الأقباط متحدون - أساطين الصحافة الثلاثة والمهندس وشوشة وسعد وسميحة أيوب!
  • ١٤:٣٧
  • الجمعة , ١٧ اغسطس ٢٠١٨
English version

أساطين الصحافة الثلاثة والمهندس وشوشة وسعد وسميحة أيوب!

مقالات مختارة | بقلم طارق الشناوي

٠٣: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ١٧ اغسطس ٢٠١٨

طارق الشناوي
طارق الشناوي

حكاية شارع اسمه (محمد مظهر باشا) فى حى الزمالك تقطن به إرهابية تريد الدمار للوطن، بينما سُكانه كانوا هم القوة الناعمة والداعمة للوطن، لم أكن أتصور أن مثل هذه الحكاية ستثير اهتمام أحد.

كيف تجمّع كل هؤلاء فى هذا الشارع؟ قبل يومين كتبت عن العظماء محمد عبدالوهاب وهند رستم وآمال فهمى والموسيقار مدحت عاصم، ثم اكتشفت من السيدة إجلال عاصم، أرملة الأستاذ مدحت، أنهما كانا جيرانا لكل من أستاذ الكوميديا الأول فؤاد المهندس وشاعرنا الكبير فاروق شوشة، وثلاثة من أساطين الصحافة الراحلين موسى صبرى ومحسن محمد وكاتبنا الكبير إبراهيم سعدة- رد الله غربته وشفاه وعافاه.

لم ألتق الأستاذ سعدة، إلا أننى تلقيت مرة واحدة تليفونا يشيد بمقال لى نشرته فى (روزاليوسف)، وتعجبت أن الأستاذ سعدة يهتم بما يكتبه صحفى ناشئ.

أما الأستاذ محسن محمد، فإن مقصدى الأول متوازٍ مع مجلة (روزاليوسف ) هى جريدة (الجمهورية)، كنت أشعر أن لى فيها نصيباً، لأن عمّى كامل ومأمون كانا من بين الذين رسموا معالم بداياتها مباشرة بعد ثورة 52، وترأس كامل الشناوى التحرير، وتحمس لى الأستاذ محسن فى البداية، إلا أننى وجدت أن (جيناتي) الصحفية تتوافق فقط مع (روزاليوسف).

أما الأستاذ موسى فهو أكثر الصحفيين مهنية وعشقا وسخونة، وأيضا نبلاً حتى فى صراعه مع الخصوم، كثيرًا ما ذهبت إليه فى مكتبه ودعوته أيضا لندوات كنا نعقدها فى نقابة الصحفيين. فى المدخل الرئيسى لجريدة (أخبار اليوم) تجد صورة بها نحو 15 من عمالقة الصحافة، طبعا الأخوان مصطفى وعلى أمين يتوسطان الصورة، بينهما كامل ومأمون الشناوى وآخرون من القمم، بعضهم لا أعرف ملامحهم، كنت أعتبر أن «الأخبار» هى بيتى الذى لم أسكن به ولا مرة واحدة، الغريب أننى عندما بدأت أنتظم فى الكتابة على صفحات (المصرى اليوم) وجدت نفس الصورة فى صالة التحرير، وبين المؤسسين الأستاذ الكاتب الكبير توفيق دياب، فاعتبرت أن عمىّ أيضا من مؤسسى (المصرى اليوم )!!.

فؤاد المهندس من سكان (مظهر باشا)، التقيته كثيرا ولكن ولا مرة بينها كانت فى منزله، زرع الحب فى القلوب، ومنحنا ضحكة لا تزال نابضة بالحياة، أتاح الفرصة لكل النجوم الذين جاءوا بعده، وعلى رأسهم عادل إمام، فمنحته الملايين فى آخر ظهور جماهيرى كل الحب أثناء تكريمه فى مهرجان القاهرة السينمائى.

شاعرنا فاروق شوشة، رئيس مجمع اللغة العربية ورئيس الإذاعة ورئيس جمعية المؤلفين والملحنين، حضوره فى حياتنا يعنى حضور لغتنا الجميلة، التى لا يمكن أن تكون كذلك إلا بوجوده، لم يبخل علىّ يوما بأى استفسار لغوى.

الأستاذ سعد وهبة وسيدة المسرح العربى الأولى الرائعة سميحة أيوب، التقيت الأستاذ سعد وهبة كثيرا فى العمارة رقم 55، نبهنى الصديق الناقد ورئيس مهرجان الإسكندرية الأمير أباظة وأيضا الصحفى الشاب محمد عبدالجليل، إلى أنهما فى شارع (مظهر باشا)، كنت أتصور فى البداية أنهما يقطنان فى (أبوالفدا) حيث تُطل شرفته.

روى لى الأستاذ سعد أنه فى بداية زواجه طلب من سميحة أن تقرأ له مسرحية وتركها على المكتب وذهب للنوم، وفى الصباح الباكر قرأ ملاحظات سميحة أيوب، ولم يتحمل، ألقى بالمخطوط من الشرفة فى الطابق الـ18 ولم يستطع طبعا استعادة الأوراق.

ومن بعدها لم يعد يسأل سميحة أن تقرأ، من يتزوج هذه السيدة الرائعة عليه أن يُفكر مرتين، فكان الأستاذ سعد يتعمد أن يترك المخطوط الأول لأى عمل أدبى له على المكتب ويذهب للنوم، وهو يعلم جيدا أن سميحة أيوب ستقرأ وهى تعلم أنه يعلم، وفى أى حوار عابر بينهما تقول رأيها بأسلوب غير مباشر، الأستاذ سعد وهبة ليس على الإطلاق متصلبا كما من الممكن أن توحى به هذه الحكاية، كان مستمعا جيدا للرأى الآخر، وله مقال أسبوعى بالأهرام ينشر كل يوم (سبت)، وعندما مثلا أذهب لمكتبه الخميس، يمنحنى المقال لأقرأه، أكيد كان يفعل ذلك أيضا مع غيرى، يريد أن يستشعر وقع كلماته على الجيل الجديد.

هل لم يعرف الشارع جرائم؟ أشهر جريمة هى مقتل المطربة الرائعة ذكرى 2003، حب وغيرة إلى درجة الجنون، وزوجها الملياردير أيمن السويدى استخدم ثلاثة أو أربعة أسلحة نارية بينها مدفع رشاش وجاءت الطلقة الأخيرة فى فمه.

لتصدق مقولة شاعرنا بشارة الخورى (ومن الحب ما قتل)، دمر السويدى حبيبته واغتال حياته ولكنه لم يوجه رصاصة واحدة خارج جدران بيته، تلك هى رحلتى الأخيرة بحلوها ومرها، ضحكاتها ودموعها فى (محمد مظهر باشا) شارع الفن الراقى، حتى لو تناثرت هنا أو هناك بعض الدماء.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع