الأقباط متحدون - «فتكٌ في الرعية!!»
  • ٠١:٠٩
  • الاربعاء , ٥ سبتمبر ٢٠١٨
English version

«فتكٌ في الرعية!!»

مقالات مختارة | الأنبا إرميا

٠٦: ١٠ ص +02:00 EET

الاربعاء ٥ سبتمبر ٢٠١٨

الأنبا إرميا
الأنبا إرميا

تحدثنا فى المقالة السابقة عن حكم «هارون بن خُمارَوَيْه» على «مِصر» و«الشام»، الذى شهِدت البلاد فى عهده حالة عدم استقرار، حتى قُتل وتولى عمه «شيبان» أمور الحكم فى «مِصر»، فى زمن خلافة «المكتفى بن المُعتَضِد».

الخليفة المكتفى 289-295هـ (902-907م)
هو «على المكتفى» ابن «المُعتَضِد». تولى أمور الخلافة بعد وفاة أبيه «المُعتَضِد بالله» وكان آنذاك فى «الرِّقّة»؛ فعندما وصل إليه خبر وفاة أبيه طلب من جنده مبايعته خليفةً فبايعوه، ثم قام إلى «بغداد» وتولى إدارة شُؤون الدولة. ويذكر المؤرخون أنه اشتُهر بالكرم.

لكن «الدولة العباسية» تعرضت فى تلك الحِقبة إلى فتن ومشكلات خطيرة تصدى لها بكل حزم «المكتفى» وتمكن من التغلب على الثوار والخارجين عليه، وكان من أشد الأمور الصراع مع «القرامطة» فى «الشام» الذى انتهى بالقضاء على «القَرْمَطى»، إلا أن أنصار «القرامطة» زحفوا على «الشام» وهددوا أمن بلادها؛ فما كان من الخليفة إلا أن أرسل جيشًا آخر انتصر عليهم، وتشتتوا فى القفر.

وفى عام 293هـ (906م)، أغار «القرامطة» على قوافل الحَِجّ، ونهبوا وقتلوا؛ فأرسل الخليفة جيشًا كبيرًا لمقاتلتهم فهُزموا هزيمة نكراء، ومات قائدهم «زَكْرَوَيْه»، وتمزق شملهم. وظلت الصراعات قائمة بين «الدولة العباسية» و«الروم»، يتبادلان فيها النصر والهزيمة؛ وفى نهاية حكم «المكتفى» تبادلا الأسرى.

«مِصر» ولاية عباسية
أمّا عن أحوال «مِصر»، فقد أرسل إليها «المكتفى» أحد أمهر قواده، ويُدعى «مُحمد بن سليمان»؛ فجاء إلى «مِصر» وقاتل «شيبان بن أحمد بن طولون» وهزمه وقضى على حكم الطولونيِّين بها. وكما ذكرنا سابقًا: فإن الخليفة أرسل جيشه لمحاربة «هارون» الذى قُتل فى «قصر العباسة»، الذى ما إن وصل خبر مقتله إلى «مُحمد بن سُليمان» حتى أدرك ضعف الطولونيِّين، ووهنهم وتمزقهم وضعفت مقاومتهم له؛ فتقدم نحو «مِصر» من ناحية «فِلَِسطين». ويذكر بعض المؤرخين أنه مع تقدُّم قوات الدولة العباسية، تقهقر جيش «شيبان بن أحمد بن طولون» حتى وصل إلى العاصمة؛ ما دفع الجيش العباسى إلى استكمال المسير حتى وصل إلى «الفسطاط» و«القطائع» وحاصرهما من البر، ومن النهر بتقدم الأسطول العباسى؛ فتعرضت المدينتان للضرب، والطولونيون يحاولون باستماتة أن يدافعوا عن البلاد.

ويذكر لنا المؤرخ «ابن التَّغْرى» أنه فى تلك الأثناء، أرسل «مُحمد بن سليمان» إلى «شيبان» يؤمّنه على نفسه وأهله وماله وجميع من له، ويستكمل قائلاً: «ونظر شيبان عند وصول الكتاب إليه قلة من معه من الرجال، وكثرة جيوش مُحمد بن سليمان، مع ما ظن من وفاء مُحمد بن سليمان له، فاستأمن إلى مُحمد بن سليمان وجميع إخوته وبنى عمه فى الليل، وتوجهوا إلى مُحمد بن سليمان وصاروا فى قبضته...»؛ وعندما علِم رجال «شيبان» بالأمر، انضم بعضهم إلى الجيش العباسى، لٰكن عساكر الجيش لم تُدرك ما حدث من صلح فتقاتلت مع العباسيِّين؛ وانتهى الأمر بهزيمة القوات الطولونية. دخل العباسيون مدينة «القطائع»، حيث قاموا بأعمال تخريب من هدم للقصور والمنازل، بعد أن نهبوها، وقتلوا أعدادًا كبيرة من البشر، ثم أحرقوا المدينة. ويستكمل «ابن التَّغْرى» قائلاً: «ثم دخلت الأعراب الخُراسانية من عساكر مُحمد بن سليمان الكاتب إلى مدينة مِصر، فكسروا جيوشها وأخرجوا من كان بها. ثم هجموا (على) دُور الناس فنهبوها، وأخذوا أموالهم، واستباحوا حريمهم، وفتكوا فى الرعية... وفعلوا فى «مِصر» ما لا يُحله الله من ارتكاب المآثم...»!!

قضَّى «مُحمد بن سليمان» مع جنده فى «مِصر» بضعة أشهر، قبل عودته إلى «بغداد»، كانت من أشد الأوقات وأقساها على المِصريِّين إذ شهِدوا فيها أعمال عنف ووحشية تعجز الكلمات عن وصفها!! فقد... و... والحديث عن «مِصر الحُلوة» لا ينتهى!

* الأُسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع