتبه لهم أحد، ويخططون للانتحار بسبب وطأة عوامل قاسية وظروف غير مريحة فى العمل أو الأسرة أو الدوائر الاجتماعية الخاصة بهم، أو بسبب تعرضهم للعنف والمهانة، أو عدم توحدهم واندماجهم فى المجتمع، فيغدو الموت هو الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام الأبدى، وقد يحدث الانتحار نتيجة اضطراب عقلى، وتبلغ نسبة الإصابة بمرض انفصام الشخصية فى جميع أنحاء العالم 1%، وبمساعدة الأدوية يتمكنون من مواصلة الحياة، لذلك ليس كل من انتحر مريضاً نفسياً.

الاكتئاب هو مرض العصر، لا يفلت منه أحد، لا يفلت منه المغمورون أو المشهورون، والتاريخ شاهد على ذلك.. فيرجينيا وولف الكاتبة الإنجليزية انتحرت بعدما عانت من الاكتئاب، وكذلك الكاتب والروائى الشهير هيمنجواى، ومارلين مونرو التى انتحرت وهى فى أوج مجدها السينمائى، وحاولت المطربة داليدا الانتحار مرتين ونجحت فى المرة الثالثة، أما عن انتحار المواطنين العاديين فحدّث ولا حرج، علينا جميعا أن نفكر كيف ننقذ الناس من الاكتئاب، نبحث عن الأسباب الحقيقية بدلا من تصريحات تؤدى إلى الانتحار الدائم.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع