بقلم: د. ياسر غبريال
كان عندى امتحانات وقتها وقلت ليس مثل تلفزيون الريادة فى متابعة الحدث الجلل وتلفزيون الريادة طبعا هو التلفزيون المصرى ولم اكن اعرف اننى سانبسط واضحك كما لم اضحك من قبل واننى توهمت متوهما انه على قدر الحدث سيكون التعليق ولكننى لم اجد سوى ( و سقطت العباءة .. وظهر الحق ) .. ففى مشهد كوميدى من فيلم محامى خلع يتم استقبال خطيبة المحامى فى قريته التى ازادنت لاستقبال الهانم ولانها كانت ترتدى ملابس غير مناسبة للقرية فقد اعطاها العمدة عباية تستر بها نفسها وبينما هى فى الموكب وقعت العباية من على كتفها فما كان من الهتيف الذى يصف الموكب الا ان صرخ ( وسقطت العباءة .. وسقطت العباءة .. وظهر الحق !!)
تذكرت ذلك المشهد وانا اتابع زيارة الرئيس اوباما لمصر فقد تم التعامل معها بنفس المنطق .. فتم كنس مصر ورشها استعدادا لزيارة الحلم الامريكى .. وانتشرت اصص الورد .. وتم تغطية المناظر التى لاتسر وهى بعض بيوتنا عن عيون الزائر الكريم حتى لا تجرح احاسيسه وبدلا من خروج الجماهير الغفيرة وزحفها لرؤية موكب اوباما تم حبسهم فى البيوت  لمتابعة الزيارة برضه .. لا فرق.. حبسة فى موكب او حبسة امام الدش ..
موقعة الحذاء

كان كل هم المعلق فى التلفزيون المصرى هل سيخلع اوباما حذائه ام لا عند دخوله جامع السلطان حسن وظل يردد هل سيخلعها .. وكنت فاكر ان المذيع ده بس اللى مشغول بالحذاء لكن وجدت الكل يتساءل وينتظر وحتى صفحات النت الاخبارية كانت تنتظر الحدث الجلل هل سيخلع الجزمة ام لا وعندما عملها الرئيس هلل المذيع وقال لقد خلع حذائه .. لقد خلع حذائه .. ولقد غطت هيلارى شعرها الحرير اللى على الخدود بيطير .. وطيرت وكالات الانباء المصرية والعربية الخبر واصبح عنوانا هاما لقد خلع اوباما جزمته على باب الجامع ..
الحقيقة لا اعلم ما سر الحذاء فى العقلية العربية ومدى اهميته .. وقارنت بين الفرق بين حضارتين وعالمين .. حضارة تستقبل رئيس امريكا ( بوش )  بالحذاء ويهلل للحدث كل العرب وجيرانهم وحضارة اخرى راقية تجبر رئيس امريكا ( اوباما ) على خلع حذائه عند دخوله مكان للعبادة .. وبرضه يهلل للحدث كل العرب ..دون ان يجدوا وقتا للمقارنة بين الحضارتين ومحاولة الترقى والتقدم .. او محاولة قبول الاخر واحترام الاختلاف ..

ابوحنس وابوحسين :

وهذا يقودنا لقضية الازدواجية التى نعانى منها واصبحت كالوبا الذى اكل هنادى ولا مجال للشفاء منه .. فقد قال اوباما انه يقدر دور مسلمى امريكا وحرية نساؤهم فى لبس الحجاب وسيقلل الضرائب على المسلمين حتى يدفعوا الضرائب اون يكن كل احترام لمسلمى بلاده ويكفل لهم كل الحرية ولن لديهم الف وميتين مسجد وهم جزء اصيل من امريكا ..فدوت القاعة بالتصفيق والهتاف ولكنه عندما جاءت سيرة الاقباط فى سطر واحد وكمكمل لقصة حرية العقيدة نزل سهم الله على المطبلين ..وتم سن السكاكين وخرج ممثل الخارجية المصرية وقال لا نقبل كلام اوباما عن الاقباط فهم ليسوا اقلية بل اصحاب البلد .. نسى كلامه عن حرية العقيدة ومسك فى الاقباط .. لم يعلق على قصة الغرام الملتهبة بين امريكا واسرائيل .. لم يجد فى خطاب اوباما الا موضوع الاقباط ..نسى الخمسين دقيقة ومسك فى دقيقة واحدة ..لم يعلق على احترام امريكا للمسلمين الذين خرج منهم نفر ارتكبوا احداث 11 سبتمبر ..لم يجد سوى الاقباط المسالمين .. اللى هما اصحاب البلد زى ماقال ..

ماشى لسنا اقليه .. احنا اصحاب البلد زى ما قلت يا جناب السفير ..
طيب اصحاب البلد دول مش من حقهم يصلوا فى البلد ..ويلاقوا كنيسة فى البلد
اصحاب البلد مش حقهم  يمسكوا مناصب فى البلد ..فى جامعات البلد وجيش البلد وامن البلد ومجلس شعب البلد
اصحاب البلد مش من حقهم حرية العقيدة فى البلد ..
اصحاب البلد مش من حقهم يكونوا مواطنين من الدرجة الاولى ..تعبنا من السبنسة ..
اصحاب البلد تقريبا من حقهم بس يتشتموا فى كل صحف البلد .. وقنوات البلد ..خرج استاذ جامعى فى قناة النيل المصرية يقول لابد من الكنيسة ان تعلن رفضها لكلام اوباما عن الاقباط بل وتعتذر ..صحيح فنحن شعوب الشجب والادانة ..استاذ الجامعة الفاضل ووزير الخارجية السابق احمد ماهر فى البيت بيتك وغيرهم لم يسألوا نفسهم اوباما قال كدة ليه ولماذا ذكر الاقباط ..؟؟ 

دا فى ناس حللت سلام سفيرة امريكا على قداسة البابا بطريقة الجستابو ..وقد كانت الست سكوبى سلمت على شيخ الازهر باليد يعنى فضيلة الشيخ مد يده ( هو اللى سبق ومد ايده ) وسلم عليها ربما لانها من الفرنجة .. وبعدها اتجهت السفيرة نحو قداسة البابا شنودة وسلمت عليه ودار بينهما حديث مطول نوعا .. وخرجت الصحف تقول يمكن يكون قداسته بيشكيلها من مصر والاضطهاد الدينى ( هو فيه اضطهاد فى مصر ؟؟!) .. ومن كتر زن الصحف قال مصدر فى الكنيسة ان الحديث لم يخرج عن السؤال عن صحة قداسته .. حاجة غريبة فيه مرض فى البلد اسمه ( ابو لمس ) وهو مرض مزمن بخصوص الاقباط .. اول ما تيجى سيرة الاقباط يصاب الاعلام بالهسهس والتوتر ويطرطش كلام غريب وتحليلات اغرب ..

تكلم اوباما الامريكانى عن دور المسلمين فى امريكا والذى تاريخهم هناك لا يتعدى الخمسين عاما ولا يوجد هنا مسئول واحد يذكر الاقباط بالخير ودورهم فى تاريخ مصر ..انظروا للمناهج فى المدارس والجامعات ..تجاهل تام للحضارة القبطية التى هى التطور الطبيعى للحضارة الفرعونية .. ومؤثر اساسى فى الحضارة الاسلامية ..ولكن صمت تام وخرس مطبق .. وبعد كدة يقولوا اصحاب البلد ..دا حتى اسامى البلاد القبطية عاوزين يغيروها .. بلد فى المنيا اسمها ابوحنس من مليون سنة واهلها كلهم مسيحيين وتحتمى فى دير اثرى للقديس يحنس القصير ومنه تكتسب الاسم .. عاوزين دلوقت يغيروا الاسم ويبقى وادى النعناع .. اسم بلا معنى ولا عمق تاريخى ليه مش وادى الخس ولا الجرجير ..ولكن الحمد لله مغيروش الاسم من ابو حنس لابوحسين تذكارا لزيارة باراك حسين اوباما كما يصر التلفزيون المصرى على نطق اسم الرئيس الامريكى ثلاثيا وتلاقى المذيع من دول بيدوس جامد على كلمة حسين  !! وقانا الله شر العقد ..

ونرجع لبقية الملاحظات على زيارة اوباما ..
قضية الصنبور
قال المذيع بعد ان دخل اوباما للجامع يا ترى هل المرشدة السياحية وهم امام النافور ( تقريبا دا جوز النافورة ) يا ترى هل تحكى له عن الجدل الذى دار منذ خمسمائة عام عن حكم الوضوء من ماء الصنبور ..!! وبعدها اصابنى ذهول ولم اعرف ماذا حكى المذيع بعد ذلك ربما قال شفتوا اوباما مبهور قد ايه او حاجة زى كدة .. عرفتوا ليه احنا فشلة .. وليه تونس بيروحلها سياح اكثر من مصر وليه لبنان خاصة السنة دى هى وجهة السياحة العربية .. لاننا جهلة ولا نعرف كيف نستغل عظمة اجدادنا فى توفير مم لاولادنا .. ماء الصنبور يا راجل !!  يبدو ان صنبور الفكر فى مصر محتاج جلدة .. لكن هل الامر قاصر على المذيع ؟؟ لا دا كاس وداير ..ناس زارت القمر واحنا عايشين فى المغاير ..
الفول بالخلطة ..

دار سجال عنيف بين محمد حسنين هيكل وكرم جبر (روزاليوسف ) ومجلة المصور وباقى الفرقة بخصوص فطار اوباما .. هيكل شايف ان اوباما ماكلش فول ولكن كرم جبر حلف على الحبر ينشف انه اكل فول بالخلطة مرتين واكل طعمية وكمان اكل بيض مسلوق ومسك علبة زبادى وفتحها بنفسه اى نعم بنفسه وحط عليها عسلا اسودا وليس ابيضا ..يا للهول وياللحضارة اوباما اكل من فولنا وشرب من عسلنا وفتح علبتنا بايده ..هنيئا له ومريئا لنا ..
صار فتح علبة زبادى بايده حدث تكتب فى المقالات وتسجل فيه الحوارات ..
صارت القضية اوباما خلع الجزمة ولا لا واكل فول ولا لا ..اختفت الحريات الدينية وانتعشت حضارة اقراص الطعمية ..ولكن لم يذكر احد هل كانت الطعمية بسمسم ولا سادة ؟؟ حيث يقولون ان السمسم فى الطعمية نصرة والله اعلم ..
وكمان شرب اوباما القهوة ثلاث مرات .. ليس مرة ولا اثنتين بل ثلاثة والتالتة تابتة يعنى متبت فينا .. يعنى احلى بلد بلدى .. يعنى اسمر وكان لاعيب على رأى المفكرة سميرة سعيدة والتى اذاع التلفزيون المصرى اغنيتها بتاعة الدورة الافريقة عشرات المرات تقريبا عشان اوباما جميل واسمر واصله افريقى وكمان بيلعب سلة ..

الست ياسمين الخيام :

طيرت وكالات الانباء ان الحاجة ياسمين الخيام المغنية المعتزلة التى اتشهرت باغنية ( ابعد عنى عيونك انا مش حمل هواك ) وبنت الشيخ الحصرى مدعوة من السفارة الامريكية لحضور خطاب اوباما لحد هنا وعادى ولكن الحاجة ياسمين قالت اكيد عزمونى لان ابو اوباما كان من معجبى الشيخ الحصرى..وقد اهداه والدى مصحف مرتل واكيد اوباما فاكر كدة وعاوز يشوفنى عشان يفتكر بابا .. ومبدئيا لم يزر الحصرى امريكا ابدا .. كما ان اوباما لم ير والده الذى ترك امه وهو لحمة حمرا او سمرا (عمره سنتين ) وبعدها تزوجت الست ام اوباما من اندونيسى وكان سن اوباما ست سنوات يعنى اوباما لا يعرف شكل ابوه .. وكذلك رحل ابو اوباما من امريكا نهائيا وراح كينيا.. وسؤال اخير هى الست ياسيمن عارفة كل اللى اهداهم والدها هدايا وكان بيرجع من السفر ( لم يزر سوى الهند والسعودية) يقولها انا اهديت مين وياترى قالها انا قابلت واحد اسمه حسين وابنه اسمه اوباما وماشافوش من زمان!! .. والحقيقة توفى الشيخ الحصرى سنة 1980 يعنى الكلام ده حدث قبل ذلك بالتأكيد يعنى اقلها من حوالى 30 سنة ايه الذاكرة الفولاذية دى !!
فزورة :

يا ترى مين فى مصر كان اتعس واحد بزيارة اوباما .. اتعس من ابن لادن وابن عاكف وابن البواب الذى تم قطع عيشه يوم الزيارة وتوقفه عن مهنته فى تلطيش زجاج السيارات .. يا ترى مين ؟ مين يا ترى ؟ ابن بكرى الذى هو مصطفى بكرى الذى قدم استجوابا لمجلس الشعب حول تكلفة الزيارة وقال ان اوباما لديه اجندة امريكية جاء لتحقيقها .. المفروض يكون لاوباما اجندة عراقية او صومالية او ليبية حتى يطمئن قلب مصطفى بكرى الذى لو احصينا كلمة الاجندة الامريكية فى احاديثه وكتاباته واحلامه لفقدنا القدرة على الاحصاء .. الراجل لديه هاجس ان العالم كله متأمر او متأمرك ولديه اجندة امريكية .. طبعا معروف نوع اجندة مصطفى بكرى ومش هاجاوب على الفزورة الاخيرة دة واتركها لفطنة القارىء ..
فعلا سقطت العباءة وظهرت عوراتنا .. لقد كشفت الزيارة عن التخلف الفكرى الذى يسكننا ويبدو انه لا علاج له فى القريب العاجل ..نحن لا ينفع معنا لا الريس اوباما ولا غيره ..حتى لو هشتكنا وبشتكنا ..
Gobrial2003@yahoo.com