الأقباط متحدون - فصل من كتاب جديد عن سيرة «أونا» زوجة شارلي شابلن الرابعة الأخيرة
  • ٠٦:١٤
  • الثلاثاء , ٧ اغسطس ٢٠١٨
English version

فصل من كتاب جديد عن سيرة «أونا» زوجة شارلي شابلن الرابعة الأخيرة

فن | المستقبل

٣٨: ١١ ص +03:00 EEST

الثلاثاء ٧ اغسطس ٢٠١٨

أونا زوجة شارلي شابلن
أونا زوجة شارلي شابلن

تحابّا هو في السادسة والخمسين وهي في الثامنة عشرة وتزوجا وأنجبا ثمانية أبناء!

التقديم والترجمة: كوليت مرشليان

قصة حياة الفنان الكبير الممثل شارلي شابلن دخلت التاريخ بكل تفاصيلها المتعلقة بحياته الفنية والشخصية. واذ يعرف عنه بأنه تزوج أربع مرات ورزق «دزينة» اولاد، فإن الصحافة تناولت كل زيجاته ما عدا واحدة وهي الأخيرة، فذلك لأن الزوجة الأخيرة التي امضى معها حياته وحتى مماته اصرت بالاتفاق معه على ان تكون حياتهما معاً ملكاً لهما فقط وهذا ماحصل.

غير ان سيرة هذه الزوجة تصدر اليوم بكتاب حمل عنوان «زوجة شارلو» من تأليف الكاتب الشهير في السِير التي سبق ان وضع سيراً لمشاهير وهو برتران مايير ـ ستابلي الذي كتب قصة حياة كل من مارلين مونرو، واودري هيبرن وآفا غاردنر والأميرة ثريا، وجون جون كينيدي والراقص نورييف والممثل جايمس دين..

وزوجة «شارلو» الرابعة كانت مميزة في كل النواحي: و«أونا» هو اسمها ويعني «الوحيدة والمميزة» وهي ابنة الكاتب المسرحي وحائز جائزة نوبل اوجين اونيل.


ولدت اونا في العام 1925 وكانت مراهقة حين تعرفت الى شارلي شابلن وعارض والدها اونيل بقوة زواجها بشابلن، فانتظر هذا الأخير بلوغها الثامنة عشرة وتزوجا وكان شابلن في الرابعة والخمسين.

رفض اونيل رؤية ابنته بعد ذلك غير انها صرحت بأن الأمر لم يؤثر كثيراً لأن والدها كان قد تخلى عن عائلته حين كانت هي في العام الثاني من عمرها وتركها مع والدتها وأخيها ليلحق بممثلة أغرم بها. وتربت اونا مع شقيقها شاين في كنف والدتها آنياس بولتون. في السابعة عشرة، كانت اونا في أوج جمالها وصارت حديث الصحافة البريطانية حين صورتها برفقة الروائي الشاب آنئذ ترومان كابوت وربطتها بعدها علاقة بشاب غامض يدعى ج.د. سالينجر الذي سيصبح بعد سنوات مشهوراً مع صدور كتابه «مصيدة القلوب».

عام 1942، تم انتخاب «أونا» في مرتبة «غلامور غيرل» وتصدرت غلافات المجلات وكانت التوقعات ان تكون نجمة هوليودية في زمنها غير ان قرارها الزواج بشارلي شابلن غير كل مسار حياتها، فأنجبت له ثمانية اولاد وتمكنت من تحويل مسار حياته هو ايضا من صورة «الدون جوان» الى دور الزوج والأب المخلص بامتياز! لم يسطع نجم اونا في عالم السينما والمشاهير، غير ان احدى بناتها وهي «جيرالدين شابلن» دخلت عالم التمثيل ولمعت في دور مميز في فيلم «دكتور زيفاغو» الى جانب عمر الشريف ولا زالت تقدم أدواراً مميزة عبر مشاركات متفرقة، ومنذ أعوام بدأت ابنتها بالتمثيل وتدعى «أونا شابلن». غير ان الكتاب الصادر حالياً في الأسواق وعنوانه «أونا شابلن» يتناول حياة الجدة وليس الحفيدة، ونقتطف منه بعض الفصول ننقلها الى العربية:

(...) بعد فوزها باللقب «غلامور غيرل»، واجهت الصحافة في مؤتمر صحفي مرتجل وسريع. سألها احد الصحافيين حول ما يمكن ان يفكر به والدها بعد نيلها هذا اللقب، فأجابت: «لا اعرف ولن أساله رأيه، وسوف يعلم بالخبر بنفسه» صحافي آخر سألها عن رأيها بالحرب فأجابته: «أجد ان السؤال ليس في موقعه وبأن اعطي اجابة ورأياً حول الحرب وأنا جالسة هنا بهدوء في ملهى ليلي وثمة في الخارج صراع مسلح وهائج». ومنذ ذلك الوقت، بدأت تظهر صور أونا في الصحافة، وصار من الطبيعي ان يلحظها اوجين اونيل الوالد، فكتب الى محاميه النيويوركي هاري واينبرغر في 12 ايار ما يلي:


تطلق شابلن من زيجات ثلاث وانتظر
بلوغ «أونا» الثامنة عشرة ليتزوجها!

عزيزي هاري
اريد ان أكون واضحا وصريحاً حول مسألة مغامرات أونا في اطلالاتها الغبية. ولا يمكن أن اغفر لها أنها تقدم عرضاً سخيفاً وغبياً وكأنه مجرد اعلان لملهى ليلي. وفي اجاباتها عن الأسئلة بدت وكأنها انسانة تفتقد الذوق وتفوهت بسخافات تشير الى ان رأسها فارغ. هل أنها فاقدة للبصيرة تجاه نفسها؟ وكل ما ستحصل عليه هو مشاعر الازدراء والقرف من الآخرين، ولن تنجح ابداً في تخطي هذه الفضيحة. وفي هذا الوقت المحدد من تاريخنا، اعتقد ان الناس ستشعر بالاهانة وستحمل لها كل المشاعر السلبية لمجرد انها تستغل وتتاجر باسم والدها وشهرته لتنجح في رؤية صورها في الصحافة. هذا الموضوع يشعرني بالغضب خاصة اننا نعيش ظروفاً قاسية، وأكثر ما أخافه ان تكون هذه الصبية قد ورثت عقلية ونفسية آل بولتون (...).

وبالتأكيد ستكون هوليوود نقطة الوصول. انه أسوأ مكان على الكوكب لفتاة سخيفة مثلها، اذ يمكن ان يدمرها بين ليلة وضحاها. وهؤلاء الذين يبثون فيها الحماسة للمضي نحو مصير النجومية قد يدخلونها ويقحمون اسمي معها في فيلم سخيف وتكون نهاية كل شيء. وأنا اعرف أن ابنتي لا تمتلك موهبة تمثيلية على الاطلاق لكن كونها ابنتي استغلوا الأمر ليساهم هذا الموضوع في شهرتها لينقلب الدور عليها في النهاية.

كلا لن ارضى بأن تذهب الى هوليوود واذا حصل فهذا سيكون ضد ارادتي، ونتيجة لذلك، لن اكتب لها ولن أراها ثانية. أنا أفكر جدياً بهذا يا هاري، تماماً كما تصرفت مع امها. فأنا لا اريد هذا النوع من البنات، وهي لا توحي لي الا بالتقزز... ولقد وصلت الى هذه النتيجة لأني لم اعد قادراً على تحمل عائلة آل بولتون حتى افرادها الذين يحملون دمي في عروقهم.

واذا التقيت الفتاة، كن معها صريحاً وواضحاً. فاذا دخلت الى هوليوود، يكون قد انتهى الأمر بيننا الى الأبد!» (..) كانت أونا من رفض والدها لها ولواقعها لكنها لم تكن تمتلك سوى طموح واحد، ان تصبح ممثلة. بدأت في المسرح ثم انتقلت الى هوليوود. هناك التقت أورسن ويلز الذي سرعان ما عرفها الى شارلي شابلن. واللقاء الفعلي الأول مع شابلن كان من خلال الامبريزاريو مينا والاس التي كانت تحضر لمشروع فيلم بعنوان «ظل ومادة».


«قدمت اونا لشابلن رسمياً وكانوا اربعة الى طاولة طعام العشاء: المضيفة، اونا اونيل، الممثل تيم دوران وشارلي شابلن. وقد صرح هذا الأخير حول اللقاء قائلاً: «لم نتحدث في شأن المشروع بشكل مباشر، لكن بدأنا بالتطرق اليه بشكل متقطع. فأنا شعرت بأن الفتاة التي تم احضارها لتلعب الدور البطولي في فيلم «ظل ومادة» هي فتية جداً، وراحت الآنسة دالاس تشرح لي انها بلغت السابعة عشرة ونيف وبأنها ستبلغ الثامنة عشرة قريباً. شعرت بقلبي يعتصر. صحيح ان الدور كان يعوزه فتاة شابة لكن الشخصية معقدة بشدة ويجب ان تكون الممثلة اكبر سناً وذات خبرة تمثيلية. وللاسف، بعد لحظات لم أعد افكر فيها من نقطة انطلاق اختيارها للدور. أما أونا، فقد اكتشفت في تلك السهرة اموراً كثيرة، اولها انه كان يحب ان يدعوه الجميع «شارلي» وأنه يكره ان يقول له احدهم: «يا سيدي».. ولاحظت ايضا انه كان نحيفاًَ للغاية في بذلته الرسمية الرمادية، كذلك ان حجم قدمية بالحذاء صغير وان يديه كانتا غاية في النعومة وعليهما بعض البقع الحمراء الصغيرة. أحبت كل تجاعيده، وأحبت شعره الرمادي المجعد مثل شعر الأطفال، ونظرته الزرقاء الحالمة. ها هو يضحك، يتحدث بتقطع ولاحظت اخيراً عذوبته الفائقة وضحكته التي لا تنسى، وتماماً كما كتب مايكل شابلن: «كان والدي يتحلى بنشاط هائل». وكان يمتلك قدرة ساحرة على الايقاع بكل من يصادفه في شباكه اذا هو اراد ذلك. وأعرف بأن اللقاء او الصدمة الأولى للقائه كانت دائماً تفعل ما يشبه الشحن الكهربائي. وحسب أقوال صديقته كارول ماتيو: «كان للقاؤهما ما يشبه السحر والانبهار. ومنذ النظرة الأولى، علمت أونا بأنها ستحبه وتغرم به، الى اقصى حد ومن غير تفكير منطقي». كذلك كتبت فيكتوريا شابلن: «هو سحرها الى اقصى حد الرومنطيقية وهي وضعت بين يديه كل ما كان يبحث عنه ويفتقده: البراءة، الحماسة، الشباب، وأخيراً الحب الكامل والحقيقي» (...)

كان شابلن قد تطلق من زيجات ثلاث سابقاً: وانتظر ان تبلغ أونا الثامنة عشرة ليتزوجها، وهذا ما حصل في 16 حزيران 1943...)
في سانتا بربارا، استأجر العروسان الجديدان بيتاً ريفياً انيقاً لمدة شهرين: «ستون يوما لشهر عسل ممزوج برومنطيقية مؤثرة ومصنوع من السعادة وبعض القلق والأمل...»


قال شابلن. ومع ان الصحافة تهافتت لتنقل الأخبار غير ان الثنائي عرف كيف يغيب عن الأنظار لتمضي الأيام الجميلة هانئة. غير ان هذا لم يمنعهما من الشعور بالخوف كلما قرع احدهم الباب، لأن كل شيء في ذلك الزواج كان يدعو للقلق: فارق السن بينهما الذي كان بحدود 36 سنة تقريباً، كما ان هوليوود كانت ترى في شابلن صورة الشخصية الاسطورية «اللحية الزرقاء» وشخصية الدون جوان مجتمعين. وكان من الصعب على الصحافة ان تعتبر انها أمام «قصة حب» حقيقية. أما الجماعات المتعاطفة مع الآراء المتطرفة في الفضيلة والأخلاق في أميركا، فقد أصيبت بالصدمة، واعتبرت هذا الزواج بمثابة التحدي. وعلى الرغم من جمالها وشبابها، كانت أونا تظهر غيرتها من وقت الى آخر. وقد سردت بعض القصص صديقتها المقربة كارول ماتو جاء فيها:

«..كنا ذات يوم نتناول الطعام الى مائدة واحدة، عائلة شابلن، زوجي بيل وأنا. وكان شارلي مع زوجي يتذكران علاقات سابقة ومشتركة لهما. كانت أونا تستمع الى الأحاديث بأذن واحدة لأنها كان مضطرة الى مكالمتي وتبادل الأحاديث معي، فقد كان مر وقت ولم نلتق. وفي لحظة معينة، وكنا نأكل ركلني احدهم بقدمه مباشرة على عظمة رجلي الأمامية.

كانت الضربة قوية الى درجة انني لم استطع ان اصدق ان احدهم قد يفعل ذلك. ورحت اتساءل مَنْ مِنَ الضيوف الثلاثة امامي قد تجرأ على ضربي بهذه القوة. ولكن عندما لاحظت ان الجميع بخير وكل واحد منهم يمضي وقتاً ممتعاً قررت عدم السؤال.
ثم، بعد وقت، اقترحت اونا ان نقوم لإعادة ترتيب تبرجنا.

قلت لها بصوت منحفض:
- اشعر بالألم، ولا اعرف اذا كنت سأتمكن من المشي.
- ماذا يجري؟ سألتني.
عندما وصلنا الى الحمامات، امسكت بفستاني الطويل وكشفت عن بقعة زرقاء تماماً تحت ركبتي.
- آه، لا! صرخت أونا. كنت أريد أن أصيب تشارلي وليس انتِ.
- ماذا تقصدين. هل تضعين السكاكين في حذائك.
- يا الهي، كنت غاضبة منه!
- لماذا؟
- ألم تستمعي الى كلامهما؟
- ليس بالتمام!

وأكملت أونا حديثها قائلة:
- كانا يثرثران حول ربيكا ويست، الكاتبة، تعرفينها تلك التي كانت عشيقة هـ.ج. ويلز ويقول عنها شارلي انها كانت مذهلة. هل تتخيلين ان زوجي كان يعترف لزوجك كم كان سهلاً عليه ان يغازلها.؟ وكان شارلي يقول ايضاً: «معها، كان الأمر مثل الكاتو (كعكة الحلوى!) اي لست مجبراً على الدوران من حول السرير نحو اربع ساعات بل على عكس ذلك، ما ان قلت لها «صباح الخير» حتى صارت في جيبي!

ثم تنهدت اونا واضافت:
- كارول لم اتمكن من ضبط نفسي، وفي هذه اللحظة قررت ان اركله. فكيف يتجرأ ان يتحدث عن غرامياته السابقة امامي؟
- كما تعلمين اونا، كان ذلك منذ سنوات. ربما كان ذلك قبل ان تولدي. ولكني اجد الأمر رائعاَ بأنك تغارين.
- اغار؟ وهل تظنين انني اشعر بالغيرة؟ يجب ان تتعرفي الى شارلي في هذا الشأن! انه الرجل الأكثر غيرة والاكثر قلقاً الذي رأيته في حياتي بخصوص هذه الامور.
- اونا، اجبتها، عودي الى الطاولة وقبليه، فهو لم يتلق الضربة. انا تلقيتها وهو لا يعلم حتى بأنك غاضبة.

- كل تلك المومياءات التي نام معها! يا الهي! اشعر بالمرض حين اسمعه يتحدث عنهن. وهل تظنين بأنه لم يتعب بالتفكير فيهن؟ وماذا علي ان افعل حين يسدي الي ضربة مماثلة؟ ان ابقى جالسة هكذا، وبهدوء وأضحك وأجامل؟(...)

(كانت اونا قد تخلت عن كل احلامها في دخول هوليوود. وكل اسبوع، كانت تستقبل في بيتها كل هوليوود: غريتا غاربو، اولييا دو هايلند، هامفري بوغارت، جان فونتين، ايرول فلاين، دايد نيين، فريد ايستير..)

«كانت اونا ترافق شارلي في كل المناسبات مثل غزال صامت... واحياناً، كانت تتابع دروساً حقيقية وجدية في السينما، كان شارلي يعطيها لاصدقائه وكان الأمر ساحراً. ذات يوم، وامام حوض السباحة الخاص بدوغلاس فربانكس، كان الكاتب الدرامي شارلز ماك آرثر يشتكي من كونه غير قادر على كتابة استكتشات كوميدية ساخرة نظرياً، وكان منذ فترة قد احتجب عن برودواي ليكتب سيناريو لفيلم هوليودي.

- وما الذي يزعجك؟ سأله شارلي.
- حسناً. مثلاً، كيف لي ان اجعل المشاهد يضحك حول مشهد امرأة سمينة تنزل الشارع الخامس وفجأة تنزلق بعد ان تدوس قشرة موز على الطريق؟
هذا المشهد هو مبتذل للغاية، قال ماك آرثر، ولكن كيف يمكن ان نبتعد عن الابتذال ونجعله يمتلك بعداً هزلياًَ؟ هل يمكن الحصول على ذلك بتصوير قشرة الموز في البداية، ثم المرأة السمينة المتأنقة تتقدم وتنزلق. او العكس، اي تصوير المرأة ومن ثم قشرة الموز وحادثة الانزلاق في المرحلة الأخيرة؟

- لا هذا، ولا ذاك، قال شارلي من دون تردد. يجب ان تصور المرأة تتقدم، ثم تصور قشرة الموز على الطريق، ثم الاثنين معاً بعدها تقرر بسرعة القفز من فوقها وحين تفعل هذا تختفي ويكتشف المشاهد انها وقعت في صنبور ماء مفتوح، بدا كل شيء منطقياَ للغاية...

عام 1949 كان احدهم ويدعى مارلون براندو وقد نجح في الحصول على دعوة الى احدى تلك السهرات لدى سيسيل.ب.دوميل . في الواقع هو رتب الامر وقبل الدعوة فقط من اجل لقاء شارلي شابلن شخصياً. وحين رأى «الرجل النحيف» جالساً وحده في احدى الزوايا توجه ناحيته وعرف عن نفسه وراح يمدح باعمال هذا الاخير الفنية. لم يكن شابلن مصغياً بالتمام الى مديح براندو.

- انا اعلم، انا اعلم، جميعهم من آنشتاين الى تشرشل يقولون انني عبقري. ولكن هذه الخطابات تجعلني اشعر بالملل. ماذا تفعل انت في الحياة؟ وهل تخدم الحفل هنا؟

- انا مارلون براندو، الممثل. لقد كنت نجم «عربة تدعى اللذة» مسرحية تينيسي وليامز في برودواي.

- لم اسمع يوماً احدهم يتكلم عنك قال شابلن.

- حالياً انا في هوليوود واصور افلاماً اجاب مارلون بحماسة. لكن حلمي الكبير هو ان امثل فيلماً طويلاً الى جانبك. لقد التقيت بوليت غودار. انها فتاة هائلة! وانا آسف لأن حياتكما الزوجية معاً لم تستمر.

- هذا شأن خاص، اجابه شابلن بشكل قاطع.
- اذا، ما رأيك؟ سأله الممثل.
- ما رأيي في ماذا؟ سأل شابلن بدوره.
- في فكرة ان تدير فيلماً من بطولتي.

- سيد براندو قال له شابلن، هذا الامر لن يحصل على الاطلاق، واستدار ليرحل (...).

كانت حياة ناجحة، بالتأكيد، ولكن مع حسابات دقيقة على الصعيد المهني ثم كان المنفى في سويسرا وبعد ان دارت الشكوك حول انسجام شابلن مع الافكار الشيوعية لم يحصل شابلن على تمديد لاقامته في الولايات المتحدة الاميركية: بين 1944 و1962 انجبت زوجته اونا ثمانية اطفال: جيرالدين، مايكل، جوزفين، يكتوريا، اوجين، جان، آنيت وكريستور جايمس. توفي شارلي شابلن في 25 كانون الاول من العام 1977. اما اونا فعاشت بقية حياتها متنقلة ما بين سويسرا ونيويورك وكانت تشعر دوماً بعدم الرضى عن حياتها الوحيدة فغرقت في ادمان الكحول، وكان ادمان الكحول من تقاليد عائلتها «اونيل» :14 عاماً من التشرد والوحدة..)

«لم تكن تتخيل نفسها متزوجة ثانية: «كانت الليدي شابلن يقول احد اصدقائها وكان الوقت قد تأخر لتعود وتغرم من جديد» في بعض الليالي كانت اونا المحبطة والمنهارة تخرج في نيويورك لتمشي بين الشارع 42 وبارك آفينيو. وكانت تنهي مشوارها في مطعم «اويستر بار» حيث تتناول العشاء وحيدة وتشرب الودكا ثم تترك وبسخاء ورقة من فئة المئة دولار للنادل. واحياناً، لتخرج من حالة اليأس والاحباط، كانت تتصل بصديق لها يائس مثلها وكان يدعى ترومان كابوت. وكتبت ابنتها جاين شابلن في يومياتها ما يلي: امي وترومان كابوت، كانا دائماً يلتقيان في نيويورك وكانت صديقتهما المشتركة كارول ماتو تلاقيهما للسهر. وكانت ماتو تقدر ذكاء امي واحساسها المرهف حتى ولو ان امي كانت تعيش بأسلوب محدود: فالاثنتان كانتا تعيشان ازمة الادمان على الكحول ويضيف اليهما صديقهما كابوت الادمان على المخدرات. ومع هذا نجح الصديق كابوت ذات مرة ان يصطحب اونا الى احد المراكز حيث تدور اجتماعات للمدمنين يتحدثون عن تجاربهم بصدق ويتلقون المساعدة. لكن الامر لم يستمر..

وخارج اطار ادمانها الكحول، لم تعد اونا تمتلك اي نشاط لتلتفت بالآخرين. فابتعدت عن اولادها لأنهم كانوا دائماً يطالبونها بالمعالجة من الادمان. وصرحت آني شابلن: «كان لدينا دائما الاحساس بأنها لا تفرح لرؤيتنا. لكن هذا لم يكن صحيحاً. فحين قرأنا مذكراتها بعد موتها، اكتشفنا اعترافاتها وكيف انها كانت تشعر بالحزن كلما غادرناها من جديد. وقالت ايضا في مذكراتها انها كانت ترغب بأن يغادر اولادها حين يكونون من حولها، أما وحين كان يحصل ذلك، كانت تتمنى العكس بعد لحظات».

وفي عيد مولدها الستين، اقامت حفلاً في منزلها في نيويورك. وحين وصل كل المدعوين، حبست نفسها في غرفتها لأنها كانت ثملة للغاية. وحاول بعض اقاربها المساعدة على خروجها لكنهم لم يفلحوا في ذلك. والشخص الوحيد الذي قبلت ان تتكلم معه كان خادمتها الخاصة. وهكذا، كلمة كلمة، نقلت رسالة أونا للمدعوين، وبعد لحظات طويلة خرجت. كانت قد جهزت مسبقاً الطاولة وعليها الكؤوس الكثيرة الجاهزة للشامبانيا. طلبت من النادل ان يفتح الزجاجة، وحين وجدت ان كل الكؤوس قد اصبحت جاهزة، رفعت كأسها وقالت بأنها ستشرب نخباً معيناً:

ـ اليكم جميعاً، يا عائلتي العزيزة.

ثم، وضعت الكأس من يدها على الطاولة، وحملت قنينة ضخمة وقالت مجدداً:
ـ هذا ما اردت ان اقوله، وهذا ما استطيع اخيراً ان اقوله، في عيدي الستين: انا اكره والدي: أوجين اونيل!

ثم، رفعت قنينة الشمبانيا وأفرغت محتواها كله كاملاً..

توفيت اونا في 27 ايلول 1991 في الصباح الباكر: «غابت في لحظة ما بعد منتصف الليل، تتذكر احدى بناتها. وكان الرعد القوي يطلق صداه في تلك الليلة...»

الكلمات المتعلقة