الأقباط متحدون | هل تشهد مصر اعراض سرطانية؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٣٢ | الثلاثاء ١٩ يوليو ٢٠١١ | ١٢أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٥٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

هل تشهد مصر اعراض سرطانية؟

الثلاثاء ١٩ يوليو ٢٠١١ - ١٩: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم / صبري جوهرة
مر من الزمن ما يقرب من الستة اشهرعلى الثورة المصرية. وبالرغم من وضوح اهدافها وبساطتها الا ان الواقع يشير الى ان ما تحقق منها تائه و. مهتز الخطوط مثل الصورة الفوتوغرافية "المهزوزه" التى التقطت خارج بؤرة العدسة, من المعلوم ايضا ان كثيرا من المطالب التى قامت من اجلها الثورة لم تتحقق و لم يتضح بعد مجرد اطار عام لما ستؤل اليه احوال البلاد بعد هذه الثورة التى ابهر بها المصريون شعوب العالم قاطبة.


من مظاهر هذا "الاهتزاز", على سبيل المثال, ذلك النزاع القائم بين المطالبين بمدنية الدولة ودعاة الدولة الدينية باسمائها المتباينة, بما فيها ما اطلق عليه لفظه مبتدعه خصيصا "للغلوشة",:ما يسمى "بالدولة المدنية بمرجعية دينية" وهو قول سيىء اريد به السوء, اخترع لتمرير ما هو ضار بلوطن على انه امر مفضل و مستطاع و مستساغ و ذلك بصرف النظر عن الفشل التام و الصمت المطبق فى تحديد ابسط معالمه. هذا "الاختراع" الفريد فى دنيا العلوم السياسية لم يستطع مكتشفوه (او غيرهم من الجهابذة) الى الان تبيان او رسم ابسط اوصافه, و ما زالت محاولات التعرف على معالمه تراوغ الجميع, حتى من قبل منهم و اعتقد بالاضحوكة القائلة بان حمل انثى الانسان قد يمتد الى اربع سنوات.


مظهر آخر للاهتزاز لا يقل خطورة عن سابقه, بل يتعداه لجسامة وقع نتائجه على كل ما يتعداه من قرارات, هو احوال المجلس العسكرى الحاكم. وكنت قد اوضحت فى مقال سابق, بوضوح تام و بما لا يدعو مجالا للمزايدات الرخيصة. ان اى نقد اوجهه فى هذا المجال انما يستهدف المجلس العسكرى و ليس اداء رجال جيش مصر المشرف فى الدفاع عن الوطن و احتضان مبادىء الثورة. رجال قواتنا المسلحة هم اخوتنا و ابنائنا نحن شعب مصر و هم متعففون عن الخوض فى متاهات السياسة و النزاع على مقاليد الحكم. اما المجلس فهو رهط قليل من الرجال معرض لكل ما قد يصيب الرجال من احتمالات الخطأ.


المجلس العسكرى هو ربيب الدكتاتور المخلوع الذى اجلس كل فرد من اعضائه حول مائدته المهيبة الرهيبه. تجمعت العضويه القائمة تحت حكم فاسد لم تعانى مصر مثل شروره فى تاريخها الحديث حتى تحت نير الاستعمار. بدأ المجلس مسؤلياته الجديدة على ما يبدو بافتراض انه فوق اى نقد او اعتراض و ان جاءوا من جموع الشعب الثائر. تقاعس المجلس فى تنفيذ مطالب الشعب فى محاولات مريبة لحماية من وضع بين ايديهم (بالاسم و بالتحديد) مقاليد حكم مصر وكان ذلك بحسلبات "رد الجميل" و عدم محاسبة زعيم العصابة وربما ايضا زبانيته على الاضرار الجسيمة التى الحقوها بالوطن. لاشك ان هذا الاعتبار كان اول اهداف الرجل الذى القى بمصر و مصيرها الى الجحيم فى سبيل تحقيق غرض شخصى مقيت هو توريث العزبة المصرية لابنه الاصغر. و لا بأس من ان يكون هذا الخلف غير الصالح فاشلا و عجرافا, مكروها من خلق الله و حتى من الجيش ذاته. لأم تكون مصالح مصر العليا هى هدف ذلك الاختيار غيلر الموفق, فقد كانت هذه الاعتبارات آخر ما ينظر اليه الدكتاتور الفاسد العنيد بعين الاعتبار. و لذات السبب, يصح لنا الشك القوى فى ان يكون اصرارالطاغية على تسليم مقاليد الحكم للعسكر لمي يكن من وحى الحفاظ على سلامة مصر و امنها بل لحسابات افلاته من المسائلة و العقاب. كان يسعى الى "تأمين مؤخرته" كما تعلم فى العسكرية.


كان هناك العديد من رجال مصر و نسائها الشرفاء جديرين بتحمل شرف هذا التكليف فلماذا العسكر؟
قيد العسكرايدى المدنيين الذين شاركوا فى "تسيير الامور" فى البلاد. فلا قرار ينفذ لرئيس الوزراء ووزرائه الا بموافقة العسكر. انقلبت الامور و اصبح العسكر يملون ارادتهم على المدنيين و ليس العكس كما هو الحل فى الديموقراطيات الاصيلة.


ازعج العسكر المصريين بتهديد كتابهم الاحرار الذين لم يعتبرونهم فوق مستوى النقد. حاولوا منع الاحتجاج و التظاهر السلمى بقوة القانون . قذفوا بالمدنيين المعارضين لهم الى محاكمهم العسكرية لنشر الرعب فى نفوس من قد يحذو حذوهم. بدت ميولهم لدعاة الدولة الدينية واضحة عندما كلفوا قاض اسلامى متعصب و محام شبه مغمور من جماعة الاخوان المسلمين لا علم له بصياغة الدساتير ولا حتى ادارة طابونه, دون غيرهما من فقهاء الدستور و القانون بمصر لرتق دستور معيب مهلل مخجل كان من الاجدر ان يلقى به الى جانب اكثر وثائق التاريخ فسادا و شذوذا, و يستعاض عنه بوثيقة مشرفة تتماشى مع متطلبات الحرية و العدالة و التقدم و المساواة.


تعمد العسكر المداهنة و التسويف فى الكثير من مطالب الثوار و كان هدفهم بذلك شراء بعض الوقت حتى يخبو سعير الثورة و يتلاشى الغضب و تخفت حدة المطالبة بالمسائلة والقصاص. فوقف الثوار لهم بالمرصاد و اجبروهم على التظاهر بالاستحابة لهم. لم يكن "تزويغ" الطاغية من العقاب فقط هو الهدف الوحيد من المخاطلة, بل كان ورائها الرغبة فى اظهار الحكومة المدنية بمظهر عدم الكفائة و الفشل (و لنتذكر هنا ان قرارات الوزارة هى فى حقيقة الامر رهينة موافقة العسكر) فتثور الجماهير علي المدنيين و يطالبون باسقاطهم و استبدالهم. ثم تعاد الكرة و يبلغ الاحباط مداه لدى الثوار فيكفرون بالحكم المدنى و يعسكرون فى ميدان التحرير مطالبين بتولى المجلس العسكرى الهمام حكم البلاد من طقطق لسلامه عليكم "لانقاذ البلاد" و يمنح العسكر "شرعية شعبية ثورية" جديدة امتن من بتاعة عبد الناصر الذى فرض نفسه على الشعب و بعدين زور استفتاءات التسعة دايرة الشهيرة لاعطاء دكتاتوريته مسحة الرضا الشعبى و يتبرر حكم العسكر و ينتهى بمصر الامر الى المزيد من الكبت و الفشل و الفساد الذى عانت منه منذ مغامرة يوزباشية و صاغات 1952 مع فارق ان الرتب المرة دى تتراوح بين المشيرين و و الفرقاء و اللواءات, و تعاد ايام مجد العسكر المطلق وهو المراد من رب العباد و هات عندك ستين سنة تانية من الخيبة و الذل و العار و كأنك يا ابو زيد بتاع ميدان التحرير لا رحت ولا جيت.


تسرب الفساد بوحشية الى كافة مؤسسات الدولة تحت حكم العسكر. و من السذاجة و الجبن ان ننفى عن قادة القوات المسلحة ضلوع بعضهم فى هذا الفساد. بل ان "الوضع الخاص" الذى كفله الديكتاتورات الثلاث السابقون للقوات المسلحة, وعدم وضعها تحت اشراف السلطتين التنفيذية و التشريعية (مهما كان معروف عنها هى ايضا بالفساد و الخيبة) هذه ملابسات جعلت من استشراء الفساد فى القوات المسلحة امر محتم. هذه هى الحقيقة التى يجب ان نعيها و نحيط المجلس العسكرى علما بمعرفتنا بها حتى لا يشبه لهم افتراضات اخرى عن وعى الشعب المصرى بما يجرى حوله حتى مع محاولات الاخفاء.


من غير المعقول الا يتمادى المجلس العسكرى فى الحفاظ على الامتيازات العديدة التىى ينعمون بها. و هنا يجب علينا هنا الا نتناسى المشروعات و الاستثمارات الاقتصادية غير العسكرية العديدة التى تجلب الدخل و النفوذ لكبار الضباط. كذلك من السذاجة بمكان ان يتصور احد عدم تأثر المجلس العسكرى برغبات و مشورات و "نصائح" الولايات المتحدة الامريكية التى تستطيع التحكم فى امداد قطع الغيار و التسليح ناهيك عن "دورات التدريب" و رحلات التفاوض على شراء الاسلحة الجديدة, و عمليات الشراء ذاتها, الى آخر هذه الفوائد التى ينعم بها كبار الضباط. لن اتحدث هنا عن المتاعب التى تستطيع الولايات المتحدة اختلاقها بتحريض اعداء مصر من الشرق و الجنوب (مشاكل مياه النيل) عليها. لذلك كان من المحتمل ان يتحسب المجلس العسكرى خطواته بكل حذر فى كل ما يتعلق بالولايات المتحدة, فنحن لسنا فى موقف يسمح لنا مناطحة الولايات المتحدة كما فعل فاقد سيناء. أما "المعونة الاقتصادية" فهى ورقة ضغط امريكى محترقة لتضائلها خاصة خلال السنوات الاخيرة خاصة و ان "ابو السعود الكبير" و صبيانه مستعدون لبذل الغالى و الرخيص لصد المد الثورى القادم من مصر و الذى يتهدد بقائهم على العروش. ابو السعود جيوبه غويطه جدا خاصة عندما يتعلق الامر باسلمة مصر و جرها الى الحضيض.


و ماذا عن الدور "الكمالى" (نسبة لمصطفى كمال باشا مؤسس تركيا الحديثة و الذى قضى على الخلافة الدينية فى تركيا) للجيش فى المحافظة على مدنية الدولة؟ هذا الدور بدأ عسكرنا هنا مغازلة دعاة الدولة المدنية به. الرد على ذلك هو اننا نرى الان فعلا تآكل قدرة الجيش التركى على القيام بهذه المسؤلية بعد ان نجح اسلاميون متسربلين بعباءات العلمانية فى التسرب الى الحكم ثم بدأوا ينخرون فى جذور المؤسسات الكمالية مثل القضاء و القوات المسلحة و التحريض عليها والشروع التدريجى الممنهج لانهاء المبادىء الكمالية و اعادة اقحام الدين فى شئون الدولة و ما فيش مانع ينصبوا سلطان خليفة جديد! الحفاظ الحقيقى و الدائم على مدنية الدولة المصرية المرجوة و المرتقبة اذن لا يعتمد على التزام الجيش بل يتوقف اولا و اخيرا على ارادة و اصرار ووعى شعب مصرى يرنو الى التقدم و اللحاق بالعالم. شعب يتغاضى و يسفه احلام اعادة خلافة نفقت منذ زمن بعيد, و لا ينتظر او يتوقع ان يتطوع ماليزى مؤمن بحكم مصر لصالحها و صالح ابنائها حتى و ان كان لا يعرف كلمة "طز" و يتعالى عن اسنخدامها فى مناجاة الوطن.


هناك الكثيرون جدا من المصريين الذين يجزمون بان رئيس مصر القادم سيكون, كامثاله الثلاث السابقين, من بين صفوف العسكر. بل انهم يشيرون الى واحد منهم بالتحديد. و لما كان كفانا من هذا و اكثر, يصبح من المحتم ان يدافع ثوار مصر عن ثورتهم الى المنتهى و بكل وسائل المقاومة السلمية حتى لا نعيد الكرة و نخضع لحكم فاشل شرير لا يسعى الى رخاء مصر و سعادة ابنائها, بل الى الاستمرار فى البقاء و التطفل على دماء الشعب يتورم بغرز مخالبه فى جسم مصر. خللى بالكم ان هذه هى الصفات السرطانية.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :