الأقباط متحدون - الذين يطردون هياتم من جنة رضوان
  • ١٣:٥٩
  • الخميس , ٢ اغسطس ٢٠١٨
English version

الذين يطردون هياتم من جنة رضوان

مقالات مختارة | طارق الشناوي

٠٨: ١٠ ص +02:00 EET

الخميس ٢ اغسطس ٢٠١٨

طارق الشناوي
طارق الشناوي

 عندما تتابع (النت) تشعر بأن لدينا آلافا صاروا يُمسكون بمفاتيح العالم الآخر، كأنهم مفوضون من العناية الإلهية بتنفيذ المشيئة، وهكذا اعتبروا الراقصة هياتم مكانها لا محالة جهنم وبئس المصير، ولم يكتفوا بهذا القدر، دعموا موقفهم بعدد من مشاهدها فى الأفلام حتى يصبح هو الدليل القاطع والبرهان الساطع على خطاياها التى لا تغتفر، رغم أنهم كثيرا ما يرددون فى أحاديثهم عمن دخلت الجنة فقط لأنها أطعمت كلبا، أو منحت قطا رشفة ماء.

 
لم تكن تحية كاريوكا تترك فرضا ولا أستطيع أن أحصى عدد المرات التى أدت فيها الحج، وكيف أنها من الممكن أن تستدين لكى تشترى كفنا لإنسان فقير، ولا أنسى مشهدها وهى تذهب للموالد وتوزع الأكل على الفقراء وهم لا يعرفونها، ولكنى أرى أيضا أن أعمالها الفنية التى عاشت معنا حتى الآن ستشفع لها (يوم الدين) فهى صدقة جارية.
 
هل يكفى أن نبتعد عن ارتكاب المعاصى ونتطهر من الدنس، أم للبشر مهمة أكبر؟ الله يريد منا أن ندافع عن الحياة، نعمرها ونواجه من يريدون اغتيالها، دعونا نتذكر توفيق الحكيم فى رائعته (طريد الفردوس).
 
يرحل الشيخ (عليش)، صاحب البركات، فى مشهد عبثى، يتقدم بعد موته بثقة إلى حارس الجنة الذى يؤدى دوره بالصوت عماد حمدى، إلا أنه لا يجد اسمه فى الكشف لأنه لم يفعل شيئا فى حياته يستحق تلك المكانة، يتوجه بثقة لحارس النار فليس أمامه بعد أن طردوه من الفردوس غيرها، ونستمع إلى صوت توفيق الدقن، بسخرية وهو يقول النار ليست مكانا للمبيت لمن يرفضهم حارس الجنة، حتى النار لها مؤهلات لا تتوفر فى (عليش)، عليه إذن أن يعود مجددا للامتحان الصعب للحياة لتحسين المجموع، وبالفعل يتحول إلى علوى النصاب، ويترك توفيق الحكيم النهاية مفتوحة، فلا أحد من حقه أن يحدد مصير البشر، الفيلم برغم توفره على (النت) إلا أن الفضائيات المصرية بسبب الخوف من المتزمتين نادرا ما تعرضه، وتلك قطعا قضية أخرى.
 
البابا فرانسيس (بابا الفاتيكان) جاءه طفل يبكى لأن أباه سيدخل النار فهو لم يؤمن بوجود الله، حضنه البابا وطمنأه قائلا أبوك فى الجنة، لأنه حتى رحيله كان يواجه إحساسا بداخله بإنكار الله، مجرد أنه يواجهه سيدخل الجنة.
 
قال لى المهندس نبيل محمد فوزى إنه التقى الشيخ د. على جمعة، مفتى الديار الأسبق، وقال له يا مولانا أبى سيدخل النار لأنه يحتسى الخمر، فلقد شاهده يُمسك الكأس عشرات المرات، قال له الشيخ الجليل، وما أدراك ربما كان فقط يداعب أصدقاءه، رافعا الكأس، أبوك فى الجنة لأنه أسعد، ولايزال، الملايين، وفى نهاية اللقاء قال له إنه من عشاق صوت فوزى وطلب أغانيه، اعتقد نبيل أن المفتى يقصد أغانيه الدينية فقط، فقال له (أين تملى فى قلبى) و(آه م الستات)، الشيخ الجليل لم يدن أغانى فوزى العاطفية.
 
بيتهوفن وبيكاسو وموتزار وأينشتين والأخوان لو ميير (لويس وأوجست)، مخترعا السينما، وغيرهم، هل كل هؤلاء من الممكن أن تصبح أجسادهم وقودا للنار.
 
أنشأ البعض على النت صورا لمقابر أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم ووضع أصواتا مخيفة، وأضاف ثعبانا أقرع ليبدأ العذاب فور استقرارهم تحت الأرض، وبالطبع من الممكن كلما غادرنا فنان أن نضيف له مقبرة مع الكبار الثلاثة.
 
من أنت حتى تقف على الجنة تؤدى دور عماد حمدى، أو تصبح توفيق الدقن حارس النار؟!
نقلا عن  المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع