الفتنة الطائفية .. أشعلتها الأعمال الفنية "دون قصد"
العلاقة بين المسلمين والأقباط فى مصر، مازالت منطقة محظورة فنيًا، خاصة مع الجدل الفكري وتسارع أقلام النقاد والمحللين، التي تسعى - عقب عرض أي من الأعمال التي تتعرض لتلك الإشكالية - لدراسة تلك الاعمال ومعرفة تأثيرها على استقرار المجتمع وسلامة بنيته الانسانية، وتتمحور علامات الاستفهام التى يطرحها هؤلاء حول الفائدة المرجوة من انتاج اعمال بلا جدوى تحاول أن تظهر العلاقة بين المسلمين والأقباط، مخالفين بذلك الواقع.
ولكن: هل هذه الأعمال الفنية تهدف إلى الصالح العام أم أنها مجرد أداة لإثارة الفتن وتحقيق الارباح؟!.. سؤال يجيب عنه نقاد ومنتجون مصريون.
فيقول السيناريست نادر صلاح الدين: إن المؤلفين الذين كتبوا سيناريوهات أفلام حول هذه العلاقة تناولوها من وجهات نظر مختلفة، ففي فيلم "الرهينة"، أدى صلاح عبد الله دور عالم مسيحي نال جائزة "نوبل"، ويتعرّض للاختطاف، ويجسّد محمد شرف وماجد الكدواني في الفيلم أيضاً شخصيتين مسيحيتين تتعرض إحداهما للاختطاف، ويتدخل الشاب المسلم أحمد عز؛ لإنقاذها وسط حوار يؤكد الوحدة الوطنية في مصر. كذلك، تجسّد "نور" شخصية طرف ثالث مهمته إحداث خلل في هذه العلاقة، وهو طرف دخيل علينا.
وأضاف: إن هذه الافلام وغيرها مما يتناول العلاقة بين العنصريين المسلم والمسيحى أو الذي يتناول المسائل العقائدية، انما هو محط جدل وتساؤل من قبل الجميع نقاد ومشاهدين لأنها مسائل طالما اغفلها الاعلام والدراما لحساسيتها.. ويناشد صلاح الدين الكتّاب والمنتجين معا عدم الغوص فى تلك القضية، مستغلين الاوضاع الراهنة وهادفين للشهرة والربح فقط.. موضحًا: علينا انتظار الاستقرار العام دون مؤثرات خارجية.
ومن جهتها، تقول الناقدة ماجدة خير الله: ان الأفلام التي تمحورت حول العلاقة بين المسلمين والمسيحيين هى أفلام "تحسس"؛ لأنها لا تقدم حلولًا موضوعية لتلك العلاقة؛ نظراً لحساسية القضية نفسها وترقب الطرفين إزاء تناول أي طرف منهما بالنقد، وتوضح ان الأقباط دائماً يعترضون على هذه الافلام حتى لو كان البطل قبطيًا، وخير دليل على ذلك "بحب السيما"، والذي قدّمه ثلاثة من المصريين الأقباط، ويتمحور حول أسرة مسيحية متطرّفة دينياً ترفض ارتياد ابنها السينما ومشاهدة التليفزيون بزعم أنهما أمران محرّمان، وواجه العمل حينها اعتراضا شديدا فى الاوساط القبطية على اعتبار وصفهم بالتزمت والرجعية الثقافية.
وتشير د. ماجدة الى ان هذا الجدل الواسع حول هذ ا النوع من الاعمال يصعّب من وظيفتها فى التعمق وايجاد الحلول وطرح القضايا من أساسه. كما ترى اننا لسنا فى حاجة راهنة إلى تقديم أفلام تصوّر أن الشيخ والقسيس يحبان بعضهما البعض، إنما الأفضل البحث في أصل القضية وإبراز المشاكل التي يعاني منها الأقباط، ويجب ان تتحلى افلامنا بالجرأة والوضوح دون تقييد.
سلبية مطلقة
فيما يرى المنتج هاني جرجس فوزي، أن الأفلام التي قدّمتها السينما المصرية تظهر المسيحيين - خاصة - على انهم سلبيون وتافهو الفكر وسطحيون؛ لان القائمين على هذه الأفلام هم مسلمون وليست لديهم ثقافة حول الديانة المسيحية وطوائفها، وبالتالي تظهر الشخصية المسيحية غير واضحة الأبعاد، فنجدها طيّبة إلى درجة السذاجة ولا يكون لها غالباً دور مؤثر في أحداث الفيلم، وهذا ما يعكس استسهالاً وسطحية، الأمر نفسه ينطبق عندما يتناول هؤلاء العلاقة بين المسلم والمسيحي. فنجدها إما علاقة حب شديدة غير واعية أو صداقة قوية غير مبررة بعيدة تماما عن مشاكلهم الاساسية فى المجتمع.
ويتمنى فوزي من كتّاب الأفلام أن يتناولوا هذه العلاقة كما هي على حقيقتها، والابتعاد عن إبراز علاقة غير محددة لمجرد أن نضحك على عقول المشاهدين ونبين لهم ان المسلم والمسيحى ينعمان بالاخوة المطلقة بعيدا عن اى اهداف تجارية.
ويقول المنتج هانى ويليام: إن الافلام التى تناولت علاقة المسلم بالمسيحي هي اعمال ناقصة لا ترقى بعقول المشاهدين وثقافتهم الدينية، ومن المفترض ان تضيف لها بدلا من التضليل والسطحية، والبعد عن الجدية في التناول؛ ففيلم "حسن ومرقص"، لم ينل النجاح المتوقع له لأنه عرض الفتنة ولم يطرح لها حلولاً فعلية يمكن تطبيقها على أرض الواقع، ويكون بذلك يساهم فى ايجاد فتنة طائفية.
ويضيف: لا ضرر أن يتناول الكتاب أبعادًا جديدة للشخصية القبطية تبين ما بها من سلبيات وايجابيات مادام المجمل لا يحمل اهانات في شخص العقيدة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :