الأقباط متحدون - أغانى تحت مقصلة الحلال والحرام
  • ١٢:٥٨
  • الاثنين , ٣ سبتمبر ٢٠١٨
English version

أغانى تحت مقصلة الحلال والحرام

مقالات مختارة | طارق الشناوي

٣١: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ٣ سبتمبر ٢٠١٨

طارق الشناوي
طارق الشناوي

تجدد مرة أخرى الحديث عن أغانٍ تخالف الشريعة، عندما نُطل عليها بزاوية الحلال والحرام، تاريخنا حافل بعشرات من تلك الأغنيات، التى ذهب بعضها للمحكمة من أجل تطبيق أقصى عقوبة وهى إلقاء المسىء للسجن، أو فى الحد الأدنى الاكتفاء بمصادرة الأغنية أو حذف المقطع الذى أثار الغضب.

يكفى أن أذكر لكم أن قصيدة كامل الشناوى التى لحنها محمد عبدالوهاب وغناها عبدالحليم (لست قلبى) أثارت ثورة الأزهر بسبب تلك الشطرة (قدر أحمق الخطى / سحقت هامتى خطاه) مر الغضب بعدة مراحل، فى البداية حذفوا الكلمات، عندما هاجمها الشيخ محمد الغزالى مطلع الستينيات فى إحدى الإذاعات المصرية، اعتبروها تحمل تجاوزا فى الذات الإلهية، وهو ما ينطبق أيضا على أغنية عبدالحليم (على حسب وداد)، التى كتبها صلاح أبوسالم، ولحنها بليغ حمدى فى مقطع (لا ح اسلم بالمكتوب) لأنها تتحدى القدر، فكيف يجرؤ عبدالحليم ألا يستسلم راضياً بالمكتوب، وهو أيضا ما نالته قصيدة أبوالقاسم الشابى التى أصبحت هى وقود ثورات الربيع (إذا الشعب يوما أراد الحياة / فلابد أن يستجيب القدر)، دائما عندما تُخرج الشعر بعيدا عن إطاره المجازى ستصطدم لا محالة بالمعايير الدينية.

عشرات بل مئات من أغانينا ستتم مصادرتها لو أخضعناها لهذا المعيار، يكفى أن أذكر لكم أن دار الأوبرا المصرية، تغير مقطع قصيدة (لست قلبى) إلى (قدر واثق) بدلا من (قدر أحمق)، هل وجدتم اعتداء سافراً على شاعر أكثر من ذلك، الغريب أنهم يقدمون على تلك الأفعال، بقناعة مطلقة بحجة أنهم يحمون الشاعر من نفسه ومن جنوحه ولا يعنيهم من قريب أو بعيد أنهم يقتلون الشعر.

توقف مؤخرا الكاتب الصحفى الكبير وحيد عبدالمجيد على صفحات الأهرام فى عموده (اجتهادات) أمام آخر أغنية رددها عمرو دياب (كنت ميت ومستنيكى تحيينى)، فكيف تلعب الحبيبة دور الإله، رغم أننا دائما فى التعبير عن الحب كثيرا ما انقطع الخط الفاصل بين الحياة والموت ونقول بعفوية (بحبك موت) ويقول الشوام (تقبرنى)، وصلنا فى الحديث عن الحب لما بعد الموت وهو مراسم الدفن.

لاقى مدحت صالح الكثير بسبب أغنية (كوكب تانى)، التى كتبها مدحت الجمال ولحنها سامى الحفناوى يقول مطلعها (رفضك يا زمانى يا أوانى يا مكانى / أنا عايز أعيش فى كوكب تانى)، يعنى على بلاطة يلبس قضية ازدراء أديان.

لا تنس أن الإذاعة أقدمت فى فترة زمنية على حذف مقطع من أغنية (أول مرة تحب يا قلبى) لعبدالحليم (لسه شفايفى شايلة أمارة حبك ليه)، وتعددت المحذوفات مثلما حدث لسعاد حسنى فى (بمبي) التى كتبها صلاح جاهين ولحنها كمال الطويل (بوسة ونغمض ويالا)!.

لن تجد فى الحقيقة بنسبة 90% من أغانينا إلا وقد أثارت حفيظة المتحفظين الذين صاروا متحفزين، حتى الدعاة الذين نصف بعضهم بالمستنير يرفضون أغنية شادية )غاب القمر يا ابن عمى يالا روحنى) لأنه لا يجوز للمرأة البالغة أن تخرج مع ابن عمها خاصة أن العودة للمنزل بعد غياب القمر وعدم وجود محرم، وما أدراك ما الذى من الممكن أن يحدث بين الرجل والمرأة، فى جُنح الظلام عندما يصبح ثالثهم الشيطان.

مع الأسف وفى كل العهود نعيش تحت سطوة هؤلاء الذين دفعوا أم كلثوم لمراجعة أكثر من مرة كلمات أغانيها بعد أن فوجئت بالهجوم القاسى عليها (خدنى لحنانك خدنى /عن الوجود وابعدنى) أو وهى تقول (يا أرق من نسمة وأجمل من ملك)، فمن هو الإنسان الذى يوصف بأنه أجمل من ملك؟.

القضية ليست أغنية توافق أو ترفض كلماتها، ولكن عندما تُصبح المرجعية الدينية هى )الترمومتر) الذى نقيس به الإبداع فقل على الدين وعلى الدنيا السلام!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع