رسالة إلى نساء الأقباط
بقلم : زكريا رمزى زكى
يقول الكتاب المقدس في تعاليمه العظيمة موصيًا النساء "وكذلك أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة، مع ورع وتعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن" (1تي 2 : 9) فهل نحن الآن منفذين لتعاليم هذه الوصية أم أننا عنها بعيدون، وفي بعدنا نرصد لكثير من الأعذار والأسباب، وأن كل إنسان حر فيما يختار، نسير في أعذارنا حتى نضع بأنفسنا ما بين الحرية والتعاليم والوصايا الدينية، كي نخرج بخفي حنين من صعوبة الوصية إلى البراح والحرية الغير مسئولة.
اليوم نحن بصدد موضوع غاية في الأهمية، وغاية في التجاهل والابتعاد عن إثارته من أي من أصحاب الأقلام القبطية، قد يكون تجنبًا للغضب المتوقع من نتائج مثل الدخول في هذه المواضيع، وقد يكون خوفًا من الدخول إلى منطقة شائكة لا يحمد عقباها ونتائجها، لكن الموضوع يستحق الدراسة والبحث من خلال الإجابة على السؤال الآتي: لماذا لا تحتشم نساء الأقباط؟ عفوًا في اللفظ لكني بحثت كثيرًا عن تجميل له فلم أجد بل وأننى كلما أًثير الموضوع داخل عقلى أريد أن أهون منه لكنه يعود للظهور من جديد كلما أجد نساؤنا الأقباط وهن مرتديات الأزياء الفاضحة سائرات بها داخل الأحياء الشعبية والعشوائية مما يجد نفور عام لهذه التصرفات. وإجابة السؤال تتطلب أن ندرسه لكي نجيب عليه من جانبين. الجانب الأول هل نطالب نساءنا بالاحتشام تحت ضغط وخوف من المتطرفين. أما الجانب الثاني ألم ينادي الكتاب المقدس في تعاليمه بحشمة النساء كما أوردت في صدر المقال. القبطيات فأي بداية المسيحية كن يرتدين ملابس غاية في الحشمة والوقار تشبه ملابس الراهبات الآن، وهذا ليس من قبيل الاجتهاد ولكن المخطوطات القبطية توضح هذا الأمر، حيث كانت النساء تغطن رؤسهن وتسرن في الشوارع بمنتهى الوقار والحكمة.
هذا ليس مطلبًا وقتيًا نظرًا للظروف التي تمر بها البلاد وخوفا من التشدد الذي يطفو على السطح، ولكن هذا مطلب قديم؛ لماذا لا نرى نسائنا في ملبس الحشمة والوقار؟ ونحن نعيش في مجتمع شرقي له أفكاره الغريبة والأصيلة في ذات الوقت، مجتمع ترقد ما بين جوانبه أفكار التطرف والأحكام التي تطلق على الشكل والمظهر فقط، مجتمع ركز كل تفكيره فى الخارج الظاهر أما الداخل والأخلاق فلا اهتمام، مجتمع يفضل صناعة الخزائن لعدم سرقة الأموال ولا يعالج دوافع السرقة، مجتمع لا يرى بدًا من فرض الفضيلة بالقوة، لا أن يتعلمها الإنسان ويقتنع بها، فينتشر بين جوانبه التدين المظهري والحكم حسب الظاهر. مجتمع فقد إتزانه فلا هو مجتمع ديني ولا هو مجتمع أخلاقي، مجتمع ثائر يغلي قد يكون لفترة قادمة من الزمن ثم يستقر، إذا نحن في مجتمع مختلف ونحن نعيش فيه ويجب احترام تقاليده، بل ويجب علينا نحن أن نفرض عليه ونعلمه التقاليد الحسنة، لأننا ملح الأرض فإذا فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء. فعلينا لا أن نساير المجتمع بل أن يتعلم منا المجتمع الفضيلة وهذه رسالتنا في الحياة.
أما من جهة رسالة الكتاب المقدس إلى النساء فهو دائمًا يوصي بأهمية احترام النساء وعدم التفريق بينهن، وبين الرجال في أي شيء ما عدا المظاهر الفسيولوجية والبيلوجية، ودائمًا ما كان "بولس الرسول" يهتم بأن يوصي النساء بالصلاح والفضيلة وعدم التزين والاهتمام بالجسد, وها نحن قد ضربتنا المدنية الحديثة بكل فوائدها وخسائرها، ولابد لنا وأن نتماشى مع أسلوبها العصري لكن في نفس الوقت لا ننسى تعاليم كتابنا المقدس. فلا أقصد هنا رفض المدنية الحديثة وتكفيرها، ولكني أدعو الى الموازنة بين هذا وتلك. فأنا أعرف أن العورة كامنة داخل القلب وليست داخل جسد المرأة، ولكن في نفس الوقت الويل لمن تأتي من قبله العثرات. حين أزور أحد أديرة الراهبات وأشاهدهن وهن يرتدين الملابس السوداء لا تظهر إلا وجوههن فقط، وتظهر عليهن علامات الجمال المسيحي الحقيقي، حتى أنك تنبهر من الجمال الغير مؤذي الذي لا ينبع إلا من نفس عرفت قيمة الجسد، وأرادت أن تروضه في عالم المتغيرات.
من هنا أتوجه برسالة إلى نساء الأقباط وأقول لهن يا أخواتنا العزيزات، على قلوبنا لا نريد أن نكون سبب تجديف على الاسم العظيم فليس بملابسكن المحتشمة، أي خروج على المسيحية ورضوخ للأمر الواقع، وليس بملابسكن الفاضحة تمسك وعلامات على المسيحية. بل العكس هو الصحيح دائمًا. لا تبيعن أجسادكن للعيون فى الشوارع والطرقات، بل البسن ملابس الحشمة التي لا تنقص من جمالكن الحقيقي الذي هو في المسيح يسوع. علمن بناتكن الجمال الحقيقي الذي ينبع من النفس السوية التي عقدت صلحًا كاملًا مع كل ما تتعامل معه، علمهن تعاليم الكتاب في الاحتشام حتى تنشئن جيلًا جديدًا يعود بنا إلى المسيحيات الأوائل، العصر اللائي كن فيه المسيحيات مبشرات ومتنبآت بما هو آت، البسن لباس الحشمة اللائق، فحين تلتقي النفس المسيحية الرائعة مع لباس الحشمة، حينها سنرى السيدة القبطية مثال للسيدة الكاملة التي تكون قدوة للمجتمع الفاضل.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :