الأقباط متحدون - عيد النيروز وبذل الذات
  • ٠١:٤٠
  • السبت , ٨ سبتمبر ٢٠١٨
English version

عيد النيروز وبذل الذات

د. مجدي شحاته

مساحة رأي

٢٤: ٠١ م +02:00 EET

السبت ٨ سبتمبر ٢٠١٨

عيد النيروز
عيد النيروز
 بقلم : د. مجدى شحاته              
لم تتمكن أصابع الزمن من ان تمحو من ذاكرة التاريخ حدثا جلل وقع وترك آثارا عميقة فى ضمير البشر . ذلك الحدث هو زمن اعتلاء الطاغية دقلديانوس عرش الامبراطورية الرومانية  لتكون بداية عهده علامة فارقة فى تاريخ أقباط مصر ، حيث شن حملات عاتية من الاضطهاد ضد أقباط مصر فاستشهد الآلاف وأمر بتدمير الكنائس وحرق الكتب المقدسة ... ومات دقلديانوس وفقد عرشه وقبلها فقد عقله قبل موته !!  وتبقى المسيحية قوية مزدهرة بمسيحها ، وبقيت الكنيسة والكتب المقدسة وتظل المسيحية تنتشر فى كافة أرجاء المعمورة . 
 
عيد ( النيروز ) كلمة مشتقة من اللغة الفارسية  والتى تعنى ( اليوم الجديد ) ، واذا كان الاستشهاد هو التضحية بالجسد والنفس من اجل الايمان المسيحى ، فنحن أمام سبيل آخر للاستشهاد المعنوى . ذلك النوع من التضحية يتم من خلال بذل الذات للرب يسوع ، بمعنى تقديم وتسليم حياتنا وأرواحنا وذواتنا اليه ، مع اخضاع الحواس للعقل والعقل للارادة والارادة للرب يسوع ، ان نكبح الميول الشريرة ونطرح العادات السيئة والافكار الرديئة جانبا لنسمو ونرتقى فوق تيار المبادئ الفاسدة  واغراءات العالم . علينا ان نستشهد معنويا  ببذل ذواتنا لله ... نقدم له كياننا بكل المحبة والغبطة والسرور وان ننسى ذواتنا لا نهتم بها وان نوكل  للرب تدبير كل امورنا هو يحل مشاكلنا  يعتنى بنا ، نسلم له أنفسنا تسليما كاملا . أعرف كل المعرفة أن الحكمة البشرية تحتج على كلمة ( التسليم ) هذه ، ولكن مفهوم التسليم هنا يعنى بذل الذات بأن نثبت فى محبة يسوع وننسى كياننا نتغاضى عن أفكارنا التى تدعو الى الفرقة والتقسيم التى يتبناها البعض هذه الايام التى تهدف بالدرجة الاولى الى تقسيم الكنيسة وهذا لن يسمح بها الله يقينا .. أقول لهؤلاء تذكروا دقلديانوس  الذى فقد عرشه وعقله قبل موته !!  
 
نستشهد معنويا ببذل الذات وتسليم النفس للرب . ندعو الرب أم يسكن فى قلوبنا وان نضع فى قلب الرب كل شواغلنا واهتمامنا ومشاكلنا الكثيرة  وان نعهد اليه بتدبير كل امور حياتنا ليكمل كل نقص ويغلب على كل ضعف .  اذا كانت المسيحية  تنادى بأن (الله محبة ) فكل من يتحد بالله يسرى فيه تيار الحب ، وتصير العلامة المميزة للأنسان المسيحى الذى يحب الآخر بلا شروط ، وبلا حدود وبلا مقابل وبمقدار يغلب العداو ة ويتخطاها . ونتأكد تماما ان الاستشهاد ببذل الذات لله هو رسالة ( محبة) ، ليست مجرد فضيلة  أو تفاعل انسانى ، بل هى أساس لاهوتى بدونها لا يكون الانسان مسيحيا .
 
مع بداية سنة جديدة جديدة من تقويم الشهداء .. طوبى للنفس التى اسلمت ذاتها ليسوع بكل اتضاع ووداعه ، فهو القادر كل القدرة ان يحمى هذه النفس ويقيها من كل أخطار العالم . ربى يسوع مع بداية سنة جديدة ، أتوق ان اكون من عداد النفوس الهادئة المطيعة  لأرادتك ، أروم ان أعقد معك عهدا أبديا ، ارافقك الى الابد ، أبذل ذاتى من أجل اسمك القدوس .