الكاتب الأستاذ أشرف عبدالمنعم .. شكرا
يوسف سيدهم
الأحد ١٢ اغسطس ٢٠١٨
بقلم: يوسف سيدهم
لست من المنساقين إلي إعادة نشر مقال قرأته في صحيفة وأعجبني رأي كاتبه, ذلك لأن الرأي حمال أوجه ومن الطبيعي أن ينال إعجاب البعض وامتعاض البعض الآخر, لكني أمام هذا المقال وجدتني في مواجهة ملف مسكوت عنه كما وجدتني أتفق مع كاتبه بدرجة كبيرة فيما ذهب إليه في معرض القضية التي تناولها.
المقال الذي أشير إليه نشرته صحيفة الأهرام في 31 يوليو الماضي للكاتب الأستاذ أشرف عبدالمنعم تحت عنوان زكريا بطرس وصليب لا نعرفه… ومثلي مثل الكثيرين استرعي انتباهي عنوان المقال وأمعنت قراءته, فموضوع المقال لم يفتح فقط ملفا مسكوتا عنه إنما استدعي داخلي شريطا طويلا من المناقشات والمجادلات بل والمشاحنات التي طالما نشبت بيني وبين الكثيرين في دوائر الزملاء والأصدقاء حول هذه القضية الشائكة التي هلل لها البعض بينما استنكرها
البعض الآخر وكنت أنا ضمن المستنكرين… فبينما كان المهللون يدافعون عن منحي التبشير بالمسيحية عن طريق نقد الإسلام كنت دائما أقول إن التبشير بالمسيحية يجب أن يلتزم بعرض جوانب الإيمان المسيحي دون جرح مشاعر أي مسلم بنقد عقيدته أو ثوابته الدينية الراسخة, كما كنت أنحاز لمبدأ عدم فتح الباب للبرامج الإعلامية في الفضائيات لنقد الأديان لأنها تقتحم خصوصية المتلقي دون استئذان وتوغر صدره وتثير حفيظته بادعاء تبصيره بما لا يعرف… وبئس ذلك الادعاء… وهو سلاح ذو حدين يجرح ولا يضمد جراحا لأنه يظهر في فضائيات ليثير المسلمين كما يظهر في فضائيات أخري ليثير المسيحيين… إذا الأحري بنا أن ننزع فتيل تلك القنابل الموقوتة بأن يلتزم كل طرف بعرض بضاعته ويمسك تماما عن الإساءة لبضاعة الآخر, ولما لا؟… أليس هذا ما يفعله التاجر الشاطر؟… إنه يهتم بعرض مزايا بضاعته وخصائصها ولا ينزلق إلي ما يفعله التاجر الخايب بالتركيز علي تحذير الزبون من بضاعة الآخرين… أما قضية نقد الأديان فليعرف الجميع أنها ليست اكتشافا جديدا لهذا الجيل إنما هي موجودة ومحصورة ضمن الحدود الآمنة منذ القديم في إطار المدارس الفلسفية والدوائر الفكرية التي يرتادها المستعدون والمؤهلون لما يثار فيها… يرتادونها بمحض إرادتهم دون أن تقتحم خصوصياتهم وتفرض نفسها عليهم.
وأسمحوا لي أن أعود لمقال الأستاذ أشرف عبدالمنعم لأقتطع منه المقاطع الآتية:
** عدة قنوات فضائية لا يعلم منبت تمويلها إلا الله عز وجل خرجت علي الناس ترفع شعار الصليب, لكنه صليب لم نعهده, صليب ملؤه الحقد والبغضاء وبث الكراهية في النفوس وتأليب المجتمعات الآمنة علي بعضها البعض, وتعبيد الطريق نحو خلافات حادة بتفنيد الثغرات واستغلال النعرات لأهداف غير مفهومة, نتائجها خراب حتمي فوق رؤوس الجميع… أما عن منهجية عمل هذه القنوات فرؤيتها وإن ارتدت ثوب التبشير بالمسيحية -وهذا حق أصيل لها- إلا أنها تتبني من داخلها مبدأ هدم وتشويه الديانة الإسلامية.
** أما كيف تطل هذه القنوات من خلال ترددات القمر الصناعي المصري نايل سات حيث تخترق أعماق البيوت, فهذا أمر تقني يحتاج ردا رسميا من الجهات المسئولة التي تعلم علم اليقين مدي خطورة نفاذ مثل هذا الخنجر المسموم في الجسد المصري ذي النسيج الواحد.
** الكنيسة المصرية لا تسأل عن زمرة من المتولين تلك البرامج وهذه السياسات, فهم لا ينتمون إليها ولم تتوان عن تبرئة نفسها من أفعالهم, بل إن الحقيقة الراسخة أن الكنيسة المصرية تذخر بكهنة أجلاء لم نر منهم أو نعهد فيهم ارتكاب مثل هذه التجاوزات منذ بزوغ المسيحية في ربوع مصر وحتي يومنا هذا… أما أول من أطلق شرارة تلك البرامج والفضائيات التي تروجها فهو الكاهن زكريا بطرس الذي قيل عنه إنه مشلوح من الكنيسة أي تم استبعاده من المنظومة الكهنوتية الرسمية.
** هناك فارق كبير بين أمور يتم تدارسها داخل الأروقة البحثية, وبين طرح هذه الأمور علي العوام, ذلك لأن العوام بطبيعتهم غير مؤهلين لاستقبالها بحكم اختلاف تركيباتهم العلمية والثقافية والاجتماعية وغيرها… ففي هذا الإطار يجوز جدا أن يقوم باحث مسيحي بتفنيد مسألة عقائدية إسلامية بالفحص والتأصيل بغية كشف ثغرة هنا أو هناك لصالح عقيدته الغراء, وكذلك الحال بالنسبة لأي باحث مسلم مادام الأمر في إطار البحث العلمي ودوائر الدارسين المهتمين بهذا الشأن, أما أن يخرج البحث ذو الطابع العقائدي لتتلقفه عقول وألسنة العوام علي نحو مستهتر ومستهزئ بعقيدة الآخر فذلك خطر داهم يهدد السلام الاجتماعي لوطن
يتعايش فيه المسلم والمسيحي بشق الأنفس وبجهد جهيد, وتتربص به قوي تبغي هدمه.
** هؤلاء المتجاوزون لا يدركون أن في اتباعهم لهذا النهج ما يشين الصورة الذهنية عن المسيحية السمحاء, وهم الذين يدعون الخدمة في محراب المسيحية, إذ لم يعهد العالم يوما كاهنا مسيحيا بهذه الرعونة دونما اعتبار للزي الديني الذي يرتديه, وأنه في كل ما يفعل هو ممثل للسيد المسيح, وما أدراك ما السيد المسيح كرمز للعفة والحكمة والطهر والأدب الجم.
*** مرة أخري: شكرا للكاتب الأستاذ أشرف عبدالمنعم علي فتح هذا الملف المسكوت عنه.