رسالة إلى أصدقاء حفيدى شريف!
مقالات مختارة | بقلم : مفيد فوزي
٢٦:
٠٥
م +02:00 EET
السبت ١١ اغسطس ٢٠١٨
يوسف، قبانى، عمر: هاى!
أكتب لكم بحبر القلب هذه الرسالة عبر صحيفة يومية وليس من خلال فيس بوك، ولا أعرف هل تصلكم، أم سترد إلى حيث لم يستدل على العنوان المذكور!.
أنتم يا أحبائى- أصدقاء حفيدى شريف، ولا أعرفكم بشكل شخصى، أما أنا فمجرد اسم يتردد ذكره بين الصحافة والتليفزيون، وربما يذكرنى حفيدى فى أحاديثه أحياناً وربما لا يجد مناسبة!.
وإذا كنت قد اقتحمت لقاءاتكم برسالة، فعذرى أنى مشتاق لثرثرة حفيدى معى! وحين أقول ثرثرة فأنا أعنيها نصاً وروحاً، فقد اعتاد شريف أن يكون مقتضباً فى أحاديثه معى «إزيك يا جدو» و«عامل إيه يا جدو»، ثم يلوذ بصمت نصفه أدب والنصف الآخر عدم تواصل! فمن المؤكد أن ليس بيننا موضوعات مشتركة نفتحها ونتحدث عنها وكلامى معه عن طفولته نسيه تقريباً فيعود للصمت ولا أظن أنه معكم «صَموت»، فهناك موضوعات تستغرق ساعات فى الحوار الذى يمتد لساعات الفجر! وأجهل تماماً ما يدور ويفشل خيالى فيما أتصوره، أنتم فى أعمار متقاربة فهل تتحدثون عن المستقبل الذى ينتظركم؟ هذا تصور متفائل وأغلب الظن أن لكم حفنة مغامرات، فنداء القلب قد يستغرق الوقت لأن فترة المراهقة هى بداية اختبارات مع الجنس الآخر! وظنى أن حفيدى لن يصارحنى بمغامراته وربما يحجبها عن أمه- ابنتى حنان- التى تشكو هى الأخرى من التصاقه بأصحابه أكثر من تواجده فى البيت، وإذا تصادف وجاء فلابد أنه يشكو من ألم ما أو فراق عاطفى مؤقت أو خصام بسبب موقف بايخ، أفهم جيداً أن حفيدى له «صندوق أبيض» يضم أسراره ونجاحاته وإخفاقاته، وهو بطبعه كتوم فلن يصارحنى أو يطلب نصيحتى، يبدو أنكم من جيل لا يسأل ولا يتزود بخبرة، ولذلك يقتصر اللقاء معه على «إزيك يا جدو وعامل إيه يا جدو»، الحقيقة أريد أن أسمع منه أكثر من هذه الكلمات الخمس المكررة، فهل أنا طماع؟ أحياناً أفكر- يا أحبائى أصدقاء شريف- بطريقة سينمائية وأتخيل نفسى حسين رياض وأحفادى يرددون «جدو جه، جدو جه»، ثم أكتشف أنى أهمس لنفسى وتخذلنى دموعى!
■ ■ ■
يوسف، عمر، قبانى: هاى!
بصراحة، فإن حفيدى يجد نفسه معكم، ويحس بالونس معكم ويشعر بالطمأنينة فى وجودكم، وليس معنى هذا أنه يفتقد الونس والطمأنينة فى بيته ولكنى أشعر أننا «القدامى» كنا ملتصقين بالأهل أكثر، ونقضى معهم وقتاً أطول، انقلب الوضع فى زمان التكنولوجيا، فقد صار الالتصاق بأصحابه أكثر والأوقات أطول، فهو يعيش مع الموبايل أكثر مما يعيش مع الأهل، ولست بالمناسبة- منعاً من إساءة فهمى- أطالب بخطة محكمة تعيده لبيته ويسأل- ولو تليفونياً فقط- عن جدو، وإن كنت لا أكتم عطشى للنشيد المؤثر «جدو جه، جدو جه»، وأنا لا أعرف فيما تتكلمون ولا أنكر فضولى لأعرف وإن كان بلغة جيلكم تدخلاً سافراً فى الحياة الشخصية! زمان كان حفيدى متعلقاً بى ويجد الأمان بين ذراعى ولكن الحياة تغيرت وصار يجد الأمان معكم يا أصدقاء شريف، فأنتم تتكلمون لغة واحدة وتتقاسمون لقمة واحدة وبعضكم يتعلم فى الخارج وفى الإجازات الصيفية تلتقون وتنتقمون من غربة الشتاء والاعتماد المطلق على النفس وافتقاد نظرة حلوة أو لمسة يد حانية أو ارتعاشة شفاه راغبة! أنتم جيل مواجهة الذات والعراك مع الأيام واكتشاف القدرات من الصعاب.
■ ■ ■
يوسف، قبانى، عمر: هاى!
فى يوم من الأيام جاءنى حفيدى شريف حليم ومعه مجلة مطبوعة بشكل أنيق هى ثمرة تعاون مع ديدو أشرف ابن عمته، فيها مقالات وأخبار مصورة، وفرحت بهذا العمل «اليدوى» الجميل، وقلت إن حفيدى اختار الصحافة والعرق يمد لسابع جد وسوف أراه كثيراً لينهل من تجربتى ولكنى حزنت عندما اكتشفت أن العدد الثانى كان نهاية «النزوة» واختار إدارة الأعمال مثل والده الناجح، وبالطبع ابتعد عن اهتماماتى وإن فكر قليلاً فى شهرة الممثل، ثم منعه خجله أن يفكر فيها. والدته - ابنتى- تفكر بطريقة متحضرة وهى ألا تفرض عليه اهتماماً ما، ولأنها دارسة علم نفس تدرك «تموجات الطموحات» فى هذا العمر، وتؤمن أن اختياره هو الأصوب تربوياً، لقد جرب حفيدى كرة القدم ولكنه كَرِهَ «الكورة» بسبب غِلظة المدرب! زمان كنا نحدد لأولادنا الاهتمامات والكليات، وما عاد الأمر كذلك، فالولد يختار طريقه وأصحابه ونوع موبايله وفتاة تقترب من أمه!.
■ ■ ■
يوسف، قبانى، عمر: هاى!
أنا لا أحب تسول رؤية حفيدى ولا الدعوات الضاغطة ولا توجيهات الأم للرؤية أو الحديث التليفونى أو رسالة يتيمة على الواتس آب، وأنا نبض عروقى كبرياء، وأجدنى أهمس لنفسى «كبرياء إيه اللى إنت جاى تقول عليه، إنت عارف معنى الكبرياء إيه؟» الحقيقة بى ضعف وشوق أن تعتذروا مرة فى الشهر لأراه وأسعد بلقب جدو، هذا اللقب الشفوى!
نقلا عن المصرى اليوم