الأقباط متحدون - كافحت المرض بالابتسامة.. 5 محطات في سرطان النائبة أنيسة حسونة
  • ٢٣:٥٨
  • الجمعة , ١٠ اغسطس ٢٠١٨
English version

كافحت المرض بالابتسامة.. 5 محطات في سرطان النائبة أنيسة حسونة

صحة | صدى البلد

٠٤: ٠٨ م +02:00 EET

الجمعة ١٠ اغسطس ٢٠١٨

النائبة أنيسة حسونة
النائبة أنيسة حسونة

 «شعاع الأمل يظل دائما موجودا بشكل او بآخر ليحمينا من الإنهيار ويدعمنا في مواجهة الهواجس والقلق والخوف من المجهول».. كلمات حالمة قد يقولها البعض للتهوين على الآخرين في مصائبهم وإعطائهم جرعة تفاؤل تساعدهم على الصمود والمواجهة، فماذا إذا كانت هذه الكلمات صادرة عن صاحب البلاء نفسه ..

 
بدون سابق إنذار، تفاجأت النائبة أنيسة حسونة خلال زيارتها للطبيب منذ عامين، بإصابتها بمرض السرطان، مطالبا إياها بترتيب أمورها المادية وغيرها قبل موعد مغادرتها المحتوم لهذه الحياة. لم تستوعب النائبة هذه الكلمات القاسية وظلت تستمع هي وأسرتها (زوجها وبناتها) إلى الطبيب في ذهول وعلى الرغم من إدراكها هذه الحقيقة المؤلمة إلا أنها لم تستسلم وتابعت حياتها بشكل طبيعي، وخضعت للعلاج بإرادة مثابرة وابتسامة رضا تعلو وجهها، آملة في أن يتم الله شفاءها لتكمل ما تبقى من عمرها مع ابنتيها وأحفادهما، مؤرخة هذه التجربة الحياتية القاسية في كتاب بعنوان «بدون سابق إصدار».
 
وتحكي السطور التالية ملخص رحلة النائبة مع السرطان وفقا لحديثها عن تجربة المرض..
 
حقيقة 
 
«لم أفهم كلمات الطبيب حينها فانزلقت بوقعها القاسي علي إدراكي وكأنها قطرات ماء تنزلق علي زجاج دون أن تترك به أثرا، بينما ظللت جالسة أمامه في سكون وزوجى والبنات مثلي، وعقلي يدور بسرعة ٣٦٠ درجة في الثانية بين مختلف الاحتمالات، وأنا غير مصدقة أن ذلك يحدث لي في الواقع، وأنني قد أصبت بهذا المرض الخطير فعلا واستمررت في النظر إلى وجهه وهو ما زال يتحدث وأنا أتساءل في ذهني ماذا أفعل هنا؟ لا بد أن هذه الأشعات وتقريرها يخصان مريضة أخرى، وأن خطأ ما قد حدث بتسليمها لي كما يحدث في الأفلام السينمائية، وأن شخصا سيفتح باب الغرفة فجأة ويعتذر عن هذا الخطأ الجسيم ويخبرني أن نتائج الأشعة الخاصة بي سليمة وأنني على ما يرام، وبالتالي نتنفس الصعداء ونغادر جميعا المركز الطبي سعداء ونعود لحياتنا العادية، ويمكنني بعد ذلك أن أضيف هذه القصة إلى محصول القصص الكوميدية التي نحكيها عما يحدث لنا».
 
تساؤل
 
«عندما خرجت جزئيا من حالة الذهول التي أصابتني بدأ ذهني يتساءل لماذا أصابني أنا السرطان؟ وكيف؟ ولماذا أنا بالذات؟ فأنا لم أتسبب في إيذاء أحد طوال حياتي وعاملت الناس دائما بالحسنى كما أحب أن يعاملوني وكنت دائما ودودة لأن الابتسامة صدقة! فهل الإصابة بهذا المرض عقاب على ذنب ارتكبته؟ أم أن معاناتي المتوقعة ستكون في ميزان حسناتي وتقلل من ذنوبي في الآخرة؟ أيا كان الأمر فأنا لا أرغب أن أكون مصابة بالسرطان، وبينما أدرك أنني يمكن أن أغادر الحياة في أي لحظة ولأهون سبب، ولكني لا أريد أن أعرف أن مصيري قد أصبح محتوما قريبا بسبب المرض».
 
«هل معنى ذلك أنني لن أعيش لأشاهد أحفادي يكبرون وأفرح بنجاحهم؟ وماذا سيجري لي نتيجة العلاج شديد الوطأة والذي أسمع أنه يهاجم الخلايا السليمة مثلما يهاجم الخلايا الخبيثة؟ وهل سأحتمل نظرات الشفقة ممن يحيطون بي؟ وهل ذهبت أحلامي حول خططي المستقبلية مع عائلتي أدراج الرياح؟ وهل سأستطيع مواجهة الناس بحقيقة مرضي أم سأخشي مثل الكثيرات الخروج علنا للحديث عن مرضي ومعاناتي خوفا من استهجانهم أو دهشتهم؟». 
 
مشاركة
 
«بعد صمت طويل وتردد أطول لشهور طويلة قررت أن أتصرف بطبيعتي وأواجه مخاوفي من إحتمال عدم تقبل الآخرين لمظهري الجديد بعد خضوعي للعلاج من مرضي المفاجيء، فالكثير ممن حولنا يتوقعون منا أن نظل دائما في أحسن صحه وحال رافضين قبول أي علامات ضعف أو مرض علينا وكأنه من قدر النساء في عالمنا أن يتحملن آلامهن في صمت حني يستطيع الآخرون أن يستمروا في الإعتماد عليهن بإطمئنان كالعادة».
 
«لذلك فإنه اعتمادا علي الدعم المستمر من عائلتي استجمعت شجاعتي بعد أن سئمت التظاهر بأن كل شيء علي ما يرام وقررت أن أشارككم تجربتي الواقعية مع مرض السرطان الخطير والذي فتح صفحة جديدة غامضة في حياتي وحياة عائلتي وغير من مظهري وجوهري بتأثير العقاقير والجراحة وجلسات العلاج الكيمياوي، وبعد أن كنت قد جاهدت طويلا للتظاهر بأن كل شيء يسير كالمعتاد حتي أحتفظ بتماسكي وتوازني النفسي، أؤمن الآن أن الوقت قد حان لكي أخرج الي العلن وأفتح لكم قلبي بشأن قصتي مع السرطان وما ذَا حدث فيها وما هو مصيري المنتظر وفقا لما يظنه الأطباء».
 
إرادة
 
«أعتقد أن هذه المصارحة الشخصية التي تستلزم قدرا كبيرا من الشفافية ستساعدني علي مواجهة الحياة بشكل أفضل، فأنيسة ستظل كما هي في نظر من يحبونها فإصابتها المرضية لن تغير فيما ترغب فيه من هذه الحياة بل ربما ستعيد ترتيب أولوياتها بشكل أفضل وأكثر واقعية وتفتح آفاقا جديدة للإستمتاع بنعم الحياة الكثيرة في فترة أقصر بينما تدق ساعة العمر».
 
«أملي أن تسهم تجربتي الخاصة في اعلام الآخرين بالمزيد عن هذا المرض الخبيث وزيادة الوعي حوله، وربما تلهم البعض الآخر من المصابين به بضرورة الإستمرار في مكافحته مهما إدلهمت الظروف، وفي جميع الأحوال فأنا لن أستسلم، ولن أرفع الراية البيضاء أمام هذا المرض مهما كانت خطورته؛ فأنا لم أشبع من أحفادي بعد، ولم أحتضن وأُقبل بنتيَّ بما فيه الكفاية، وأحزن على ما سيفوتني من مُتع صغيرة كثيرة كنت أدخرها لرحلاتنا المُقبلة معًا، ولا أرغب في أن أختفي من حياتهم بعد، فحياتي هي حياتهم، والعمر ليس له قيمة بدون وجودهم حولي ومعي. 
 
كتاب
 
«قد سطرت هذه التجربة الحياتية القاسية في كتاب (بدون سابق إنذار) وأتمني أن تجدوا به ما يثير إهتمامكم ويساندكم في بعض اللحظات التي قد تبدو فيها الدنيا وكأنها قد أغلقت الباب في وجوهنا رغم أن شعاع الأمل يظل دائما موجود بشكل او بآخر ليحمينا من الإنهيار ويدعمنا في مواجهة الهواجس والقلق والخوف من المجهول».
الكلمات المتعلقة