الأقباط متحدون - دموعٌ على جديلة... وآيسبرج على حُفاة!
  • ٠٠:٤٠
  • الخميس , ١٦ اغسطس ٢٠١٨
English version

دموعٌ على جديلة... وآيسبرج على حُفاة!

مقالات مختارة | فاطمة ناعوت

٣١: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ١٦ اغسطس ٢٠١٨

فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت

ما تلك الهشاشةُ والانبطاح التى تجعلُ ذكرًا يذرفُ الدمعَ وينشجُ فى النحيب؛ حين يلمحُ طرفَ جديلةٍ أطلقتها صَبيةٌ للنسيم لتتنفس؟! يبكى لأن جديلةَ تتواثبُ حول صَبيّة كما تتواثبُ فراشاتٌ حول زهرة! لونٌ مدهشٌ من التمثيل والادعاء الرخيص! وحين نعرفُ أن تلك الصبيةَ ليست ذات قُربى لذلك الذكر من قريبٍ أو بعيد، تزدادُ الدهشةُ من حجم التمثيل الهابط. وحين نعرفُ أن ذلك الذكرَ يتحوّل فجأةً من بَكّاءَ نَوّاحٍ ذرّافِ دمعٍ، إلى جبل من الجليد الصقيعى حين يرى قدمين مُصدّعتين بالشقوق لطفلة حافية جائعة، ترعى فى صناديق القمامة، تتحوّلُ الدهشةُ فى عقولنا إلى رواسبَ صلدة من الاشمئزاز من ذلك الممثل الفاشل الذى أخفق فى كسب تعاطفنا مع دموعه الكذوب. نجدُ أنفسَنا أمام معادلة تشقُّ على نيوتن وقوانينه: دمعٌ ساخنٌ على خصلة فى رأس فتاة، وآيسبرجُ باردٌ أمام جُرجٍ فى قدم طفلة! كيف اجتمع النقيضان الـDon›t mix؟! إنها حُنكةُ التمثيل.

وفى مقابل تلك الركاكة التمثيلية، نجد نضوجًا مشهودًا فى الوعى الجمعى المصرى الذى رفض تصديق ذلك «الذكر» فأوسع لحيتَه المبتلّة بالدمع سخريةً، وانتفض فى وجهه قائلا: للفتاة ربٌّ يحميها من هوسك الشبقى الذى أراق دموعَك على خيط نسيج ولم يُرقه على دم متجلّط فى عروق الحُفاة من أطفال المسلمين يعيشون فى عشش الصفيح ويعتاشون على حُشاش الأرض ونفايات الأغنياء، الذين أنت منهم أيها الباكى.

وثَمَّ «ذكرٌ» آخرُ ظهرَ مبتسمًا فى برنامج «العاشرة مساءً» يُدافع عن دموع ربيبه قائلاً: إنما الدموعُ على «التهتك وانعدام الستر». وحين هاجمته سيداتٌ من ذوات الرجاحة والنُهى قائلات: «وأنتَ مالك؟ خليك فى حالك! كلُّ نفسٍ بما كسبت رهينة» انكمش فى مقعده وجَبُن، وقال: «نحنُ لا نُجبر النساءَ على التخفّى فى نقابٍ أو التوارى فى حجاب. إنما هى النصيحةُ النَّصوحُ. كذبتَ أيها الذَّكر! إنما تزعمُ «النصيحةَ» لأنك لا تملكُ أكثر منها، فى الوقت الحاضر. ولو تمكّنتم أذللتم. تحلُمون بعهد «التمكين»، وإن حدثَ لأشبعتم النساءَ وَيْلاً وسِبايةً واسترقاقًا وامتلاكَ يمين، كما فعلت داعشُ السوداءُ. تحلمون بأستاذية العالم، وإن حدث لأشبعتم البشرَ تهجيرًا وإذلالاً وذبحًا، كما فعلت داعشُ السوداءُ. تحلمون باستعمار الأرض؛ وإن حدث لنشرتم الجهل والمرض والفقر والتضخم والظلام فى أرجاء المعمورة، كما فعلت داعشُ السوداءُ. أنتم «داعش» ذاتُها، ولكن دون سلطان. ينقصُكم السلاحُ وسقوطُ النظام وغيابُ القانون، فيحدث «التمكينُ» وتصبحون داعشَ. تمكَّن «طالبان» من أفغانستان ففجّر مجرمون منهم تمثالىْ «بوذا» اللذين لا يُقدّران بثمن. وفى مصرَ جاء من بين ثنايا خيامكم ذكرٌ أرعنُ اسمُه «صائمُ الدهر»، هشّم أنفَ أبى الهول. ولولا رحمةٌ من الرحمن أثارت من حوله زوبعةَ رمالِ عاصفةً؛ فارتعب المجرمُ وولّى الأدبارَ إذْ ظنَّ لجهله أنها «لعنةُ الفراعنة»، لحطّمَ التمثالَ الخالد كاملاً، ولاختفى من الوجود أثرٌ عزّ نظيرُه واستحالَ شبيهٌ، بين خوالد الحضارات. وفى عام الإخوان الأسود على مصر الطيبة، وثبَ «ذكرٌ» من أربابهم رامَ هدمَ آثار حضارتنا المصرية! لماذا؟ لأنها «أوثان»(!!!) وحين سخر المصريون منه، تراجع المجرمُ خطوةً للوراء واقترح تغطية التماثيل بالشمع؛ لكيلا تفتن البشرَ فيعبدونها من دون الله، أو يشتهونها من دون الغلمان!.

أيها الذكور المنتحبون على جدائل الصبايا، ليست دموعُكم على دِين أو إيمان أو تُقًى، إنما على أطلال ممالكَ شيدتموها عقودًا وسنواتٍ فى عقول البسطاء بالكذب على الله، فصدّقوكم برهةً ثم استفاقوا وانفضّوا عنكم ولفظوكم كما تلفظُ القدمُ نعلاً باليًا. ويا أيتها الصبيةُ التى أطلقت جدائلها للنسيم، كونى كما تريدين أن تكونى؛ ولا تعيرى المنافقين بالاً، فاللهُ كاشفُهم وكاشفُ عيونهم الجوعى التى تُثير جنونَها الشهواتُ ولا يعبأون بالفقر والعوز والجوع والمرض والبغضاء ترعى من حولهم فى مجتمعاتنا التعسة بهم.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع