معجزة للحياري و درس في الإدارة
أوليفر
الجمعة ١٧ اغسطس ٢٠١٨
Oliver كتبها
- الرب يسوع المسيح و هو يؤسس كنيسته التي إفتداها بدمه لم ينس أن يعلم تلاميذه القديسين دروساً في القيادة الروحية و حتي الإدارية.كان للرب يسوع تلاميذا لكن لم تكن له حاشية تسيطر عليه أو تمنع الآخرين من الوصول إليه.هو إلهنا الحي المانح نفسه لكل من يقبل إليه و لا يخرجه خارجاً.بل يضمه لنفس جسده و يضع له الدور اللائق بما وهبه من طاقات و مواهب.
- لعل أجمل الدروس الإدارية كان معجزة إشباع الجموع.كان عمل محبة و رمزاً يعد أذهان شعبه للخبز السماوي و كان أيضاً تعليماً إدارياً عبقرياً فكيف سارت الأمور.
- كان التلاميذ لتوهم عائدين من أول مغامرة روحية.وجدوا أنفسهم نائلين أمراً بشفاء المرضي و إخراج الأرواح و عمل الآيات.فمارسوا هذه النعمة من غير جهد.كانوا منتشين من عظمة ما يفعلون بإسم الرب يسوع.شيئاً عجيباً يسري في أفكارهم يختلط فيه الزهو بالفرح بعدم الإدراك.
- بدأ الرب يسوع يعلم الجموع.ربما كانت أطول عظة لم نعرف عنها شيئاً.حتي جاء الغروب و بدأ الجوع يداهم الجميع تلاميذا و شعباً.جاعت الكنيسة كلها.فذهب التلاميذ بنشوة صانعي المعجزات إلي معلمهم قائلين(إصرف الجموع ليستريحوا و يجدوا ما يأكلونه فإننا ههنا في موضع قفر؟) كانت عبارات موجعة متتالية.يتحدثون مع آمر الخليقة كلها بصيغة الأمر.ظنوا أن المعجزات التي صنعوها تؤهلهم لأن يقودوا الرأس نفسه.وصفوا الموضع بأنه قفر بينما فيه يحل خالق الجنة من القفر.كأن ذهاب الناس بعيدا عن المسيح سيشبعهم.فكانت الإجابة.لن اصرفهم.إعطوهم أنتم ليأكلوا.لم يقل لهم إشتروا لهم ليأكلوا بل إعطوهم..ما بال المعجزات توقفت معكم؟أليس لديكم مواهب فإستخدموها .نعم تستطيعون أن تشبعوهم.لقد بدأوا يثقون بكم حتي أنهم يشتكون إليكم جوعهم.خجلوا مني و تكلموا معكم.فإتفق الإثني عشر أن يقولوا للمسيح إصرف الجموع.كان هذا هو ما لديهم من حلول.لكن رب المجد كان يعد درساً لن ننساه جميعاً.
- كان يقولون أن الجموع خمسة آلاف.كانوا يستبعدون أنهم يمتلكون حتي ثمن شراء خبز.و حتي لو ملكوا ثمنه فمن أين يجدون في سوق القرية ما يكفي لهؤلاء خبزا .مع هذا طلبوا أن يصرف الجموع لنفس القري التي تحججوا أن ليس فيها خبز يكفي.الناس أيضا لا يمتكلون مالاًو لا طعاماً.فهم كمن يطلبوا أن ينصرف الشعب ليتخلصوا من المسئولية.فكان الدرس عظيماً.لا تتخلص من مسئوليتك فأنت هنا فقط من أجلها.
- أنتم تقولون لي إصرفهم و أنا أقول لكم أجلسوهم.أنتم تحسبونهم خمسة آلاف بالإجمال و أنا أعلمكم أن يكون لكل فرد قيمة فأجلسوهم فرقاً خمسين خمسين.ستعرفوا حينها كم هم بالتدقيق.ستظهرون قدام الشعب كأنكم تعرفون الخطوات التالية مع أنكم لا تعرفون سوي أن الرب يسوع أمر بأن تجلسوهم.طوباكم أيضاً لأنكم لم تتشككوا و لم تراجعوا السيد في قراره.كانت أسئلة بعض الناس تتناثر و هم يحلسون.هل جاء الطعام؟ما نوعه؟أين هو؟فكانت الأسئلة تعيد التلاميذ القديسين إلي تواضعهم.نعم هم لا يعرفون ماذا سيحدث أطاعوا و نسيوا أنهم صانعي معجزات هم أيضاً.ففي حضرة سيد الكل لا توقفك الأسئلة بل يكفيك الخضوع.
- ظهر التلاميذ بلا حيلة قدام الشعب لكن المدير الأعظم لا يحب لتلاميذه أن يظهروا عاجزين فأعطاهم دوراً يبدو للشعب فيه أن التلاميذ مشاركون في المعجزة.فلا يفقدون الثقة بهم.المدير هو من يفرح بنمو الثقة في وكلاءه قدام الشعب.فكل نجاح مأخوذ من الله غير منقوص منه.
- هذا كل ما توصل إليه التلاميذ.أكثر من خمسة آلاف رجل لا يحمل أحدهم شيئاً سوي هذه الخبزات الخمسة و السمكتين.هذا ما يعكس ثقة الجموع في المسيح.خرجوا إليه فارغين غير منشغلين بما يأكلون أو يشربون.البعض ما أن لمح الرب يسوع ماراً حمل فأسه و قفته و تبع السيد تاركاً حقله فاليوم يوم المسيح.هذه الثقة ما يجب أن تهتز أو تتغير.بل يجعل منها جزءاً لتلاميذه.فيجعلهم قادة يقودون بالمسيح.هذا كل ما يعرفونه و يملكونه.
- يجلس الناس و أبصارهم في المسيح.و أبصار القادة الإثني عشر علي الجموع.يجمعون أرقامهم.ينظمونهم.ينتظرون شيئاً لا يعرفونه.لكن ما دام الرب قد قال أجلسوهم فرقاً فليجلسوهم.ربما سمعوا تقريعات و سخرية من بعض الجالسين؟ ربما سمعوا سخطاً و تعجلاً من أجل الأطفال؟ ربما دارت همسات و همهمات فيما يجلسون إذ لا شيء يبدو واضحاً لأحد.لكن القادة يمارسون عملهم بجدية لا توقفهم عبارت تصدر من هنا و هناك عن العمل بوصية الرب القدوس. كلما تقدمت للخدمة وسع قلبك لتجاوزات الناس.
- تنظيم هذا العدد الضخم يستغرق وقتاً طويلاً.ربما كل خمسين يعتقد أنه سينال نوعا من الطعام مختلف.يريد أن ينضم لخمسين غيرهم.علي القادة أن يتعلموا أنهم يساوون بين الجميع.الكبار كما الصغار.المشاهير كالمغمورين.الأطفال غير منسيين الرجال كالنساء.فعند الجمع يصبح لكل واحد في المسيح كيان غال له نفس القيمة لا يضيع الفرد وسط الزحام.و لا تضيع النظرة الشاملة بين إختلافات الأمزجة و الرغبات.
- لم يستجب المسيح لإتفاق الإثني عشر عليه و علي الجموع.كما لم يوبخهم بالكلام بل بالفعل.لم يشعرهم أنهم مخطئين قدام الناس و لم يحرجهم.جعل الأمور تسير كأنما لم يصدر منهم فكر مخالف.لملم التلاميذ القفف من بعض الفلاحين الذين غيروا وجهتهم بدلا من الذهاب للحقل اليوم فليذهبوا تابعين الرب فهو يوم الرب.أخذوا القفف و في يد المسيح خبزات لا تبدو من بعيد و سمكتين لم يلحظهم أحد.يبارك كعادته فيضع في القليل نفس ما للكثير من شبع.كأن الخبزات تتتوالد و كأن الأسماك تتكاثر.كلما أخذوا من يد الرب تبقي الخبزات كما هي و الأسماك غير متناقصة كان في طيات المعجزة تعليماً إدارياً للقادة.بينما إنهمك الناس في الطعام.ما عاد التلاميذ من ذلك الحين يتكلمون مع المسيح بلغة الأمر.كل واحد عرف حجمه.فالإدارة الصحيحة أن تعرف حجمك و دورك فلا تتقاطع الأدوار و لا تتجداوز أحداً.
- التلاميذ يقدمون للجموع من الخبزات و السمكتين.لا يملكون تفسيراً.كل واحد منشغل بما كان يظنه في نفسه.كأنه يقول كنت أريد أن أقود المسيح مع أنه قائدي.لم ينبذني أو يتحداني لأنه أقدر مني.تجاوز عن جهالتي و جعلني شريكاً في المعجزة و أنا لم أطلبها.من الآن فصاعداً كلما إحتاجت الجموع شيئاً سأذهب إليه متضرعاً لأجلهم قائلاً له يا سيد هذا شعبك و خراف قطيعك و أنا الصغير بينهم أرجو منك أن تشملنا بحنانك.لن أقترح شيئا و لن أنس نفسي و آمره بكلمة.
- قدم التلاميذ القديسون طعاماً و هم مندهشون أكثر من الجموع.كانت الأسئلة تتكرر؟ من اين هذا الطعام.كان للتلاميذ إجابة واحدة صامتة.تتوجه أعينهم نحو المسيح فتتوجه أبصار الجموع خلفها.علي رأس الجبل تتجمع كل الإجابات في شخص الرب يسوع.ما أنجح الإدارة بشخص المسيح و ما أعجز المديرين الذين يديرون المواقف من غير أن يرجعوا للمسيح.
- كان للمسيح تلاميذ و ما زال لكن ليس للمسيح حاشية تتحكم فيه.هو قائد يقود و لا يقاد.الإدارة الصحيحة أن تقود من يليك و أن تقاد بالمسيح و من يفوقك في الترتيب القيادي.أما الحاشية فهي تفسد التسلسل الوظيفي و الهيكل الإداري.هي تخرج بالترتيب إلي اللاترتيب.لهذا أبقي المسيح أولاده في منصب التلاميذ و لم يجعلهم حاشية تحركه .هنا تنجح القيادة.
- لقد فعل المسيح عكس كل ما إقترحه التلاميذ.لم يصرف الجموع.لم يتركهم ينظرون للجموع من غير قيمة الفرد فأمرهم بتقسيمهم خمسين خمسين.هم إقترحوا كلاماً نظرياً و هو قدم إجابة عملية.هم إشتكوا القليل بادئين بعبارة ليس عندنا و هو بدأ معهم بأمر (أعطوهم أنتم) .فما دام المسيح عندنا فلا نقل ليس عندنا بل نستعد للعطاء.ثم حمل كل تلميذ قفة من الكسر.لتكون درساً أنه أخذ من القفر ما يزيد عن حاجته و هو الذى كان يظن أنه في موضع قفر.فلننظر للمواضع بعين المسيح فنحسن الإختيار فالإدارة مواقع و إختيارات.برغم الإختلاف التام بين ما طلبه التلاميذ و بين ما فعله الرب إلا أن واحدا من الجموع لم يشعر بما حدث.لم يفضح الرب يسوع تلميذا منهم.ليس من صالح المسيح أن يفقد قائداً من أجل قلة خبرته بل يكسبه الحكمة بالتعليم و القدوة.دون أن يكشف للشعب قصور هذا القائد مع أنه يعرفه.لكنه لا يتركه في قصوره بل يعيد تأهيله.هكذا كان الدرس قوياً في الإدارة مشبعاً لشعب جائع للطعام و تلاميذ نحن مثلهم جائعون للمسيح.